تشكل الشراكة الصناعية التكاملية لتنمية اقتصادية مستدامة بين الإمارات ومصر والأردن نقلة نوعية في مسيرة النمو المستدام للقطاع الصناعي بالدول الثلاث، ما يدفع عجلة التقدم نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي والأمن الغذائي والصحي وتكامل سلاسل القيمة وتوفير فرص عمل جديدة تعزز النمو الاقتصادي المستدام.
ويستعرض التقرير، الصادر عن وكالة أنباء الإمارات «وام»، أهداف الشراكة التي ترمي إلى إحلال الواردات وتعزيز نمو الصناعات الحيوية، بناءً على التكامل بين المزايا والموارد والخبرات لدى كل دولة، إضافة إلى تعزيز الشراكات القائمة بين الشركات الرائدة في الدول الثلاث، وتنويع الصناعات، وربطها بسلاسل القيمة المشتركة وخفض تكاليف الإنتاج ورفع القيمة المضافة.
علاقات أخوية
وتأتي الشراكة الثلاثية استمراراً وتعزيزاً للعلاقات الأخوية المتجذرة بين الدول الثلاث وتتويجاً لتاريخ ممتد من العلاقات الاقتصادية والسياسة والاجتماعية المشتركة بين الإمارات ومصر والأردن، بما يسهم في مواصلة استكشاف فرص الشراكة والاستثمار المشترك في المجالات الحيوية ذات الاهتمام الاستراتيجي.
وتعد الشراكة الصناعية التكاملية لتنمية اقتصادية مستدامة بين الدول الثلاث نموذجاً لالتزام دولة الإمارات عقد شراكات نوعية إقليمياً وعالمياً، تماشياً مع توجهاتها بتعزيز دور القطاع الصناعي، وربطه بالتكنولوجيا المتقدمة والاستفادة من المزايا التنافسية والممكنات التي توفرها كل دولة.
وتوفر الشراكة منصة للتعاون المستقبلي وتستند إلى أهمية التكامل وتعزيز الانفتاح وتطوير القطاع الصناعي وتبادل المنافع الاقتصادية والاستفادة من الموارد البشرية والخبرات من خلال إقامة مشاريع صناعية كبيرة مشتركة في أكثر من دولة ما يسهم في زيادة الناتج المحلي الإجمالي وتنويع الاقتصاد في كل دولة ويدعم الإنتاج الصناعي وزيادة الصادرات.
5 قطاعات صناعية
وتتضمن الشراكة، الاستثمار في 5 قطاعات صناعية مشتركة بين الدول الثلاث؛ من أجل تعزيز التنمية الاقتصادية وتحقيق التكامل الصناعي وتكامل سلاسل القيمة بين الإمارات ومصر والأردن إذ تركز الشراكة على مجالات حيوية ومشاريع مبدئية ذات اهتمام مشترك في «الزراعة والأغذية والأسمدة» و«الأدوية» و«المنسوجات» و«المعادن» و«البتروكيماويات».
وتستند الشراكة إلى 5 أهداف استراتيجية مشتركة، تتمثل بالسعي لتحقيق نمو قائم على الاستدامة وتحقيق سلاسل توريد مضمونة ومرنة وتطوير صناعات تنافسية ذات مستوى عالمي وتعزيز قطاعات التصنيع ذات القيمة المضافة وتعزيز نمو وتكامل سلاسل القيمة والتجارة بين البلدان الثلاثة.
مكانة عالمية
وحقق قطاع الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة في دولة الإمارات قفزات نوعية تمثلت بوصول قيمة الصادرات الصناعية الإماراتية إلى 120 مليار درهم بنهاية عام 2021 وهي نتائج تتحقق أول مرة في تاريخ قطاع الصناعة وتزامن ذلك مع تقدم دولة الإمارات خمس مراتب عالمياً في مؤشر الأداء الصناعي التنافسي الذي يصدر عن منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية.
كما وصل إسهام القطاع الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي لدولة الإمارات إلى 150 مليار درهم.. فيما بلغ عدد رخص الإنتاج الصناعي أكثر من 3555 رخصة على مستوى الدولة.
وشهد القطاع الصناعي الإماراتي زيادة في عدد المصانع في 2021، بواقع 220 مصنعاً جديداً مسجلاً لدى الوزارة بدأت الإنتاج فعلياً في الدولة إضافة إلى النجاح الكبير الذي حققه تطبيق «برنامج القيمة الوطنية المضافة» على المستوى الاتحادي وانضمام 45 جهة حكومية و13 مؤسسة وشركة وطنية كبرى إلى البرنامج إذ نجح في إعادة توجيه نحو 41 ملياراً و400 مليون درهم من المشتريات والخدمات إلى الاقتصاد الوطني في 2021 وساعد على تقديم حلول مستدامة للطلب المتنامي على سلاسل الإمداد عالية الكفاءة، ما انعكس بصورة إيجابية في زيادة الطلب على منتجات وخدمات الشركات الإماراتية وفي الترويج لقدرات وكفاءة هذه الشركات إضافة إلى توفير 1000 فرصة عمل نوعية للمواطنين من خلال البرنامج وبرامج تدريب لبناء قدرات الكوادر الإماراتية.
وفي سياق متصل، يعد القطاع الصناعي أحد الروافد الرئيسة للاقتصاد الأردني ويتم العمل على وضع وتنفيذ سياسات اقتصادية تسهم في تعزيز القطاع الصناعي الأردني وتمكينه من الوصول للأسواق غير التقليدية وتعزيز إسهامه في عملية التنمية الاقتصادية المستدامة إذ يسهم في الناتج المحلي الإجمالي بما نسبته 25 % ويحتل المرتبة الأولى بين الدول العربية إذ بلغ الإنتاج السنوي من القطاع الصناعي 25 مليار دولار.
ويسهم القطاع الصناعي في الأردن في تشغيل ما يقرب من 250 ألف عامل في 17 ألف منشأة. فيما بلغت صادرات القطاع الصناعي نحو 8 مليارات دولار، وشكلت الصادرات الصناعية ما نسبته 93 % من إجمالي الصادرات الوطنية في الأردن.
كما تصل الصادرات الأردنية إلى أكثر من 140 دولة حول العالم في حين بلغ متوسط معدل النمو السنوي لصادرات القطاع في العقد الماضي ما نسبته 2.3 %.. كما تقدر حصة القطاع الصناعي في السوق المحلي الأردني بـ43 %.. وشكلت الصناعة 80 % من تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر للمملكة في العقد الماضي.
ويُنتج في المملكة منتجات متنوعة ضمن الصناعات التحويلية المختلفة ومن أهمها الصناعات الدوائية والكيماوية والهندسية والغذائية وغيرها.. فيما تمتلك المملكة خامس أكبر احتياط من الفوسفات في العالم وسابع أكبر منتج للبوتاس وذات ميزة فريدة لمنتوجات البحر الميت.
كما أن الاستثمار في رمال السيليكا في الأردن يعد فرصة استثمارية جاذبة، نظراً لجودته ونقاوته وكمياته الوفيرة ولجدوى استغلاله إذ تدخل السيليكا في عدد من الصناعات كالزجاج والخلايا الشمسية والمنتجات التكنولوجية إذا تم استغلالها بتوفير الاستثمارات التكنولوجية المتقدمة المطلوبة ما سيسهم في بناء صناعات متقدمة وتنافسية علماً أن مخزون الأردن من رمال السيليكا يزيد على 20 مليار طن.
وحقق قطاع الصناعة المصري قفزات وطفرات غير مسبوقة تمثلت بالعديد من المؤشرات الإيجابية في 2021 وهي تحقيق معدل نمو صناعي 6.5 % في العام المالي 2020/2021، كما بلغ إسهام الناتج الصناعي نحو 17 % في الناتج المحلي الإجمالي كما أسهم قطاع الصناعة في توفير الآلاف من فرص العمل في عام 2021 وذلك على الرغم من الظروف والتحديات الصعبة التي واجهها الاقتصاد العالمي. وبلغ الناتج المحلي الإجمالي للاقتصاد المصري 394.3 مليار دولار في «2021» وبلغت نسبة الزيادة في نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي 6.8% وحقق الاقتصاد المصري معدل نمو بنسبة 9 % في النصف الأول من العام المالي 2022/2021.
وبلغت قيمة الناتج الصناعي 982 مليار جنيه في «2020/2021»، بما تمثل نحو 15 % من الناتج المحلي الإجمالي، وبلغت قيمة الاستثمارات الصناعية 48.8 مليار جنيه، بما يعادل 5.9 % من إجمالي الاستثمارات العامة، فيما بلغت نسبة العمالة في القطاع الصناعي 28.2 % من إجمالي العمالة المصرية، بينما بلغت قيمة الصادرات السلعية 32.34 مليار دولار في 2021 بزيادة 27 %. ويستند قطاع الصناعة المصري إلى قاعدة صناعية متنوعة تتضمن أكثر من 120 منطقة صناعية موزعة على مستوى الجمهورية إضافة إلى منظومة مجمعات صناعية متخصصة تتضمن 17 مجمعاً صناعياً بـ15 محافظة على مستوى الدولة المصرية بإجمالي 5046 وحدة صناعية توفر نحو 48 ألف فرصة عمل مباشرة.
قلعة صناعية
وبذلك، تدشن دولة الإمارات عصراً صناعياً جديداً، قوامه التكنولوجيا المتقدمة وتوظيف الموارد والقدرات وتعزيز الشراكات الدولية والإقليمية ودفع الجهود لبناء قلعة صناعية شرق أوسطية متطورة ومنافسة، من خلال الشراكة الصناعية التكاملية لتنمية اقتصادية مستدامة مع مصر والأردن، والتي تعد ذات 3 مرتكزات أساسية في ثلاث عواصم عربية، أبوظبي وعمّان والقاهرة.
وتعمل الدول الثلاث من أجل تطوير صناعات تنافسية ذات مستوى عالمي، وتحقيق سلاسل توريد مضمونة ومرنة، وكذلك تحقيق نمو قائم على الاستدامة، وتعزيز تكامل سلاسل القيمة والتجارة بين الدول الثلاث، وصولاً إلى تعزيز قطاعات التصنيع ذات القيمة المضافة بما يسهم في استدامة النمو الاقتصادي.
وتعكس الشراكة حرص الإمارات على تعميق علاقات الأخوة والشراكة وتعزيز أسس التنمية المستدامة والازدهار في المنطقة، من خلال قطاع صناعي متنوع ومستدام يعتمد على مشاريع صناعية نوعية في 5 مجالات تعزز النمو الاقتصادي، وتدعم تبادل الخبرات، وتعمق التكامل بين المزايا الفريدة لدى كل دولة على صعيد تعزيز الأمن الغذائي والدوائي وتكامل سلاسل القيمة وتطوير المزيد من الصناعات المشتركة في المستقبل. وتمثل الإمارات ومصر والأردن نسبة 25 % من إجمالي الناتج المحلي بمنطقة الشرق الأوسط وشمالي أفريقيا، بقيمة تبلغ 765 مليار دولار سنوياً، كما تشكل الدول الثلاث نحو 26 % من تعداد سكان المنطقة إذ يصل عدد السكان إلى 122 مليون نسمة من المستهلكين، فيما ستحظى الكتلة التجارية للدول الثلاث مع العالم بالمرتبة 14 من ناحية قيمة الصادرات والواردات بواقع 6 مليارات دولار. كما تمثل الشراكة دعوة مفتوحة من الإمارات لدول العالم للشراكة على الصعيد الصناعي، في سياق التكامل بين الدول وتعزيز جهود التعاون الدولي بهدف بناء مستقبل مشرق ومزدهر على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي، واستثمار الفرص المستقبلية العديدة والواعدة، انطلاقاً من إيمان دولة الإمارات الراسخ بأن تسريع النمو والتقدم يحتاج إلى تضافر الجهود وتوفير منظومة صناعية فعالة ومتكاملة.
5 أهداف استراتيجية
بينما تستند الشراكة بين الإمارات ومصر والأردن إلى تحقيق 5 أهداف استراتيجية تتمثل بـ«تطوير صناعات تنافسية ذات مستوى عالمي، وتحقيق سلاسل توريد آمنة ومرنة وتحفيز النمو القائم على الاستدامة، ودعم نمو وتكامل سلاسل القيمة والتجارة بين الدول الثلاث وتعزيز قطاعات التصنيع ذات القيمة المضافة». ويواصل قطاع الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة في الإمارات مسيرة النمو المستدام والتطور وتحقيق الإنجازات وإبرام الشركات الدولية والإقليمية، استناداً إلى رؤى وتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، الذي أكد أن «استراتيجية الصناعة تمثّل نقلة تنمويّة نوعيّة في تمكين المنظومة الصناعيّة الوطنيّة لتكون دعامة رئيسة من دعامات اقتصادنا الوطني، وهي تُجسِّد اهتمام الدولة بقطاع الصناعة كونه أحد أهم محركات الاقتصاد الوطني في الخمسين سنة المقبلة ومصدراً أساسيّاً لتنويع الدخل وخلق الوظائف وتحقيق استدامة التنمية».