أكد مسؤولون وخبراء اقتصاديون أن تضمن ميزانية دبي لعام 2016 زيادة كبيرة في الإنفاق، وخاصة الإنفاق على مشاريع البنية الأساسية، يعزز الثقة باقتصاد الإمارة وآفاق النمو بها، الأمر الذي يرجح معه تجاوز معدل النمو الفعلي للتوقعات السابقة.
وأشار الخبراء إلى أن قيام الحكومة بزيادة الإنفاق مع الحفاظ على الميزانية من دون عجز يؤكد قدرة الحكومة على تحفيز ودفع مسيرة التنمية، بما يسهم في تعزيز مناخ الثقة ضمن القطاع الخاص.
وكانت الموازنة العامة للقطاع الحكومي في دبي للعام المالي 2016، والتي اعتمدها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، قد تضمنت تخصيص 36% من إجمالي نفقات الميزانية البالغة 46.1 مليار درهم، للاقتصاد والبنية التحتية والمواصلات، مع التركيز على تعزيز الاستثمار في البنية التحتية لتكون الأفضل على مستوى العالم.
وأشار هاني راشد الهاملي، الأمين العام لمجلس دبي الاقتصادي، إلى أن قانون الموازنة العامة للقطاع الحكومي في إمارة دبي للعام المالي 2016 الذي اعتمده صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، إنما يعكس نهج النمو المستدام الذي تبناه سموه والذي يهدف إلى تعزيز مكانة دبي على خريطة الاقتصاد العالمي.
وذكر الهاملي أن اللافت أن موازنة 2016 جاءت دون عجز وللعام الثاني على التوالي في وقت يمر الاقتصاد العالمي في حالة من الضبابية وعدم اليقين، وهو ما يعكس حرص الحكومة على إدامة وتطوير الخدمات العامة إلى المواطنين وبما يعزز معدلات الرفاه الاقتصادي والاجتماعي.
كما أفاد الهاملي بأن موازنة 2016 بهيكلها وتوجهاتها إنما جاءت بمثابة تتويج للسياسة المالية الحصيفة التي تبنتها حكومة دبي أخيراً والتي ترمي إلى التوظيف الأمثل للموارد المالية المتوافرة، وتعبئة الموارد الكامنة، وبما يحقق أعلى كفاءة في الإنفاق.
كما تنطوي تحت هذا العنوان أهداف ثانوية، من قبيل رفع كفاءة الأجهزة الحكومية وتقديم أفضل الخدمات في مجالات التعليم والرعاية الصحية والاجتماعية، وتعزيز البنية التحتية، وغيرها.
وفي هذا السياق، ذكر الهاملي أن الأداء الملفت الذي حققته إمارة دبي على صعيد المالية العامة والذي تجسد في موازنة 2016 جاء انعكاساً للسياسات الحكيمة التي تبنتها اللجنة العليا للسياسة المالية برئاسة سمو الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم، رئيس اللجنة، والتي ركزت بشكل كبير على معادلة أحد طرفيها تعزيز الإنفاق والرشادة في تخصيصه وخاصة على القطاعات الرئيسة كالبنية التحتية والمواصلات، والأمن والعدل والسلامة، والخدمات الحكومية والتميز، والتنمية الاجتماعية، أما الطرف الآخر فهو تعزيز الإيرادات العامة دون الإضرار بمعدلات النمو المستهدفة.
وأكد الهاملي أن زيادة النفقات بنسبة 12% عن عام 2015 تعد سياسة حكيمة تأتي في وقتها من أجل معاكسة الدورة التجارية التي يشهدها الاقتصاد العالمي راهناً لا سيما في ظل التراجع التاريخي في أسعار النفط، إضافة إلى تداعيات التطورات الحاصلة في الاقتصاد الصيني ومنطقة اليورو.
ذكر الهاملي أن تحليل تخصيصات الإنفاق الحكومي يشير بصورة جلية إلى استمرار هيمنة بند الرواتب والأجور على نصيب كبير من الإنفاق بواقع 36%، واصفاً إياه بأنه يعكس مدى حرص الحكومة على توفير الاستقرار الاجتماعي للمواطنين لا سيما من خلال زيادة فرص العمل والتوطين للآلاف من مواطني الإمارة، أما المصروفات العمومية والإدارية والرأسمالية والمنح والدعم والتي شكلت نسبة 45% من إجمالي الإنفاق الحكومي فهي تؤكد أيضاً توجه الحكومة نحو الحفاظ على تطوير المؤسسات الحكومية بمختلف أنواعها، إضافة إلى دعمها من أجل تقديم أفضل الخدمات.
وقال الدكتور عبدالله الكرم رئيس مجلس المديرين مدير عام هيئة المعرفة والتنمية البشرية بدبي، «يعكس قانون الموازنة العامة للقطاع الحكومي في إمارة دبي للعام المالي 2016، والذي اعتمده صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، مواصلة إمارة دبي لمسيرتها المتميزة في تقديم أفضل الخدمات في مجالات التعليم والرعاية الصحية والاجتماعية، والاستمرار في تعزيز البنية التحتية لتكون الأفضل على مستوى العالم».
وأشار الكرم إلى أن القانون من شأنه الحفاظ على تبوؤ الإمارة لأعلى المراتب في المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية الإقليمية والدولية، والتي جاءت خلال العام 2015م مع حصول دولة الإمارات على المركز الأول في مؤشر السعادة على الصعيد الإقليمي، معتبراً أن الموازنة العامة للقطاع الحكومي في إمارة دبي للعام المالي 2016م تمثل نقطة انطلاق متجددة نحو مجتمع تعليمي أكثر تميزاً وأكثر سعادة، وبما يسهم في بلوغ أهداف الأجندة الوطنية لدولة الإمارات 2021.
وأضاف: «نستمد في هيئة المعرفة والتنمية البشرية بدبي من رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، بضرورة الاهتمام بالجانب الاجتماعي وتطوير محفزات الاستثمار في العنصر البشري.
ولا شك في أن تخصيص ما نسبته 37% من الموازنة العامة للإنفاق على قطاع التنمية الاجتماعية في مجالات الصحة والتعليم والإسكان وتنمية المجتمع والابتكار، بمثابة رسالة متجددة بدور الابتكار في بناء اقتصاد المعرفة، وباعتباره رافداً مهماً للتنمية المستدامة وركيزة مهمة تواكب النمو الملحوظ والمتنوع للاقتصاد المحلي».
وقال محمد علي ياسين العضو المنتدب في أبوظبي الوطني للأوراق المالية إن الإعلان عن الموازنة بزيادة النفقات بنسبة 12% بالمقارنة عن عام 2015 جاء مفاجئاً للأسواق.
وأوضح أن نسبة النمو تلك جاءت أعلى من معدل زيادة النفقات التي تم تسجيلها خلال السنوات الثلاث الماضية، في الوقت الذي كانت التوقعات قوية حول احتمال حدوث أحجام في حجم الإنفاق وسط حالة الترقب في الأسواق بخصوص الانعكاسات المحتملة لانخفاض أسعار النفط وارتفاع الدولار على النشاط الاقتصادي في الإمارة.
وأضاف، من أهم ما يميز موازنة دبي لعام 2016 كذلك أنها جاءت متوازنة أي أن نمو الإيرادات واكب خطط النمو والإنفاق على المشاريع في الإمارة، في الوقت التي نتوقع فيه أن تعلن بعض دول الجوار عن وجود عجز في موازنتها للعام المقبل.
وأعتقد أن الموازنة ستعزز ثقة المستثمرين المحليين والأجانب في اقتصاد الإمارة، وجاءت مطمئنة خصوصاً لجهة المقاولين والتجار الذين كانت لديهم بعض المخاوف من احتمال تباطؤ العمل في المشاريع في الإمارة العام المقبل.
من جانبه قال علي النجار الرئيس والشريك المؤسس في مجموعة شركات «آي سي تي» و«آي ترست» لإدارة الاستثمار إن موازنة دبي 2016 برهنت على أن اقتصاد دبي يسير عكس التيار، وأنه بالرغم من ترابط اقتصادات الدول، إلا أن دبي تسير على منهج صحيح ومدروس.
وأضاف: «نتوقع أن الإعلان عن موازنة دبي من دون عجز هو أمر سيشجع الاستثمار في دبي والدولة بشكل عام، خصوصاً وأن الاستثمارات هي في حالة ترقب من وضع الأسواق وخصوصاً الناشئة في الوقت الراهن.
ونعتقد أن تحصيص إنفاق الموازنة من شأنه أن ينعكس إيجابياً ويعزز ثقة المستثمرين المحليين والأجانب بأن ثاني أكبر اقتصاد عربي هو قوي والبيئة الاستثمارية سليمة ويعزز موقع الإمارة كمركز مالي واقتصادي إقليمياً وعالمياً يسير على منهج يلائم الظروف التي تنعم بها دبي، ويزيل الشكوك حول استمرار وتيرة النمو في الإمارة العام المقبل».
من جانبه قال الدكتور محمود عبد العال، الرئيس التنفيذي للشركة الإسلامية للتمويل (آفاق) إن الإعلان عن موازنة دبي 2016 من دون عجز يشكل خطوة مهمة في زيادة ثقة المستثمرين الأجانب في الجدارة الائتمانية للإمارة وباستمرار عجلة النمو فيها العام المقبل.
خصوصاً وأن نسبة لا تقل عن 5% من الموازنة خصصت لتسديد الالتزامات والمديونات، ما يعزز ثقة البنوك والمستثمرين في قدرة الوحدات الحكومية وشبه الحكومية في دبي على تجاوز الظروف الاقتصادية الراهنة في العام المقبل.
وأضاف أن الموازنة تساعد في توضح أفق المستقبل على المدى المتوسط بالنسبة للمستثمرين في القطاع الخاص الذين كانوا في حالة ترقب بسبب انخفاض أسعار النفط، وتباطؤ النمو في الأسواق.
وأضاف: «إن إعلان دبي عن موازنة من دون عجز في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها غالبية دول العالم يعتبر إنجازاً وتطبيقاً لسياسات حكومة دبي الرشيدة على أرض الواقع، ومن شأنه أن يترك صدى إيجابياً في أسواق المال المحلية والعالمية على حد سواء.
واعتبر عبد العال أن حجم الميزانية يعكس كذلك صورة مطمئنة للوضع الاقتصادي والمالي في الإمارة، الأمر الذي من شأنه أن يطمئن المستثمر المحلي ويجذب المزيد من المستثمرين الأجانب إلى الإمارة».
الوجه الآخر لموازنة دبي يتمثل في الإيرادات العامة، إذ كان واضحاً بقوة زيادتها بذات نسبة زيادة الإنفاق العام -أي 12%- مقارنة بعام 2015، وقد تم ذلك من خلال تعزيز الإيرادات الضريبية، إلى جانب المصادر الأخرى للإيرادات مثل بيع النفط والاستثمارات الحكومية.
وقالت مجلة ميد إن حكومة دبي مستمرة في رفع إنفاقها على مشاريع البنية التحتية، خلال العام المقبل، وعلى مدى السنوات الخمس المقبلة، الأمر الذي سيساهم في تعزيز النمو.
وأضافت المجلة أن حكومة دبي أقرت ميزانية للعام المقبل تشمل زيادة مهمة في الإنفاق على مشاريع البنية التحتية عام 2016، بالمقارنة مع العام الجاري، كما تشدد الحكومة الحفاظ على مستوى استثماراتها في البنية التحتية خلال السنوات الخمس المقبلة.
وأوضحت المجلة في تقرير لها عن ميزانية دبي: يبلغ إنفاق دبي على البنية التحتية 14% من إجمالي الميزانية. ويشير رفع الإنفاق إلى أن المشاريع تمضي قدما كما هو مخطط لها وأن العقود التي طرحت مناقصاتها سوف يتم ترسيتها العام المقبل.
وتشمل قائمة أكبر تلك العقود توسعات مترو دبي، والتي ستتيح وصوله إلى موقع اكسبو 2020. كما تعتزم هيئة مياه وكهرباء دبي وهيئة الطرق والمواصلات تنفيذ مشاريع كبرى خلال الفترة المقبلة.
وقالت ميد إن مشاريع البنية التحتية تتكامل مع مشاريع أخرى تطورها الحكومة من خلال شركات مثل مراس ونخيل وإعمار ومؤسسة دبي للاستثمار. وأشارت المجلة إلى أن عائدات النفط تشكل 6% فقط من إجمالي عائدات دبي.