تحيي دولة الإمارات اليوم «يوم زايد للعمل الإنساني» الذي يصادف 19 رمضان من كل عام الموافق للذكرى الثامنة عشرة لرحيل مؤسس الدولة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه».
وتحرص الإمارات منذ رحيل المغفور له الشيخ زايد على إحياء هذه المناسبة وفاء وتخليداً لإرث القائد المؤسس، وتأكيداً على مواصلة نهجه في العطاء ومد يد العون لجميع الدول والشعوب بدون تمييز أو تفرقة. ويعد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الأب المؤسس لاتحاد دولة الإمارات، وباني نهضتها، قائداً فذاً وملهماً حقيقياً، ركز على بناء المجتمع المتلاحم من خلال الاهتمام ببناء الإنسان وتمكينه، وصنع تاريخاً حافلاً بالإنجازات رسم مستقبل دولة الإمارات.
وواجه تحديات صنعت المستحيل، وقدم نموذجاً مشرفاً للمواطن الإماراتي في المحافل العربية والدولية، وسارت القيادة الرشيدة على نهج الشيخ زايد في بناء الدولة وكان هذا النهج بمثابة ركيزة للانطلاق نحو المزيد من التطور والإنجازات لصالح الأجيال القادمة، بما يرسخ أركان الاتحاد، وبناء اقتصاد مستدام وتعزيز تنافسية الدولة عالمياً. ومثل هذا النهج رؤية استشرافية واللبنة الأساسية في مواصلة مسيرة التنمية وتحقيق طموحات الإمارات قيادةً وشعباً، والبناء على ما تم تحقيقه في الخمسين عاماً الماضية، وتمكين الدولة من الوصول إلى رؤيتها العالمية في الوصول إلى المراكز الأولى خلال الخمسين عاماً المقبلة.
دور قيادي
في عام 1971، قاد المغفور له الشيخ زايد، بالتعاون مع المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، حاكم إمارة دبي آنذاك، جهود تأسيس دولة الاتحاد التي رأت النور في ديسمبر عام 1971 في ظل ظروف صعبة للغاية، وتقديراً لجهوده ودوره القيادي وحنكته، اختار أصحاب السمو حكام الإمارات الشيخ زايد لرئاسة دولة الإمارات، ليصبح بذلك أول رئيس للدولة، وهو المنصب الذي أكسبه لقبه الدائم «الأب المؤسس».
ومنذ بداية تأسيس الدولة الاتحادية، انطلقت عجلة العمل بواحدة من أضخم عمليات التنمية التي شهدتها المنطقة، وأعلن الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، منذ الأيام الأولى لتوليه مقاليد الحكم عن تسخير الثروات من أجل تقدم الوطن ورفع مستوى المواطنين، إذ قال: «إننا سخرنا كل ما نملك من ثروة وبترول من أجل رفع مستوى كل فرد من أبناء شعب دولة الإمارات، إيماناً منا بأن هذا الشعب صاحب الحق في ثروته وأنه يجب أن يعوّض ما فاته ليلحق بركب الحضارة والتقدم».
تمكين المواطنين
وقاد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، بناء نهضة دولة الإمارات وسخر جميع الإمكانيات لتمكين أبناء الإمارات وتوفير الحياة الكريمة لهم، وأدرك أهمية بناء خيوط الثقة من خلال التفاعل الشخصي مع كافة المواطنين من أجل تعزيز الانسجام الداخلي والتماسك والتلاحم الوطني بين أبناء شعبه، وكان قريباً منهم وحرص على اللقاءات والاجتماعات مع المجتمع المحلي.
وكلف حكومته ببناء وتعزيز قدرات الدولة في مجال الصحة والتعليم والعدالة والرعاية الاجتماعية، وتوفير الفرص لجميع مواطني الدولة من أجل أن يكون لهم دور فعال في نجاح الأمة، وآمن الشيخ زايد ببناء الإنسان، باعتباره محور أي عملية حضارية وتنموية وأساس تقدمها، وأن النهضة الحقيقية للأمم لا تقاس بما تملكه من ثروات مادية، وإنما برصيدها من رأس المال البشري، واهتمامها ببناء الإنسان، وتعليمه، وإسعاده، ليكون قادراً على قيادة الحاضر والمستقبل، والنهوض بالوطن ومواصلة مسيرة التنمية، وباتت هذه الفلسفة نهجاً تسير عليه دولة الإمارات، وحققت الدولة إنجازات مميزة في شتى المجالات مما جعلها محط أنظار العالم، وتصدر بناء الإنسان أولويات المغفور له الشيخ زايد الذي أدرك في وقت مبكر من قيام الاتحاد، أن بناء الأوطان يبدأ من بناء الإنسان.
فعمل على بناء المجتمع الإماراتي من خلال بناء الإنسان، باعتبار أن المواطن يشكل الثروة الحقيقية للدولة، فاستثمر في أبناء الإمارات وعمل على رعايتهم وتوفير كل السبل لتمكينهم، وأثمر هذا البناء في تصدر الإمارات المؤشرات العالمية.
استشراف المستقبل
ونجح الشيخ زايد، في استشراف مستقبل الإمارات وعمل على بناء اقتصاد قوي ومتماسك مما وضع الإمارات في مصاف الدول المتطورة اقتصادياً في المنطقة، وباتت الدولة بفضل رؤيته الثاقبة، بحسب كثير من التقارير الدولية المرموقة، أهم مركز مالي واقتصادي في المنطقة. وانعكس ذلك في مستوى معيشة المواطنين ك.
ما حرص الشيخ زايد بحنكته على وضع سياسة متوازنة لدولة الإمارات تستمر إلى يومنا هذا، مبنية على أسس سياسة خارجية متميزة تتسم بالحكمة والاعتدال، ومناصرة الحق والعدالة، وتغليب لغة الحوار والتفاهم في معالجة كافة القضايا، واكتسبت الإمارات احتراماً واسعاً على المستويين الإقليمي والدولي بفضل نهج الشيخ زايد، الذي حظي بمكانة رفيعة المستوى عند جميع القادة العرب، وهذا ما مكنه من القيام بدور الوسيط بينهم في أكثر من مناسبة، كما كانت مواقفه المشرفة والأصيلة حاضرة في كل مناسبة.
كما أكسب المغفور له الشيخ زايد، رحمه الله، الدولة سمعة عالمية متميزة في العمل الإنساني والخيري من خلال دعمه القضايا الإنسانية في جميع أنحاء العالم، وهو النهج الذي ما زال قادة الدولة يسيرون عليه حتى يومنا هذا، وبات هذا النهج جواز عبور أبناء الإمارات ممهوراً بالمحبة والاحترام والتقدير في جميع أنحاء العالم.
وعلى مدار الخمسين عاماً الأولى من تأسيس دولة الإمارات كان نهج الشيخ زايد بوصلة رسم وصناعة مستقبل الإمارات، واستطاعت الدولة أن تنتقل من الصحراء إلى الفضاء بهمة أبنائها وطموح الشيخ زايد الذي كان يعانق السماء لتسجل الدولة خلال أعوام طويلة ماضية إنجازات مبهرة من خلال الخطط والرؤى والاستراتيجيات التنموية طويلة الأمد التي تبنتها وحققتها خلال مراحل مختلفة من تاريخها.
وأصبحت واجهة عالمية لأصحاب الطموحات والأفكار المبتكرة والتجارب الريادية والإنجازات المتميزة، من مختلف بقاع العالم وباتت الإمارات وطناً للفرص، وبلداً آمناً للأعمال والاستثمار، يحتضن المعرفة والابتكار، واليوم تواصل القيادة الرشيدة نهج الشيخ زايد، في استشراف المستقبل والمساهمة في صنعه وفتح أبوابه في العقود القادمة مستندة إلى قاعدة صلبة وبثقة وإرادة وإصرار بهدف بلوغ طموحاتها وتحقيق رؤيتها المستقبلية.
بالنظر إلى دولة الإمارات بين الأمس واليوم، وكيف كانت بدايات التأسيس صعبة ومليئة بالتحديات، وكيف أصبحت الدولة اليوم في مصاف الدول المتقدمة في العديد من المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية، ندرك أن الدولة حظيت بقيادة استثنائية عرفت كيف تتعامل مع تحديات التأسيس وتحصين الاتحاد، والانطلاق نحو آفاق من العمل والإنجاز في نموذج قل نظيره في التاريخ الحديث، قاده المغفور له الشيخ زايد، رحمه الله، الذي زرع العطاء والتميز في نفوس أبناء الإمارات.
ومع دخول الخمسين عاماً المقبلة تستلهم القيادة الرشيدة من فكر ورؤى المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، المحافظة على المكتسبات والإنجازات التي حققتها الدولة في الفترة الماضية، لمواصلة مسيرة التنمية وتحقيق طموحات الإمارات قيادةً وشعباً في الاستثمار بالإنسان المبدع والمنتج، والمضي قدماً في رحلة تنموية رائدة للسنوات الخمسين المقبلة في القطاعات الحيوية كافة.
يقول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، «إنه في الخمسين الماضية بدأنا من صحراء الإمارات ووصلنا إلى صحراء المريخ وفي الخمسين المقبلة ستكون أحلامنا أكبر».
مواصلة البناء
وتواصل حكومة الإمارات رحلة البناء والتطوير وصياغة استراتيجيات ذكية وتخطيط استباقي يلبي تطلعات أبناء الإمارات ويتماشى مع معطيات ومتغيرات كل مرحلة والعبور إلى المستقبل من خلال وضع الاستراتيجيات وخطط العمل التي تلبي طموحات الإمارات وتعزيز مكانتها في التنافسية العالمية، إذ يؤكد ذلك صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بقوله:
«إن دولة الإمارات تتطلع إلى المستقبل وتنظر بكل فخر وتقدير إلى الآباء ومن أسسوا دعائم الاتحاد، وشيدوا من نسيج الوحدة صرحاً نفخر بالانتماء إليه ونبذل كل ما في وسعنا لتحقيق رفعته وصون مكتسباته».
مسيرة تنموية
مسيرة المغفور له الشيخ زايد حافلة بالعطاء حيث أثمرت منجزات تنموية يشهد لها العالم أجمع، وتجربة اتحادية رائدة جسدت قيم التفاهم والتنسيق على المستويين الاتحادي والمحلي، وعززت من قيم العمل والعطاء والمشاركة، كما عمقت مشاعر الفخر بالوطن، ووثقت الانتماء الخليجي والعربي، وأرسى الشيخ زايد، رحمه الله، قواعد راسخة في مسيرة بناء الدولة وتمكين أبنائها وتواصل القيادة الرشيدة هذه المسيرة في تمكين الإنسان، وتعزيز الاقتصاد المعرفي.