من منا لم تلق على مسامعه عبارة زوجي نكد أو زوجتي نكدة؟ سواء من قريب أو من صديقة أو أخ أو أخت … الخ.
عبارة تحمل الكثير في طياتها، و لكل طرف من أطراف العبارة وجهة نظر مختلفة ، فقد تصادف زوجا يخبرك بمرارة حياته مع زوجته ذات الطباع النكدة ،و أنه يبذل الغالي و النفيس كي يسعد زوجته إلا أنه لا يفلح في جعلها أسعد نساء العالم ، فيطلق على مسامعك تلك العبارة دون تردد (زوجتي نكدة) ، و قد تصادف أيضا زوجة تخبرك أنها تفعل مايفوق مخيلتك ،و أنها تشعل أصابعها شموعا لكي تسعد زوجها الا أنها لا تفلح في جعله سعيدا ،و أيضا تطلق على مسامعك عبارة (زوجي نكد) .
و هذا الوصف لا ينطبق فقط على الأزواج، بل و ينطبق أيضا على مختلف العلاقات طالما أنها بين البشر .
فنحن مخلوقات مترابطة مع بعضها بروابط ايدلوجية و جينية و وراثية أكثر تعقيدا و أكثر عمقا مما نتصور .
و من هنا دعني أقدم لك عزيزي القارئ نصيحة ستخلصك من هذا الصراع الذي يخلقه شريكك النكد داخلك ،مبنية على معلومة صادمة ستجعلك تفسر ما يحدث لنا و من حولنا.
نصيحتي عزيزي القارئ هي أن لا و لا و لا تجهد نفسك أكثر من المعقول في سبيل إسعاد شريكك، فأنت لن تستطيع أن تسعده و لو حملت له المجرة في صندوق مغلف بأكاليل من النجوم .
و السبب الصادم وراء ذلك يختبئ في المعلومة التي أقدمها لك ،وهي أن أي شخص لايستطيع إسعاد آخر بأكثر مما نسبته 10% ، و هذه المعلومة خلصت لها دراسات و بحوث مطولة في هذا الشأن.
و بناءاً على تلك البحوث وضعت معادلة السعادة كما يلي السعادة =الأفعال و الخيارات 40% +الأحوال و الظروف 10% + الجينات 50% .
فجيناتنا تحدد بما نسبته 50% من سعادتنا ، فإذا كان شريكك ذو جينات نكدة فلا تتوقع أن يكون سعيدا بأكثر مما نسبته 10% من عطائك له و العكس صحيح، إن كان شريكك ذو جينات غير نكدة، فسيكون سعيدا سواء منحته نسبه 10% أم لا .
و هذا ما يفسر لنا ظاهرة وجود أشخاص في محيطنا رغم وجود العديد من المثبطات والعوائق و الصعوبات في حياته الا أنه رغم ذلك تجده سعيدا و متقبلا كل ما يحدث له برحابة صدر ، و يعرف كيف يستمتع بكل تفاصيل يومه مهما كانت و تراه دائم الابتسام و الهدوء ، على عكس أولئك الذين يملكون الكثير من مقومات السعادة و الراحة ،إلا أنهم لا يستطيعون رؤيتها ، فجل تركيزهم فقط على النواقص في حياتهم و يرون أن سعادتهم ناقصة و غير مكتملة مهما حصلوا عليه من الحياة و نعيمها .
وفي الحالتين لا ذنب لأحد ،فما نسبته 50% مرتبط بالجينات ليس بالنسبه البسيطة خصوصا اذا ما تم إضافتها إلى نسبة 40% المرتبطة بالأفعال ، و يقصد بالأفعال هنا الاختيارات أي قراراتنا و اختياراتنا في الحياة و التي لا شأن لأي طرف خارجي بها ، فهي مسؤولية الشخص ذاته ، فدورنا في إسعاد غيرنا لا يتعدى ما نسبته 10% و المرتبطة بالظروف و الأحوال.
من هنا يجب أن لا نحمل أنفسنا أكثر من طاقتنا و نشعر بالذنب بسبب قدم قدرتنا على إسعاد من نحب ، فهذا لا يتعلق بنا شخصياً بل بجينات من نحب و باختياراتهم و قراراتهم، فكل فرد مسؤول عن نفسه و حياته و سعادته، و هذا لا يعني أن نتوقف عن تقديم السعادة التي نستطيع لمن حولنا فقط يمكننا أن نكتفي بدورنا الممثل ب 10% بعيداً عن تأنيب الضمير و جلد ذواتنا ،و بعيداً عن انتظار النتائج غير المتوقعة من الآخرين.
و بعد كل ما سبق يمكننا أن نفسر حالاتنا المزاجية و تقلباتنا و تقبلنا أو رفضنا لما نحن عليه و أيضا مصدر ردود افعالنا اتجاه واقعنا، مما يساعدنا على فهم و تقبل و تطويع الأحداث لمساعدتنا في تحقيق أعلى مستويات السعادة و نقبل الذات .
فإذا كانت جيناتنا لا تسعفنا في تحقيق السعادة كما نرغب، فيمكننا أن نركز أكثر على ما نملكه من نسب متعلقة بالقرارات و الاختيارات و أيضا ضبط ردود افعالنا و فتح المجال لمن حولنا ليقدموا لنا دورهم في إسعادنا و تقدير ما يقدموه لنا بكل حب و امتنان.
بقلم: ميساء عواد