تتجلى في الواقع المشرق لدولة الإمارات حقيقة لا تخفى على ذي بصر، وهي أنها دولة الإنجازات منذ يومها الأول، فقد اتخذت من الوصية النبوية «اعقلها وتوكل» منهاجاً لها في بذل الأسباب واستثمار الخيرات والطاقات في بناء مسيرة مشرقة ينعم فيها الجميع بأرقى مقومات الحياة الكريمة الهانئة..
ومن التوجيه النبوي «إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فإن استطاع أن لا تقوم حتى يغرسها فليغرسها» شعاراً في إحياء روح العمل والبناء والإعمار والاستمرار في البذل والعطاء دون كلل ولا ملل..
مهما كانت الظروف والصعاب، ومن الوصية النبوية «احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز» منهاجاً راسخاً في التحلي بروح الصبر والتحدي والثقة بالله والإصرار على التغلب على المصاعب وعدم اليأس والاستسلام والعجز.. وما حققته دولة الإمارات من قفزات نوعية مذهلة خلال سنين عمرها وإلى يومنا هذا في مضمار التطور والنهضة والتنمية حتى تبوأت أعلى المراتب في التنافسية العالمية في مختلف المجالات والأصعدة لهو أكبر شاهد على ذلك.
ولقد انصرم عام 2015 وهو يحمل في طياته صفحات مشرقة عديدة عن إنجازات مهمة وتاريخية لدولة الإمارات، في مختلف المجالات والميادين، وعلى مختلف الأصعدة المحلية والإقليمية والعالمية، ولم يأت ذلك من فراغ، فقد توجت دولة الإمارات عام 2015 عاماً للابتكار..
وتم إطلاق 800 فعالية ومبادرة خلال أسبوع واحد، وأشرفت على تنفيذها المجالس التنفيذية واللجان المحلية في كافة إمارات الدولة، كما تم إطلاق فعاليات عدة تخدم هذا الغرض، ومنها فعاليات قمة المعرفة الثانية التي نظمتها «مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم» تحت شعار «الطريق إلى الابتكار»..
وتم إنشاء «مركز محمد بن راشد للفضاء» لدعم الابتكارات العلمية والتقدم التقني في المجتمع المحلي، وتم تدشين «مركز بروج» للأبحاث والتطوير كأول مركز من نوعه في العالم، لتكون دولة الإمارات بذلك دولة الابتكارات والإنجازات عبر مؤسساتها وعقول أبنائها في مختلف المجالات.
لقد كانت لهذه الرؤية المستنيرة الطموحة والخطوات العملية الجادة الأثر الإيجابي البالغ في مختلف المجالات، فقد شهد العام المنصرم إطلاق مشروع «مسبار الأمل» كأول مسبار عربي وإسلامي يهدف للوصول إلى كوكب المريخ، لتكون دولة الإمارات بذلك ضمن تسع دول في العالم فقط لها برامج فضائية لاستكشاف هذا الكوكب.. كما تم إطلاق المراحل التنفيذية لبناء القمر الاصطناعي «خليفة سات» كأول قمر يتم تصنيعه بالكامل في الإمارات بكفاءات وطنية وكأول قمر اصطناعي بإنتاج عربي خالص يهدف إلى منافسة الدول الكبرى في مجال علوم الفضاء،..
وهكذا أيضاً توالت الإنجازات في مجال الطاقة، حيث أعلنت مؤسسة الإمارات للطاقة النووية أن موقع «براكة» للطاقة النووية السلمية أصبح أول موقع في العالم يجري فيه بناء أربع محطات نووية متطابقة في آن واحد، ليتقدم بذلك على المواقع النووية في الصين والولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة وروسيا.
وهكذا أيضاً إذا قلَّبنا صفحات كتاب الإنجازات لنقرأ عن الدبلوماسية الإماراتية الخارجية، فإننا نجد نجاحات كبيرة حققتها الدبلوماسية الإماراتية، والتي تمكنت من خلالها من تعزيز مكانة الدولة في الساحة الدولية، وكانت إحدى ثمرات هذه الجهود المتميزة اتفاقية إعفاء مواطني دولة الإمارات من تأشيرة «الشنغن»، والتي تسمح للمواطنين بعبور 34 دولة أوروبية من دون تأشيرة.
وهكذا أيضاً على مستوى إنجازات دولة الإمارات في صعيد علاقتها بأشقائها والوقوف معهم في محنهم وشدائدهم، سواء على المستوى العسكري لدفع العدوان عنهم والمحافظة على استقرارهم ومكتسباتهم.. وفي هذا السياق جاءت المشاركة التاريخية لدولة الإمارات في عمليتي «عاصفة الحزم وإعادة الأمل» للدفاع عن الأشقاء في اليمن ودفع الظلم عنهم، وسطرت دولة الإمارات في ذلك أروع البطولات والانتصارات، وجادت في ذلك بكوكبة من شهدائها البواسل الذين سطروا الأمجاد والملاحم بدمائهم الغالية، أو على مستوى المساعدات الإنسانية والحملات الإغاثية لتخفيف المعاناة عن المنكوبين، مثل حملة «تراحموا» التي جاءت لإغاثة اللاجئين والمتضررين في بلاد الشام، وحملة «عونك يا يمن» لإغاثة الشعب اليمني الشقيق.
وهكذا أيضاً على مستوى الإنجازات التي حققتها دولة الإمارات في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف، سواء عبر المشاركات العسكرية في التحالفات الإسلامية والدولية، أو عبر سن القوانين المحلية التي تحاصر الإرهاب ومسبباته مثل قانون مكافحة التمييز والكراهية..
أو عبر الجانب الفكري والثقافي بتدشين المراكز والحملات التي تُعنى بمواجهة أفكار التطرف وتفكيك الخطاب والممارسات الإرهابية وإحلال الثقافة الوسطية، أو عبر الجهود الأمنية لأجهزة الدولة في الكشف عن الخلايا والتنظيمات المتطرفة، أو عبر الجهود القضائية في محاكمة المتهمين بالإرهاب والتطرف وتنزيل الأحكام العادلة الرادعة في حق المدانين، أو عبر الجهود التنموية في الداخل والخارج لبث الطاقة الإيجابية ورسم الأمل في النفوس، إلى غير ذلك من الإنجازات الكثيرة التي لا يمكن حصرها في هذا المقال.
فهذه الإنجازات المبهرة تروي للأجيال الحالية والمقبلة قصة دولة رائدة وقيادة حكيمة رشيدة وشعب طموح أصيل، ومدى الجهود المبذولة من قبل قيادتنا الرشيدة للارتقاء بهذا الوطن وأبنائه، والسعي الدؤوب لتتبوأ دولة الإمارات الصدارة والريادة، وتكون بين الدول الأكثر تطوراً في العالم.