إنشاء منظومة صحية قوية ورعايتها بالتطوير الدائم لتكون مواكبة لكل المستجدات العلمية العالمية، وجد اهتماماً مبكراً جداً من قيادة الإمارات، التي وضعتها في صدارة الأولويات الوطنية، واستثمرت في تأسيس بنية تحتية تقف عليها دعائم صلبة مكّنت هذا القطاع من تقديم نموذج رائد في تحصين مجتمع الدولة، ليس فقط في وقت الجائحة، وإنما في كل الأوقات.
بل إن هذه المنظومة، التي تتكامل فيها الصروح العلمية والبحثية المتطورة، مع صروح الاستشفاء والعلاج، تقدم اليوم أدلة على مكانة عالمية وصلت إليها الإمارات بقطاعها الطبي في مختلف مجالاته، وما ذلك إلا بدعم من الفكر القيادي الذي يدرك تماماً أن الأمن الطبي للمجتمع جزء مهم من الأمن الشامل، لما يمثله من ركيزة لحفظ الحياة وجودتها ودرع لضمان استمرار مسيرة التنمية بكل جوانبها الاقتصادية والاجتماعية.
الشهادة الأولى على حجم الرعاية التي تعطيها الإمارات لضمان صحة وسلامة سكانها، تأتي من منظمة الصحة العالمية التي أظهرت إحصاءاتها، عن أن الدولة، أجرت وحدها ما يزيد على 48.8 مليون مسحة PCR فقط للكشف عن فيروس «كورونا»، وهو ما يمثل ثلث المسحات التي أجريت في 22 دولة من دول الإقليم، وهذه الأرقام هي أرقام قياسية عالمياً وليس إقليمياً فحسب، إذ تتصدر الإمارات حملات التطعيم العالمية، ما يؤكد أنها تسخر جميع مواردها وطاقاتها لتحقيق سلامة كل فرد من أفراد مجتمعها.
يضاف إلى ذلك الثقة الدولية التي تمتلكها صروحنا الطبية الرائدة، فالدور الحيوي الذي لعبته دبي ممثلة بجامعة محمد بن راشد للطب والعلوم الصحية وهيئة الصحة، في التجارب السريرية لتطوير اختبار التنفس للكشف السريع عن «كورونا» خلال دقيقة، والذي اعتمدته سنغافورة أخيراً، يجسد المعايير العالمية العالية التي تأسست وفقها صروح دبي العلمية والطبية، وهي ليست المرة الأولى التي تقدم فيها مؤسساتنا البحثية مثل هذه الإنجازات، فمن يتابع مسيرتها يرى بجلاء كيف باتت محط اهتمام جميع المراكز والمؤسسات العالمية التي تسعى إلى تعاون مثمر في إنجاح مهامها العلمية.
يلفت هذا الإنجاز إلى أن دبي أصبحت لاعباً عالمياً رئيسياً في تكنولوجيات المستقبل الأكثر تأثيراً في حياة الناس، سواء الطبية أو غيرها من القطاعات، إذ عبّدت أرضية صلبة في ريادتها لهذه المجالات من خلال توسيع الاستثمار في المراكز والمدن المتخصصة، وتبني الابتكار نهجاً، وخلق بيئة داعمة للعلم والمعرفة والتكنولوجيا، حتى باتت الحاضنة العالمية الأولى لهذا التوجه وقبلة أصحابه من العقول والمواهب.
العالم يسير اليوم نحو تغيرات وتقلبات سريعة، ولكن الإمارات ودبي، تثبتان على الدوام أنهما أسرع من هذه التطورات، بفكر سبّاق ورؤية شاملة وإنجاز متكامل.
بقلم: منى بوسمرة