|  آخر تحديث يناير 21, 2022 , 0:52 ص

“الترسانات النووية.. عندما يصبح العالم نووياً”


“الترسانات النووية.. عندما يصبح العالم نووياً”



في صباح يوم السادس من آب /أغسطس 1945 ، أطلقت طائرة حربية من طراز B-29 قنبلة نووية على مدينة هيروشيما، فمحتها وأودت بحياة نحو 70 ألف شخص على الفور وخلفت عشرات الآلاف يعانون من إصابات مروعة . بعدها بثلاثة أيام ، في التاسع من آب / أغسطس، دمرت قنبلة نووية ثانية مدينة ناغازاكي، ما أسفر عن مقتل 39 ألف شخص على الفور .
لم يكن هذا كل شيء ، فبحلول عام 1950 ، كان ما يقدر بنحو 340 ألف شخص قد لقوا حتفهم نتيجة لآثار القنبلتين، ومن بينها الإصابات الناجمة عن التعرض للإشعاع النووي.

 

 

إن الأسلحة النووية هي أخطر الأسلحة على وجه الأرض، فبإمكان أحدها أن يدمر مدينة بأكملها، ويقتل الملايين احتمالا ، ويعرض للخطر البيئة الطبيعية للأجيال القادمة وحياتها، إن الأخطار المترتبة على هذه الأسلحة تنشأ من وجودها ذاته ، ومع أن الأسلحة النووية استخدمت مرتين في الحرب في قصف هيروشيما وناغازاكي في عام 1945 – فإنه يقال أنه لا يزال هناك 22000 من هذه الأسلحة في عالمنا اليوم- ، وأنه أجري اليوم ما يزيد على 2000 تجربة نووية.
إن نزع السلاح هو أفضل وقاية من هذه الأخطار، وإن يكن بلوغ هذه الغاية يمثل تحدياً صعباً إلى أبعد الحدود .
وتسعى الأمم المتحدة منذ إنشائها الى القضاء على هذه الأسلحة، وجرى منذ ذلك الحين وضع عدد من المعاهدات المتعددة الأطراف بغرض منع انتشار وتجربة الأسلحة النووية مع تعزيز التقدم صوب نزع السلاح النووي.
ومن هذه المعاهدات : معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، ومعاهدة حظر تجارب الأسلحة النووية في الجو وفي الفضاء الخارجي وتحت سطح الماء ، المعروفة كذلك بمعاهدة الحظر الجزئي للتجارب النووية، وكذلك معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية التي وُقعت في عام 1996.
معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية:
فُتح باب التوقيع على معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية في عام 1968 ، ودخلت حيز التنفيذ في 5 آذار /مارس 1970 ، وفي 11 آيار / مايو 1995 ، تم تمديد المعاهدة إلى أجل غير مسمى، ومع أكثر من 191 دولة طرفاً . وتُعد معاهدة عدم الإنتشار النووي الأكثر شيوعا ً من حيث عدد المنضمين إليها في مجال عدم الإنتشار النووي والاستخدامات السلمية للطاقة النووية، ونزع السلاح النووي.

 

وبموجب هذه المعاهدة التزمت الدول غير الحائزة لأسلحة نووية بعدم تصنيع أسلحة نووية أو القيام على نحو آخر بإقتناء أسلحة نووية.
تعترف المعاهدة بوجود خمس دول نووية قامت ببناء واختبار أجهزة انفجارات نووية قبل 1 كانون الثاني / يناير 1967 ، وهي الولايات المتحدة، روسيا، المملكة المتحدة، فرنسا والصين .
تنقسم الدول التي تمتلك أسلحة نووية إلى قسمين أولهما يعترف رسمياً بإمتلاك الأسلحة النووية وهي روسيا والولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا والصين، والقسم الثاني : هي دول تمتلك أسلحة نووية ولا تعترف بإمتلاكها رسمياً وهي إسرائيل وكوريا الشمالية والهند وباكستان، وتشير إحصائيات معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام إلى أن إجمالي عدد الرؤوس النووية في العالم في 2021 هو 13 ألف و 80 رأس نووي بينها 3825 رأس نووي معد للإطلاق.
1- الولايات المتحدة الأمريكية: تمتلك 5550 رأساً نووياً بينها 1800 رأس نووي معد للإطلاق في 2021 مقارنة ب 5800 رأس نووي في 2020 .
2- روسيا : تمتلك 6255 رأساً نووياً بينها 1625 رأساً نووياً معداً للإطلاق في 2021 مقارنة ب 6375 رأساً نووياً في 2020
3- بريطانيا: تمتلك 225 رأساً نووياً بينها 120 رأساً نووياً معدا للإطلاق في 2021 ، مقارنة ب 215 رأسا نوويا في 2020
4- فرنسا: تمتلك 290 رأسا نوويا بينها 280 رأسا نوويا معد للإطلاق في 2021 وهو نفس الرقم في 2020
5- الصين: تمتلك 350 رأسا نوويا في 2021 ، مقارنة ب 320 رأسا نوويا في 2020
6- الهند : لديها 156 رأسا نوويا في 2021 ، مقارنة ب 150 رأسا نوويا في 2020
7- باكستان: لديها 165 رأسا نوويا في 2021 ، مقارنة ب 160 رأسا نوويا في 2020
8- إسرائيل: لديها 90 رأسا نوويا .
9- كوريا الشمالية: تشير التقديرات إلى أنها تمتلك ما بين 40 إلى 50 رأسا نوويا في 2021 .
معاهدة حظر الأسلحة النووية:
هي أول اتفاقية دولية للإلزام القانوني بحظر الأسلحة النووية على نحو شامل ، بهدف المُضي نحو القضاء التام على هذه الأسلحة، مُررت هذه المعاهدة يوم 7 يوليو عام 2017 ، في مؤتمر عقدته الأمم المتحدة في نيويورك، وكانت أول صك متعدد الأطراف ملزماً قانونياً لنزع السلاح النووي منذ عقدين. ودخلت هذه المعاهدة حيز التنفيذ في ( 22 كانون الثاني/ يناير 2021 ) ، بعد أن وصلت إلى 50 دولة من الدول الأطراف المطلوبة للتصديق عليها ، حيث صدقت هندوراس على المعاهدة، بعد يوم واحد فقط من تصديق جامايكا وناورو ، كما صوتت كل من إيران والسعودية لصالح هذه المعاهدة.

 

 

وتنص المعاهدة على أنه يجب على الدول التي صادقت : ” ألا تقوم أبداً تحت أي ظرف من الظروف بتطوير أو اختبار أو إنتاج أو تصنيع أو حيازة أو امتلاك أو تخزين أسلحة نووية أو أجهزة نووية متفجرة أخرى ” .
ومن ضمن الدول الدول التي صادقت على المعاهدة دولتا جنوب أفريقيا وكازاخستان، وهما دولتان امتلكتا أسلحة نووية في السابق وتخلصتا منها إرادياً ، ولم تحظ المعاهدة بمصادقة الدول النووية ومنها الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين .
وبعد مرور تلك السنوات، ما يزال خطر استخدام الأسلحة النووية مرة أخرى في ازدياد ، فالدول النووية تواصل تحديث ترساناتها وتطوير أنواع جديدة من الأسلحة النووية وجعلها أسهل استخداماً ، مبتعدة عن اتخاذ أي خطوات للوفاء بالتزاماتها القائمة منذ زمن طويل بشأن نزع السلاح النووي، ومع ذلك لا تزال هذه الترسانات قادرة على تدمير البشرية وكوكب الأرض، لدرجة أنه يمكن لحرب نووية محدودة بين الهند وباكستان أن تؤدي إلى مجاعة عالمية قد تتسبب في مقتل ملياري شخص بسبب تأثيرها على المناخ العالمي .
لقد اهتز العالم بحق لعدد ضحايا جائحة كورونا ، فقد أفادت جامعة جونز هوبكنز الأمريكية بارتفاع إجمالي عدد الإصابات بفيروس كورونا في العالم ، وبحسب بيانات الجامعة بلغ عدد إجمالي الإصابات بفيروس كورونا في العالم 261.460.688 ، واجمالي الوفيات 5.199.349
وإن قتل وإصابة مليون شخص قد يحدث في ظرف بضع دقائق جراء قنبلة نووية واحدة من تلك ال 150 قنبلة التي تنشرها الولايات المتحدة الأمريكية في خمس دول أعضاء في حلف شمال الأطلسي( الناتو ) ، والتي تعادل القدرة التدميرية لكل واحدة منها قنبلة هيروشيما مضاعفة 24 مرة ، وما هي في مجموعها سوى جزء بسيط من نحو 13 الف سلاح نووي تتوزعها 9 قوى ، وتربو قوتها بأكثر من 2000 مرة على كامل قوة نيران الحرب العالمية الثانية، وإن غواصة واحدة من طراز ترايدنت يمكنها إطلاق ما يعادل 5 آلاف قنبلة شبيهة بقنبلة هيروشيما.
يبدو أن الكفاح الطويل لحظر انتشار الأسلحة النووية على وشك أن يصبح أكثر صعوبة ، فمن المرجح أن يشمل التهديد خلال العقد المقبل دولاً تتمتع بوزن سياسي واقتصادي كبير ، وسيكون من الصعب كبح جماح طموحات هذه الدول ، فعلى سبيل المثال: ستكون الهيمنة الإقليمية المتزايدة للصين وترسانة كوريا الشمالية سبباً تدفع كلاً من كوريا الجنوبية واليابان الى السعي لإنتاج أسلحة نووية .
كما أن البرنامج النووي الإيراني سيشجع دولاً إقليمية أخرى مثل السعودية ومصر وتركيا على فعل الشيء نفسه .
ولهذا تتزايد التحذيرات الدولية من أن تراجع قيود الإنتشار النووي المستمر حتى الآن مع إيران وكوريا الشمالية، قد يؤدي إلى فشل الجهود الدولية للحد من حظر الإنتشار النووي حول العالم .
في رأيك …
أيهما يجعل العالم أكثر أمناً وأماناً ، عالم مليء بالأسلحة النووية لدى كافة الأقطاب النووية الكبرى ، أم عالم مختلة توازاناته النووية بين من يملكون الرؤوس النووية ومن يفتقدونها؟

 

 

 

بقلم: فاتن الحوسني


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Facebook Auto Publish Powered By : XYZScripts.com