أجواء الحرب العالمية لا تزال تُخيّم على الإتحاد السوفييتي حين عاد ( الأب ) بعد علاجه من إصابته في ميدان المعركة، لا تزال رائحة الموت في أنفه ولا يزال شبحه يحوم حوله ولا يصدق أنه سيخطو بأقدامه أخيراً أرض منزله، كان ينتظر لقاء زوجته بفارغ الصبر ، لكن ما لم يحسب له حساباً هو أن اللقاء ربما مضى موعده وانتهى ، فما شاهدته عيناه حين عاد إلى بيته لم يكن يتخيله أبداً ، كان مشهداً فاصلاً في حياة رجل سيكتب التاريخ أن رد فعله فيه كان سبباً في أن يعرف لاحقاً كوالد لأحد أشهر رؤساء بلاده عبر عصورها، ضمن 28 شخصاً كونوا مجموعة للمقاومة الروسية ضد الألمان كان هو ، اسمه بوتين ، اسم لم يكن يعلم حينها أن ابناً له سيحمله ويقود أمته بأكملها، كانت الحرب العالمية الثانية على أشدها، حصار ليننجراد سيظل محفوراً في ذاكرة الروس وفي كتب تاريخهم كلحظات فارقة مرت ببلادهم في الحرب العالمية الثانية، لكنه سيظل في ذاكرة عائلة ” بوتين ” لسبب آخر، ففي وقت الحصار ولد شقيق رئيس روسيا الأكبر …. ومات .
كانت البلاد تمر بمرحلة كارثية وعليه فحين شعرت زوجة بوتين الأب بآلام الوضع كان عليه أن يعطيها حصتها في الدواء سراً ، لكن الطفل لم يكن بصحة جيدة ليدرك الأطباء مصيره لم يكن سيعيش كثيراً ، أخذت الدولة ابن ” بوتين ” الرضيع ووضعوه في منزل للحضانة قبل إجلائه لمكان آخر، إلا أنه لم يعش حتى ذلك الحين ففارق الحياة متأثراً بمرض الدفتيريا.
لم تنته مآسي الحرب العالمية الثانية بالنسبة لعائلة ” بوتين ” برحيل طفلهم الرضيع، لا يزال الأب مصاباً نتيجة استقرار شظايا إحدى القنابل اليدوية في قدمه ويعالج في المستشفى، والأم عادت وحدها إلى منزلها بعد أن فقدت ابنها ومرت الأيام ومرضت الأم الوحيدة بشدة واجتمعت آراء الأطباء على أنها ستموت، ولأن الوضع في الإتحاد السوفييتي كان لا يحتمل علاجاً لحالات ميؤوس منها ، فقد حملها الأطباء ووضعوها ضمن جثث الموتى لنقلهم جميعاً إلى المقابر لدفنهم، لكن الصدفة تلعب دورها مجددا في حياة أسرة كُتب أن يُخلّد اسمها في التاريخ، فقد شُفي ” بوتين ” الأب وعاد في اللحظة الأخيرة ، كما لو أنه مشهد في أفلام السينما الأمريكية، ليرى زوجته وسط الجثث، اقترب خطوة من زوجته ، لكنها لا تزال تتنفس، حملها بوتين من وسط الجثث صارخاً للأطباء ” لا تزال حية … لا تزال حية … ” ، أعاد بوتين زوجته إلى المنزل واهتم بها لتعيش لسنوات وسنوات ، بعد ذلك وُلد طفلاً اسمه ” فلاديمير ” كوالده فلاديمير بوتين ، الذي أصبح اليوم رئيساً للجمهورية الروسية ، وواحداً من أقوى الرجال في العالم مثلما أطلقت عليه مجلة فوربس.
منذ تفكك الإتحاد السوفييتي عام 1991 ، اتجهت أنظار الدول نحو الغرب بما فيهم روسيا، أملاً في تحقيق النجاح الذي فشلت في تحقيقه التجربة الاشتراكية، إلا أن النجاحات التي تحققت لروسيا، خاصة بعد تولي الرئيس ” فلاديمير بوتين ” السلطة في روسيا عام 2000 ، بعد استقالة بوريس يلتسن المفاجئة، ولوصول ” بوتين ” إلى الحكم والذي أحيا الأمل لروسيا بالعودة إلى مكانتها السابقة كقطب دولي مهم ، مع الحفاظ على تحالفاتها القديمة لمن يمكن أن تعدهم حلفاء مساندين بوجه أطماع التمدد الغربي ، الذي يهدد مناطق نفوذها في حين استمرت الرغبة في الانضمام إلى الإتحاد الأوروبي لدى شركائها في الإتحاد السوفييتي السابق ومنهم أوكرانيا، حالة أدت إلى نشوب تقاطعات بين الطرفين الروسي- الأوكراني، مع تفاقم الأزمة بينهما، بالرغم من وجود تاريخ حافل بالأحداث المشتركة بينهما إلى جانب المصالح الاستراتيجية السياسية والإقتصادية، فقد أصبحت أوكرانيا مركزاً للصراع بين الشرق والغرب.
حيث يُعد الصراع بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا أحد أسباب اندلاع الأزمة الأوكرانية من جديد ، حيث تتعدد أطماع الدولتين حول أوكرانيا مما يجعلها الضحية الأبرز داخل هذه الأزمة حيث تسعى كل منهما لتحقيق مصالحها على حساب الأخرى بالإضافة إلى أن واشنطن تخشى من ضم أوكرانيا للأراضي الروسية حيث تعد أوكرانيا بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية منطقة نفوذ وليست منطقة أمن قومي دائما ، في الوقت الذي تنظر فيه الولايات المتحدة إلى ضم موسكو لبعض مناطق السيادة الأوكرانية، بمثابة زيادة النفوذ الروسي على الساحة الدولية مرة أخرى، إذ ينظر إلى التوترات الروسية الأمريكية بشأن التصعيد ضد أوكرانيا بمثابة حرب باردة بينهم في ظل استمرار هذه الأزمة فرضت واشنطن مجموعة من العقوبات الاقتصادية والدبلوماسية على روسيا المتهمة ” بزعزعة الاستقرار الدولي ” ، باعتبار أن هذه العقوبات ستحمل الاقتصاد الروسي ضغوطاً إضافية.
– الأهمية الاستراتيجية لأوكرانيا :
تعتبر أوكرانيا منطقة ذات أهمية بالغة لروسيا، وبعيداً عن الأهمية الاقتصادية والتاريخية ، فإن الأهمية الجيوسياسية تتصدر سقف تطلعاتها للحفاظ على الأمن القومي الروسي ، فجغرافيا أوكرانيا تقع بين روسيا وعدد من حلف الناتو ، ولهذا تجد موسكو أن أوكرانيا منطقة ذات أهمية جيوسياسية بالغة لها ، إذ تُعتبر أحد أهم الدروع الجغرافية تجاه خطر حلف الناتو ، علاوة على ذلك فإن توغل حلف الناتو وأمريكا في أوكرانيا هو معضلة أمنية لروسيا، وقد تأخذ موسكو لدخول في لعبة صفرية تٌجبر فيها لغزو أوكرانيا عسكرياً .
وتحظى أوكرانيا بأهمية بالغة للغرب، إذ تُعتبر نقطة ارتكاز رئيس لاحتواء روسيا، لهذا تسعى أمريكا للحيلولة دون وقوع أوكرانيا في مخالب الدب الروسي، فواشنطن تدرك جيدا أن احتلال موسكو لأوكرانيا يمنح روسيا تفوقاً نسبياً في المنطقة، وقد يكون طريق لقلب توازن القوى على المستوى الدولي .
– صيغة نورماندي:
هي منصة حوار رباعية تضم طرفي الأزمة روسيا وأوكرانيا الى جانب الوسيطين فرنسا وألمانيا، وهي منتدى غير رسمي للقنوات الدبلوماسية، وأسسس في عام 2014 ، في أعقاب اشتباكات مسلحة عنيفة اندلعت في منطقة دونباس شرقي أوكرانيا بين القوات الحكومية وميليشيات انفصالية تدعمها روسيا.
– منظمة الأمن والتعاون في أوروبا :
تضم منظمة الأمن والتعاون في أوروبا 57 دولة من أوروبا وأمريكا الشمالية وآسيا ، وتشارك المنظمة بشكل غير مباشر في الجهود الدبلوماسية لحل الأزمة بين روسيا وأوكرانيا.
ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا هي الاستمرار ل ” مؤتمر الأمن والتعاون في أوروبا ” الذي تأسس عام 1975 خلال الحرب الباردة من قبل حلف الناتو بقيادة الولايات المتحدة، ويتألف من دول غربية إضافة إلى دول في أوروبا الشرقية كانت تحت قيادة الإتحاد السوفييتي السابق خلال الحرب الباردة .
– اتفاقية مينسك:
في عام 2015 التقى الرئيس آنذاك، بترو بوروشنكو ، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في العاصمة البيلاروسية مينسك ، وتم اللقاء بوساطة دبلوماسية من المستشارة الألمانية آنذاك أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي حينها فرانسوا هولاند، وذلك من خلال صيغة نورماندي.
وأسفرت المفاوضات حينها عن إتفاق لوقف إطلاق النار في شرقي أوكرانيا، وتم انشاء مجموعة من ثلاثة أطراف ، وهي روسيا وأوكرانيا و منظمة الأمن والتعاون في أوروبا لتنفيذ اتفاقيه مينسك.
وتنص اتفاقية مينسك على وقف لاطلاق النار وسحب الجانبين للأسلحة الثقيلة ، إلى جانب سلسلة من الترتيبات السياسية والإقتصادية والاجتماعية بعد وقف إطلاق النار في منطقة الصراع.
– دونباس :
يوجد في دونباس أحد أكبر احتياطات الفحم في أوكرانيا، وقد كانت المنطقة إحدى أهم مراكز الصناعات الثقيلة في الإتحاد السوفييتي السابق، في حين ترتبط دونباس بعلاقات عميقة مع روسيا من حيث التاريخ واللغة والثقافة والاقصاد ، ويشكل المتحدثون بالروسية غالبية سكان دونباس ، كما يشكل الروس نحو 40 في المئة من مجموع سكان المنطقة .
واعترفت أوكرانيا بالوضع الخاص لمنطقة دونباس في اتفاقية مينسك ووافقت على منحها المزيد من صلاحيات الحكم الذاتي ، وبعد اندلاع الصراع بين القوات الحكومية والميليشيات الموالية لروسيا في دونباس، أعلنت الميليشيات انشاء جمهوريتين مستقلتين: دونيتسك ولوهانسك، لكن ذلك لم يحصل على اعتراف دولي .
في خريف 2013 ، اندلعت سلسلة من الاحتجاجات الشعبية في ساحة كييف المركزية ، الميدان ، رداً على قرار الرئيس الأوكراني بعدم التوقيع على اتفاقية الارتباط ( Association Agreement ) مع الإتحاد الأوروبي ضمن برنامج الشراكة الشرقية الخاص به ، في نهاية المطاف تحولت هذه الحركة الاحتجاجية وردّ الحكومة إلى أعمال عنف ما أدى إلى الإطاحة بالرئيس الأوكراني في ذلك الحين ” فيكتور يانوكوفيتش ” ، سيطر ائتلاف من القوات السياسية موال للغرب على العاصمة ، منظماً حكومة انتقالية( مرحلية ) ، في حين فرّ عدد من أفراد النخبة الحاكمة من البلد إلى روسيا، كانت النتيجه خسارة مفاجئة للنفوذ الروسي في واحد من جيرانها الأكثر أهمية ، وهو جار نُظر بشكل مرجح إلى قيادته الجديدة بوصفها هزيمة جيوسياسية رئيسية بالنسبة لموسكو .
– ضم الإتحاد الروسي للقرم :
في 23 فبراير 2014 ، أقيمت مظاهرات لروسيا في مدينة سيفاستوبول عاصمة القرم ، واستولت القوات الروسية المتخفية والتي لم ترتدي أي إشارة عسكرية على المجلس الأعلى أو ما يُعرف ب ” برلمان القرم ” في يوم 27 فبراير، كما استولت على مواقع استراتيجية في جميع أرجاء شبه جزيرة القرم ، مما أدى إلى تنصيب حكومة ” سيرغي أكسيو نوف ” الموالية لروسيا على شبه الجزيرة، واجراء استفتاء حول حالة القرم وإعلان استقلالها بتاريخ 16 مارس عام 2014 ، وتزامن مع ذلك اعلان روسيا عن ضمها لشبه جزيرة القرم يوم 18 مارس عام 2014 .
في ديسمبر/ كانون أول الماضي قدمت روسيا مسودة اقتراحات إلى حلف الناتو والولايات المتحدة بشأن ” الضمانات الأمنية في أوروبا ” طلبت فيها التزام الناتو بعدم التوسع شرقاً ، كما تتضمن مسودة الاتفاقية طلبات بعدم انشاء قواعد عسكرية في دول الإتحاد السوفييتي السابق ، وفي الدول غير الأعضاء في حلف الناتو، وكذلك عدم استخدام البنية التحتية لهذه الدول للقيام بأية أنشطة عسكرية وعدم التعاون مع هذه الدول عسكرياً .
ومن الدول التي يقصدها الاتفاق استونيا، ولاتفيا، وليتوانيا في منطقة البلطيق، وهي دول كانت ضمن حدود الإتحاد السوفييتي، وأصبحت أعضاء حلف الناتو منذ عام 2004 ، وفي العام نفسه انضمت رومانيا وبلغاريا أيضا إلى الحلف .
كما ترغب كل من أوكرانيا وجورجيا وهما أيضا من دول الإتحاد السوفييتي السابق، الانضمام الى حلف الناتو وتندرجان ضمن الدول التي يُطلق عليها شركاء الناتو إذ تتعاونان مع الحلف منذ سنوات .
وكان الناتو قدد عزز من وجوده على الجانب الشرقي بأربع وحدات قتالية متعددة الجنسيات وتشمل استونيا ، ولاتفيا وليتوانيا وبولندا، بعد قيام روسيا بضم شبه جزيرة القرم الأوكرانية إليها بشكل غير قانوني في 2014 .
– خط أنابيب ” نورد ستريم 2 ” :
عندما انهار الإتحاد السوفييتي السابق، احتفظت روسيا بأكبر احتياطات الغاز في العالم ، لكن أوكرانيا ورثت خطوط الأنابيب ، ومنذ ذلك الحين اختلف البلدان حول هذا الإرث.
و ” نورد ستريم 2 ” هو مشروع خط أنابيب لنقل الغاز الطبيعي بطول 1200 كيلومتر ، يمتد من غربي روسيا الى ألمانيا تحت بحر البلطيق، ويعتبر خط إمدادات الغاز الذي تبلغ تكلفته مليارات الدولارات ورقة مساومة رئيسية في الجهود الغربية المبذولة للحيلولة دون غزو روسي محتمل لأوكرانيا.
بدأت أعمال انشاء خط ” نورد ستريم 1 ” عام 2011 ، واكتملت في العام التالي ، وبدأ انشاء خط ” نورد ستريم 2 ” عام 2018 ، واكتمل في عام 2021
وبمجرد تشغيل خط الانابيب الجديد الذي لا يزال ينتظر الترخيص النهائي من هيئة تنظيم الطاقة الألمانية، ستتضاعف كميات الغاز التي ترسلها روسيا إلى ألمانيا.
ومع تشغيل الخط الجديد ، يمكن أن تخسر كييف 1.8 مليار يورو وهي رسوم ” العبور ” التي تدفعها موسكو مقابل استخدام خطوط الانابيب الأوكرانية لشحن الغاز إلى الإتحاد الأوروبي . بينما تجد بولندا نفسها غير راضية أيضا لتجاهلها كدولة عبور .
وفرضت كل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة عقوبات على روسيا بسبب مشروع ” نورد ستريم 2″ .
رفعت الولايات المتحدة العقوبات التي فرضتها إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب على الشركات الألمانية بسبب ” نورد ستريم ” بعد مفاوضات بين المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل والرئيس الأمريكي جو بايدن ، لكن بايدن قال في أوائل عام 2022 إن ” نورد ستريم 2 ” سيغلق اذا ما غزت روسيا أوكرانيا.
– تفاقم الأزمة الأوكرانية للأمن الغذائي العالمي :
لعلّ تداعيات تفاقم الأزمة الروسية الأوكرانية قد تهدد الأمن الغذائي لعدد من دول العالم التي تعتمد على أوكرانيا في صادراتها الغذائية ، حيث تُعدّ سلة غذاء أوروبا على مدار عدة قرون ، فضلاً عن امتلاكها الحبوب والزيوت النباتية ، حيث أن المشكلة الحالية تكمن في أن جزءاً كبيراً من الأراضي الزراعية الأكثر إنتاجية في أوكرانيا يقع في مناطقها الشرقية ، وهي المناطق الأكثر عرضة لهجوم روسي محتمل ، وبالتالي تتنامى المخاوف بشأن مستقبل الأمن الغذائي في العديد من البلدان حول العالم ، حيث بلغت صادرات أوكرانيا من القمح 18 مليون طن من إجمالي إنتاج 24 مليون طن في عام 2020 ، وهو ما جعلها خامس أكبر مصدر للقمح في العالم .
– الحرب الهجينة :
على الرغم أن تصاعد التوترات بين روسيا وأوكرانيا، واستمرار حالة عدم الاستقرار في هذه المنطقة يزيد من احتمالية اندلاع حرب ، فإنه يمكن القول إن ازدياد حدة التوتر في كييف تصب في مصلحة الجانب الروسي، فاحتمالية انضمام أوكرانيا للحلف تبقى ضئيلة طالما ظلت تشعر بالتهديد الروسي.
في هذا السياق يجدر الحديث عن أنماط أخرى من الحرب تخوضها روسيا وتحقق لها بقدر كبير أهدافها من دون الحاجة لخوض حرب عسكرية ، كالحرب الهجينة، والتي تقترح تبني استراتيجيات حربية تعتمد بشكل أقل على العمليات الحربية التقليدية، في مقابل العمليات الحربية غير العسكرية والتي من شأنها مجتمعة تحقيق الهدف المنشود ، المتمثل في حمل العدو على القيام بتقديم تنازلات لم يكن ليقوم بها طواعية.
وتحقق هذه الحروب الأهداف المنشودة باستخدام وسائل غير تقليدية ، كالحرب النفسية، والبروباجاندا ، وإنزال العقوبات الاقتصادية، وفرض الحظر الدولي ، أو حتى تسهيل العمليات الإرهابية أو الاجرامية وغيرها من العمليات التخريبية التي من دورها زعزعة استقرار الدول.
في هذا الإطار، يمكن القول أن روسيا قامت بالعديد من الأنشطة على مدار السنوات ، منذ استقلال أوكرانيا، التي دعمت من خلالها الاتجاهات المناهضة لأوكرانيا والغرب ، والمؤيدة لروسيا لدى الرأي العام في القرم وسيفاستوبول، ما أدى إلى تراجع إمكانية تأسيس جيش أوكراني موحد .
فمن خلال الدور الذي لعبه جهاز الأمن الفيدرالي الروسي، وعبر بعض الأنشطة الاستخباراتية، ظهرت عدة منظمات سياسية موالية لموسكو ، وتهدف روسيا من حربها الهجينة طويلة المدى مع أوكرانيا إلى إعاقة التمدد الغربي على حدود روسيا، أي تجنب اضطرار روسيا لمشاركة حدودها مع دولة موالية للغرب، فضلاً عن طموح روسيا ترسيخ مكانتها العالمية كقوة عظمى .
وختاماً …
وعلى الرغم من أن أوكرانيا لديها تاريخ طويل من حركات المقاومة ، فضلا عن قدراتهم في حرب العصابات، فإن قرار الحرب أمراً لا يمكن الاستهانة به ويرفضه الكثير ، كما يتم النظر اليها باعتبارها جريمة ضد الإنسانية، ومن هذا ، فإن التصاعد العسكري الروسي ضد أوكرانيا يثير حالة من القلق على دول شرق أوروبا، كما يتوجب على واشنطن ضرورة الاستمرار في اتباع النهج الدبلوماسي مع روسيا، كما أن غزو روسيا لأوكرانيا سيؤدي إلى حدوث أزمة غذائية عالمية ، الأمر الذي يفرض على حكومات الدول وضع بدائل مناسبة لتجنب انعدام الأمن الغذائي .
بقلم : فاتن الحوسني