أقصى ما يطمح إليه راسمو سياسات الدول هو الوصول إلى السكون المجتمعي ، الذي حتما لا يعني توقف عجلة الإنتاج ، بل يعني كثافة ريع الإنتاج التي تؤدي إلى هناءة العيش
إن مجتمعا محكوما وفق شريعة عادلة ، مجتمع محكوم بالازدهار و الاستمرار ، و بهذا تتوضح المعادلة جلية أمام العيان : ( نظام دقيق منصف ، يقود شعبا مطواعا عن حب لا عن قهر ، ينتج إنتاجا ماديا و إنتاجا روحيا قابلا للنماء ثم للاقتداء )
يا كل الذين يطمحون إلى اعتلاء سدة الوفرة
يا كل الراغبين بالبقاء في قلوب المتبوعين إلى الأبد
هذه هي الخلطة السحرية السرية : احكموا الآخرين بسياسة الياسمين ، كونوا قادة حنان لا قادة طغيان ، تعاملوا مع إنسانية المحكومين ثم مع عقولهم
إن القائد المشغول بجيوب الأتباع ، إن القائد الطامع بالاكتساب من المقودين ، هو مجرد مدير و ليس قائدا ، و هو مدير محدود في نطاق الإدارة ، مكروه من قبل الجميع
أمن الدول الناهضة صعب تحصيله سهلة خسارته ، المواطن المصانة حقوقه مواطن فرحان يشعر بالأمان ، المواطن المسلوب الإرادة مواطن يبغض وطنه لأن وطنه يبغضه
الأمن القومي لأي تجمع بشري هو رغبات صادقات من قلوب القوم أجمعين بتأسيس عقد اجتماعي غير قابل للانفصام مع دوران عجلة الأيام
إذا منح الوطن الدفء النفسي و هواء الحرية و الاحتياجات الأساسية و الكمالية للأفراد ، استقروا فيه و استقر فيهم ، و إن كان الوطن غلّابا ، يسوس الناس بالنار و الحديد ، حاول المواطنون الهروب منه و النزوح حتى عن ذكر اسمه
الدول الآمنة هي دول مكتملة النضج المعرفي ، تعامل الأفراد قياسا إلى كينونتهم البشرية أولا ، ثم اعتبارا إلى قدرتهم على الإنتاج ..
وهكذا فالفرد الصالح هو نتيجة حتمية للوالي الصالح ، و الأمم الضائعة هي أمم مضغت شعوبها ثم لفظتهم إلى العراء
لأمن دول عزيزة مكتملة لا بد من حاكم راجح الوجدان شديد الغفران ، و محكوم مخلص للخالق وفي للمخلوق
تفوق دول هانئة مزدهرة يقتضي أن تنظر الدولة مليا في احتياجات الأفراد لتلبيتها ، و أن ينظر الأفراد في أفضل طرق رفع رأس الأمة التي ينتمون إليها
إن شعبا مقهورا لن يبني حضارة ، بل لن يبني حتى يومه الذي يعيش فيه ، و هكذا يصبح المواطن عبئا على الدولة التي ستفكر دائما بالتخلص منه ، مثلما هو يفكر دائما بالهروب منها ، و لماذا كل هذا ؟ أليس من الأفضل أن يكون التعامل مبنيا على السعادة و السلامة و السكينة ؟
تغوّل الحاكم على المحكوم يهدم الأوطان بعد أن يهدم الإنسان الذي هو أصل كل بنيان …
أمن الدول لن يتحقق إلا إذا ( شبع ) كل فرد من أفراد هذه الدولة ، أعني نال حقه الحقيقي من الغذاء و الدواء و الهواء و الكبرياء ، أما إن نقصت كرامة المواطن في وطنه ، فسيكون هو التهديد لأمن الدولة و ليس العدو الخارجي ….
لا تحولوا مواطنيكم إلى أعداء … استرضوا شعوبكم بإنصافهم … احتموا من طوفان الإنسان إذا شعر بالطغيان عن طريق منحه الأمان ..
ستنهض الشعوب ، ستزدهر الأوطان ، ستكون الدول آمنة مطمئنة إن ساسها ساسة يخافون الله في خلقه ، ستستقر الشعوب، سيعم الخير ، سيكتمل البنيان ، إن رد المواطن صاع الامتنان صاعين لوطنه الأبي الكريم العزيز
أمن الدول مرهون بعدل الحاكم … أمن الدول مرهون بوفاء المحكوم
أمن الدول هدية رب العالمين لكل الأخلاقيين من الحكام و المحكومين
بقلم: د. أحمد طقش