يجُبر الاطفال في خِضم الحروب والنزاعات على عيش تجارب وحياه قد تعد الاسوأ على الاطلاق حيث هناك الالاف بل ملايين الاطفال الذين تعرضوا الى مواقف تفوق في قسوتها اسوأ الكوابيس التي يمكن للاشخاص البالغين تخيلها .. حيث تندلع النزاعات و الحروب و يكون الأطفال أول ضحاياها ووقودها حتى لو لم يصابوا بأذى جسدي فأنّ إصابتهم( النفسيه ) هي الاهم ولها كبير الاثر والضرر و للاسف (الصحه النفسيه) للناجين عادةً ما لا تأخذ الاهميه والاولويه بالرغم من تاثيرها الطويل الأمد والعميق على الضحايا من الكبار فما بالك بالأطفال حيث ترافقهم نتائجها المأساوية طيلة سنين حياتهم فحين ينفصل الأطفال عن عائلاتهم بسبب هذه الكوارث التي لاتحصى لهذه الحروب والنزاعات يصبحون عرضة لأشد المخاطر مثل الأهمال او الاستغلال او سوء المعامله او التبني الغير مشروع او فقدهم لحقهم في الحياه والتعليم … فيظل بقاء الأطفال الصغار محفوفاً بالمخاطر في حين تعدُ الفتيات أكثر عُرضه للتحرش او للاعتداء او الزواج المبكر فقد أرتينا بدورنا كمتخصصين في علم النفس والصحة النفسية التأثيرات النفسيه للحرب على الاطفال الى قسمين:
- تاثير الصدمه الأنية (الحاليه)
من اهم تأثيرات الصدمة الأنية للحرب على الأطفال الاضطرابات السلوكية التي تأخذ اشكال متعقده القلق والخوف من المجهول وعدم الشعور بالأمان والتوتر المستمر والانعزال والتبول في الفراش لشعور الطفل أنه مهدد دائماً في وأن اسرته عاجزه عن حمايته ..بالرغم من ان الوالدين مصدر قوه وأمان له.. الا انهما عاجزان عن توفير ذلك.
- تاثيرات ما بعد الصدمه
ان الأثار النفسيه لهذا النوع من الاحداث الدمويه يمكن ان تكون كارثيه ينتج عنها مجموعه من الأعراض النفسيه لدى الأطفال الذين عاشوها وذاقوا طعم مرارتها حيث تعرف هذه الاضطرابات في مجال علم النفس باسم اضطرابات ما بعد الصدمة.. حيث حتى تبقى ذكريات الاحداث معهم وتسبب لهم نوبات من الهلع وكوابيس شديده تتداخل مع مجريات حياتهم اليوميه وكانها تحدث الأن .كما تترك الازمات والكوارث عواقب وخيمه في واقع الطفل كفقدان والديه او اخوته او أحد الأقارب او بيته او مدرسته او يتعرض هو لإعاقة وفقدان احد اعضاء او حواس الجسم .كما يوّلد العنف سواء كان مباشر او بشكل غير مباشر العديد من المشاعر والاضطرابات منها :-
- الفزع والهلع والحزن والاكتئاب
- تدني التحصيل الدراسي بشكل ملحوظ
- ميلهم الجدال و العناد والتمرد و العنف والعدوان
- فقدانهم الإحساس بالأخرين ولروح التعاون والمشاركة.
- المشاكل الاجتماعيه والسلوكيه مثل / الانسحاب والاستسلام والسلوك العدواني وصعوبة التعامل مع الاخرين وفقدان الثقه بالنفس وعدم الشعور بالأمان.
- الألم والاحتراق النفسي.
انَّ الزمن وحده لا يشفي من الصدمات .لذلك يجب مساعده الأطفال على التعبير عن معاناتهم و التراكمات النفسيه السلبية الداخلية و مواجهة الذكريات السيئة وذلك بتوفير العلاج النفسي المناسب والتوجيه اللازم لهم وهذا الدعم يتم من خلال عرضهم على معالجين نفسيين و تربويين وبناء مساندة نفسيه لهم لمتابعة حياتهم بشكل طبيعي حيث ان الحديث او الكتابه او حتى تمثيل الأحداث التي حدثت يمكن ان يكونوا وسائل مهمه وضرورية لمساعدة الأطفال على التعافي والشفاء والبدء باسترجاع حياتهم الطبيعية ويفسر علماء النفس والتربية ان الطفل الاكثر تأثرا بالأحداث لان نموه لم يكتمل ولانه لم يستطيع التعبير عن غضبه وخوفه وقلقه بالألفاظ مثل الكبار ولكنهُ يعبر بلغه اخرى وهي لغة الحركه وعدم الاستقرار وتلك رساله منهُ للعالم الخارجي تؤكد قلقه وخوفه من الخطر الذي يحيط به وبمن حوله.
بقلم: د. باسمين الخالدي