كم مرة مرضت وكنت علي يقين بأنك عند الذهاب للطبيب وتناول الدواء ستشفي من مرضك، وبالفعل قبل إنهاء كورس العلاج يتم شفاؤك وقد يحدث ذلك من المرة الأولى لتلقي العلاج وللبعض الآخر بمجرد زيارة الطبيب يشعر بالفرق في حالته الصحية؟
هذا ما يعرف بالتشافي الذاتي لطاقة الفكرة التي تمسك بها عقلك اللاواعي وتميل لليقين بحدوث شيئا ما إيجابيا كان أو سلبيا وهذا ما يتجسد في الواقع ويعرف بالعلاج بالوهم ..
( بلاسيبو -Placebo effect) وهو مادة فعالة لها تأثير علي صحة متعاطيها فسيولوجيا وذلك يفيد بإنك لم تشفي بواسطة حبة الدواء التي تحتوي علي السكر احيانا ولا تحتوي علي مادة فعالة وإنما إيمانك بفكرة أن الحبة ستشفيك وعلي الأقل الثلث من كل الأدوية يحتوي علي تأثير البلاسيبو بتأثيره الساحر الإيجابي الذي ينعكس علي جسدك بالشفاء وتسكين الألم وعلي النقيض فهناك ما يعرف (بالنوسيبو إيفيكت -Nocebo effect )في حالة التفكير السلبي بأن الألم والمرض تمكن منك وسيقضي عليك وقد يصل بصاحب الفكرة إلي الموت ولن يشفي إلا بتغيير برمجته الفكرية النفسية !
فمشاعرنا هي ليست ذاتنا الحقيقية بل هي برمجيات مكتسبة تأتي وترحل ولا يوجد ما يعرف بالمشاعر وإنما هي افكارنا عن الحدث أو عن أنفسنا التي نكررها علي عقولنا إلي أن تتجسد علي أرض الواقع ونشعر بها وفي كل مرة تنطق بكلمة من فمك فهي صناعة لواقعك وأحداث حياتك المقبلة.
مثالا علي ذلك الناقد الذاتي السلبي الداخلي يضخ لك شلال من المشاعر العنيفة لجلد الذات والاسئلة التي لا تنتهي والنقد الجارح والتوبيخ للنفس، والبكاء علي الماضي و المقارنة بالآخرين أو رهبة الأداء فيؤثر علي إنجازك وتطورك ويعطل همتك ويقلل من إستحقاقك
ويقتل إبداعك بلا وعي منك ..!
نحتاج لوقفة مع النفس بمراقبة إدراكنا وافكارنا التي تصنع واقعنا والوصول إلي جذور الفكر السلبي لنغير عقليتنا وبتكرار كل الاحتمالات الإيجابية والمعتقدات والرغبات التي نريد أن نصبح عليها يوما ما إلي أن يتقبلها عقلنا اللاواعي وتصبح يقينا …
في البداية قد تكون التغيرات بسيطة ولكنها ستعلن عن شرارة البدء لحدوث التغيير المرغوب مع تكرار الفكرة. ، فالكون يستمع لكل تردداتك الطاقية الناتجة عن أفكارك ، ستتجسد المعجزات بعد إحكام تفكيرك ووضع النوايا الجيدة لإحداث التغيير وحين تجد نفسك عالق بفكرة لا تستطيع السيطرة عليها مثل التمسك بجلد الذات و الآخرين ، تأنيب الضمير، الغضب ،الحزن الخوف ،كل تلك الأفكار ماهي إلا نفايات الماضي وهدر طاقي يحتاج للتحكم فيه عن طريق مراقبته وتحريره بالتسامح، وبالتالي التعويض عنه بالأفكار الخلاقة التي تنعكس علي واقعك ومستقبلك ..
“تسامحك هو التحرر من الألم” بمعاملة نفسك معاملة تليق بها، وتأكد بأن كل معتقداتك عن نفسك لها ترددها الطاقي الذي يعكسه لك الكون، مثالا علي ذلك تمسكك بفكرة انك لست كفاية أو غير جاهز لإتمام عمل ما بالمماطلة أو لأنك لا تستحق هو إدركك عن نفسك الضائعة الذي يتحول لمشاعر إحباط تسجنك بداخلها وتنعكس علي واقعك. لأن الوعي يخضع للفيزياء والطاقة وإقتناعك بأنك لا تستحق، سيقتل إستحقاقك فما يدور في ذهنك عن نفسك وقدراتك هو وقود مشاريعك وحياتك بأكملها ..،
إجعل التوكيدات الإيجابية عن نفسك عادة يومية مع بداية الصباح بتكرار الإمتنان لكل ما تستشعره جيد في حياتك وتاكيدك بأنك تستطيع وجاهز وتستحق الحب وتتقبل نفسك وبانك ستعمل دائما علي رفع إستحقاقها . . هذا ماسيجلب لك ما تفتقده وتحتاجه ..
حديث النفس هو مرجعيتك الذاتية عنها وكلنا في رحلة علي الأرض ولكن لكل منا رحلته الخاصة ولا يمكن أن نختبر جميعا في رحلة واحدة ولكل منا لحظات يقظة وصدمات تأتي لتعلمنا اشياء ودروس جديدة لإكتشاف ذاتنا الحقيقية وبمجرد التعرف علي ذاتك ستصبح لديك القدرة علي المرور بسلام من معرقلات رحلتك بإدراكك انه مهما حدث معك هناك سبيل إلي النور واليسر.. بإيمانك ويقينك أنك بخير وبأنك ستجد الخير أينما ذهبت، وبإستشعارك بأنك أكبر من الهدف المرجو لديك سيعلو ترددك الطاقي ويعلو معه إستحقاقك الكوني،حديثك الإيجابي مع النفس سيخلق الإنسجام والتواصل الفعال معها ومع الآخرين والأحداث والمواقف والصدمات ويحقق لك التوازن النفسي الصحي ..
ذاتك هي أفضل إستثمار..أستثمر في ذاتك بالحديث معها وراقب أفكارك التي ستصبح افعالا وأفعالك ستصبح عادات والعادات ستصبح طباعا وطباعك هي مصيرك وطريقك إلي النور !
بقلم الإعلامية الباحثة : رشا أبو العز