يصادف اليوم الذكرى السنوية الأولى لوفاة المغفور له بإذن الله الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم، طيب الله ثراه، الذي تولى حقيبة وزارة المالية على مدار 50 عاماً نجح خلالها في تحقيق نجاحات وإنجازات ضخمة كانت بمثابة شواهد حية على فكره الثاقب لإرساء دعائم المسيرة التنموية الشاملة للدولة من خلال مسيرة حافلة بالإنجازات المشرقة والجهود المخلصة، التي عززت من الدور الذي تضطلع به وزارة المالية في المجالات المالية والاقتصادية واستدامة الموارد المالية الاتحادية وخطط التنمية وتعزيز مكانة الدولة على خارطة التنافسية والعلاقات المالية والاقتصادية العالمية، وتوطيد البنية التشريعية المالية للدولة وتطوير القوانين والتشريعات التي ترتقي بمكانة الدولة في المحافل الدولية.
وكان للمغفور له مساهمات محورية في مسيرة رسم وتطوير السياسات المالية لدولة الإمارات منذ تأسيس الاتحاد، لتلبي متطلبات النمو الاقتصادي والاجتماعي المستدام، والارتقاء بفعالية التخطيط المالي والتنفيذي للميزانية الاتحادية، وتوحيد السياسات، وتوجيه الإنفاق العام لدعم القطاعات الحيوية اقتصادياً، حيث وجه المغفور له بالعمل لتطوير كفاءة الإدارة النقدية عبر التوجه للميزانية الصفرية ومبادئ المحاسبة على أساس الاستحقاق، إلى جانب التركيز على تنمية وضمان استدامة الموارد المالية للحكومة الاتحادية، وتحفيز عملية التنمية المستدامة ضمن كافة القطاعات الحيوية.
وأسهمت جهوده المخلصة، في تحقيق إنجازات غير مسبوقة بالقطاع المالي والاقتصادي، وسارت بخطى واثقة وهمة عالية نحو بناء المستقبل المستدام بفضل الفكر الاستراتيجي العميق، فاعتمدت وزارة المالية خطة استراتيجية واقعية وطموحة، طوعت فيها كل إمكاناتها لأداء جميع المهام والخدمات طبقاً لأفضل الممارسات وأرقى المواصفات، واضعة في اعتبارها أهمية ومركزية خدمات المتعاملين على اختلاف فئاتهم من دون أن تنسى تأثير التغيرات الإقليمية والدولية على الوضع المالي والاقتصادي.
استقرار مالي
ونجحت وزارة المالية تحت قيادته في مواصلة مساعيها لتطوير النظام المالي الاتحادي وفق استراتيجية واضحة المعالم ترتكز على اعتماد أفضل الممارسات في إدارة المالية العامة، لتعزيز كفاءة الخدمات المقدمة، وهو ما أسهم في زيادة ثقة المتعاملين ورفع من مستوي رضاهم، ودعم النموذج الاقتصادي المالي الرائد الذي تتمتع به دولة الإمارات، كما عملت الوزارة على تحقيق أهدافها الاستراتيجية، والتي تتمحور ضمنها جميع المشاريع الخطط والمبادرات المرتبة بالعمل المالي الحكومي، وتشمل تعزيز التخطيط المالي للحكومة الاتحادية واستدامة المالية العامة، ورفع كفاءة وفعالية تنفيذ الميزانية وإدارة المركز المالي والتدفقات النقدية للحكومة الاتحادية.
واستطاعت وزارة المالية تأكيد كفاءتها في تأدية مهامها من خلال حفاظها على الاستقرار المالي للدولة على الرغم من تحديات الاقتصاد العالمي والتوترات الجيوسياسية التي تشهدها المنطقة وتضاعف حجم الميزانية العامة للاتحاد عشرات المرات في مؤشر واضح يدل على نجاح الوزارة في إدارة التدفقات النقدية وتوفير السيولة اللازمة لتلبية متطلبات الجهات الاتحادية لتمويل مشروعاتها وتنفيذ برامجها وأهدافها الاستراتيجية.
سياسات فعالة
وعكست توجيهاته، رحمه الله، رؤية القيادة الرشيدة وتوجيهاتها المستمرة بتبني سياسات مالية فعالة في الحكومة توازن بين متطلبات التنمية والرخاء للمواطنين والمقيمين، فاعتمدت وزارة المالية توجهاً استراتيجياً يقوم على تطويع كل إمكاناتها لأداء مهامها طبقاً لأفضل الممارسات العالمية، وعملت على رفع فعالية وكفاءة أدائها من حيث التخطيط وتقديم الخدمات وأنظمة العمل المالي وتطوير التشريعات والقوانين والنظام الضريبي.
وقامت منظومة العمل المالي الحكومي، تحت قيادته، بدور محوري في إدارة وتعزيز وتنويع الموارد المالية، وتطبيق مؤشرات الحوكمة والتخطيط الاستراتيجي، ورسم السياسات الحكيمة وتوفير موازنات تتيح لجميع الجهات الحكومية تحقيق خططها الاستراتيجية، لتحفيز قطاعات الأعمال ودفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة.
فعالية الإنفاق الحكومي
ومن بين إنجازات المغفور له بإذن الله، تشكيل مجلس تنسيق السياسات المالية الحكومية للإشراف على البيانات المالية وإعداد السياسات المالية الحكومية، كما عمل على تطوير كفاءة الإدارة النقدية وفعالية الإنفاق الحكومي وتوجيهه لدعم القطاعات الحيوية، كما أسهم في تعزيز توقيع الاتفاقيات الضريبية للدولة وتبادل المعلومات الضريبية وإبرام اتفاقيات حماية وتشجيع الاستثمار.
ووجه الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم بالعمل على تنمية وضمان استدامة الموارد المالية للحكومة الاتحادية من خلال تنويع مصادرها، كما وجه بتطوير منظومة التشريعات المالية الصحيحة والمنظمة للقطاع المالي في الدولة، وعمل أيضاً على تعزيز تنافسية الدولة وتحفيز عملية التنمية المستدامة.
تضاعف الميزانية
أسهم المغفور له الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم، طيب الله ثراه، في رفع فعالية التخطيط المالي والتنفيذي للميزانية الاتحادية فتضاعفت أكثر من 300 مرة منذ أن حمل على عاقته مسؤولية تطوير القطاع المالي والاقتصادي في الدولة مع شغله منصب وزير المالية في أول حكومة اتحادية في تاريخ الدولة.
ونجحت وزارة المالية تحت قيادة المغفور له الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم، من تحقيق نقلة كمية ونوعية في قيمة وأنظمة إعداد الميزانية الاتحادية فحلقت بنسب نمو قياسية في قيمتها لتنتقل من حسابات الملايين، حيث بلغت 200 مليون درهم في عام 1972، إلى عالم المليارات، بعدما بلغت الميزانية العامة للاتحاد 58.1 مليار درهم للسنة المالية 2021، ليناهز بذلك مجموع الميزانيات المالية الاتحادية للإمارات، ما يربو على تريليون و268 مليار درهم خلال 49 عاماً.
قفزات متتالية
وفي الوقت الذي تشهد فيه الميزانية الاتحادية، قفزات متتالية كبرى، عاماً تلو الآخر، كان القاسم المشترك بين الميزانيات التسع والأربعين، التركيز المتواصل على تحقيق الحياة الكريمة للمواطنين والمقيمين، حيث أولت اهتماماً كبيراً بالقطاعات ذات العلاقة المباشرة بالمواطنين وخدماتهم.
وعلى مدار تاريخها، شهدت الميزانيات الاتحادية تطوراً متواصلاً في الأداء، والإعداد بشكل منهجي، تحت قيادته، وذلك بهدف تحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية في الدولة، وبما يرتقي بالأداء المالي للجهات والهيئات الاتحادية، وفقاً لأفضل الممارسات العالمية، حيث نجحت في تقديم ترجمة واضحة لاستراتيجية وخطة الدولة الطموح، الرامية إلى التطوير والتحديث على مختلف الأصعدة.
ميزانية البنود
وكانت البداية في مطلع السبعينات من القرن الماضي، وتحديداً عام 1972، مع تطبيق ما عرف بـ «ميزانية البنود»، والتي يتم من خلالها تحديد أنواع وأحجام النفقات، لتقابلها اعتمادات لكل بند من بنود الميزانية، دون ربطها بالأهداف المطلوب تحقيقها.
وانتقلت وزارة المالية، بقيادة وإشراف الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم، في إعداد الميزانية الاتحادية إلى «ميزانية البرامج والأداء» سنة 2001، مروراً بـ «الميزانية متوسطة المدى لـ 3 سنوات»، بدءاً من 2008 إلى الميزانية الصفرية متوسطة المدى، في عامي 2011 – 2013، وفقاً لمبادئ «الميزانية الصفرية»، التي تحدد الأنشطة والخدمات مقابل تكلفة كل منها، ما يعني أفضل توظيف للموارد والنفقات، وصولاً لتحقيق أفضل النتائج إلى التصنيف الوظيفي والنظام الآلي سنة 2014، وصولاً إلى الميزانية الصفرية الخمسية 2017 – 2021.
وجاء الهدف الأساسي من تطوير عملية إعداد مشروع الميزانية، في شكل خطط دورية كل خمس سنوات، في تطوير مستوى الخدمات الاجتماعية، والتركيز على رفع مستوى الخدمات الحكومية الذكية، وزيادة نسبة رضا المتعاملين، تجاه جهود الحكومة الاتحادية في توفير الرفاهية والرخاء والسعادة والأمن.
قوانين وتشريعات
اهتم المغفور له خلال توليه حقيبة المالية على مدار السنوات الماضية بتعزيز المنظومة التشريعية المالية والاقتصادية في الدولة، عبر إطلاق قوانين وتشريعات تدعم التنمية المستدامة وتوفر بنية تشريعية مرنة تسمح بحماية أصول المستثمرين.
ومن بين القوانين والتشريعات التي أقرت خلال السنوات القليلة الماضية قانون «الإعسار» لتنظيم حالات إعسار الشخص الطبيعي، بهدف تعزيز تنافسية الدولة في مجال سهولة ممارسة الأعمال ومساعدة المدين في تسوية التزاماته المالية، وحماية غير القادرين على تسديد ديونهم من الإفلاس، والقانون الاتحادي بشأن «العهدة»، الذي يسهم في الحفاظ على رؤوس الأموال واستثمارها داخل الدولة واستقطاب الاستثمارات الأجنبية، إضافة إلى قوانين أخري مثل «الدين العام» و«التأجير التمويلي» و«ضمان الحقوق في الأموال المنقولة» و«الإفلاس».
تعاون خليجي
امتدت الأيادي البيضاء للمغفور له بإذن الله الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم، لتترك بصماتها في رحلة تحقيق التكامل الاقتصادي الخليجي، فترك بصمات مهمة في مجال توطيد أواصر التعاون الخليجي، كما حرص على ضرورة تمثيل الوزارة لدولة الإمارات في المحافل والفعاليات والمؤتمرات الإقليمية والدولية ذات العلاقة بالمجال المالي.