|  آخر تحديث فبراير 19, 2021 , 20:07 م

السديس في خطبة الجمعة: عقيدتنا سمحة وصفاء وحسن اقتداء


السديس في خطبة الجمعة: عقيدتنا سمحة وصفاء وحسن اقتداء



 

الاحساء – زهير بن جمعه الغزال

 

 

 

أمّ المصلين في خطبة الجمعة بالمسجد الحرام معالي الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ الأستاذ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس وتحدث فضيلته في خطبته الأولى عن الأشهر الحرم فقال : تعيش الأمة الإسلامية شهرًا من أشهر الله الحرم، قال تعالى: ﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ﴾، قال المفسرون: “أي بالمعاصي” وعن أبي بكرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “الزَّمَانُ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ثَلَاثَةٌ مُتَوَالِيَاتٌ ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ” (متفق عليه).

وحَسْب المسلم يا عباد الله أن يسلم له دينه وعقيدته فعقيدتنا سمحة صافية، قال تعالى: ﴿فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ ~ أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ﴾.

 

وروى الإمام أحمد في مسنده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “بعثت بالحنيفية السمحة”، وسبيل النجاة والفكاك الحذر من سبل الإلحاد والإشراك، فإنها تورد موارد العطب والهلاك، وكذا البدع والمُخَالَفَات والمحدثات المُخَالِفَات ومسالك الخرافة والشعوذة والخزعبلات، ولما استبدل بعض الناس في أعقاب الزمن بنور الوحيين سواهما استبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير، فأعرض فئام عن منهج النبوة والصحابة والسلف الصالح خير القرون، وابتُلُوا بالفِرَق والاختلافات، والطوائف والانقسامات، واعتقد بعضهم بالأنواء والأيام والشهور والأعوام، وقد أجمع المحققون ومنهم الحافظ ابن حجر، وابن رجب، وشيخ الإسلام، والشوكاني وغيرهم على أنه لم يثبت في شهر رجب حديث صحيح ولا ضعيف يصلح للحجة، وإنما حديث شديد الضعف أو موضوع ولم يصح، فلا يشرع إحداث عبادة ليس عليها دليل من الكتاب والسنة، أو عمل سلف الأمة، وكل خير في اتباع من سلف، وكل شر من ابتداع من خلف.

 

 

ثم تحدث فضيلته عن مراحل عمر الإنسان في حياته العملية حتى مرحلة تقاعده فقال : ليس بخافٍ على أولي الألباب أنَّ حياة الإنسان ما هي إلا مراحل، وعُمره فيها منازل، وإن مما قررته المدنية الحديثة، والنظام العالمي المعاصر؛ تلك النُظُم الوظيفية، والقواعد التنظيمية للأعمال والوظائف، والإنسان يتقلب في مراحل حياته بين الأعمال ودرجاتها، والوظائف وترقياتها، حتى يبلغ درجة التقاعد ؛ وتلك قضية آنِيَّةٌ مهمة لفئة عزيزة غالية قدمت زهرة شبابها، ولُبَاب أعمارها في خدمة دينها ووطنها ومجتمعها، تكدح في أعمالها ثم تترجل عنها؛ لتتيح المجال الوظيفي لغيرها من الشباب الصاعد، وهكذا تمضي الحياة بِنَا في تقلباتها وتنقلاتها، وصدق رب العالمين: ﴿وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ﴾، وهذا التصنيف الوظيفي – متقاعد، وغير متقاعد- ليس نهاية المطاف، وليس حُكمًا على الإنسان بالموت الزُّعاف، وليس منعًا للمتقاعدين من مزيد العطاء في خدمة دينهم ووطنهم وولاة أمرهم ومجتمعهم في ميادين أخرى، فهذا تصنيفٌ لا يصلح أن يسري أبدًا على بقية حياة المتقاعد، لكن المتقاعد قد وُلِدَ ولادةً جديدة، وصاحبُ الهمة العالية إذا بلغ هدفًا بحَث عن هدفٍ آخر مثله أو أَسمى منه ليصل إِليه، ولا يوقفه عن استباقه لمجد الدنيا والآخرة إلا توقُّفُ نَفَسِه أو ضَعْفُ ذاته.

 

 

ثم وجه معاليه رسالة الى المتقاعدين فقال: قد زادت مسؤولياتكم بعد أن كان النِّطاق الحكومي يُحَدِّدها في مجال اختصاصكم وعملكم فقط، أما اليوم فأمامكم الفُرَص والدنيا بأسرها، والأعمالُ كلها، والميادين جميعها، فمسؤوليتكم ليست عن أُسَركم أو حيِّكم أو مدينتكم فقط، بل أنتم مسؤولون عن كلِّ مسلم بالتوجيه والنصح والإرشاد والتوعية، ولقد أَحسن وأجاد من قال:” لا تقاعُدَ لمن أراد أن يعيش في أمَّة جديرة بالحضارة والتقدُّم”، ونحن أمة الحضارة والتقدم منذ الأزل، لذا كان السلف } يكرهون أن يكون الرجل فارغا من العمـل، قال الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه : “إني لأكره أن أرى أحدكم فارغاً سَبَهْلَلاً ، لا في عمل دنياه ولا في عمل آخرته”، والسَّبَهْلَلُ : الذي يجيء ويذهب في غير شيء ، فنحن أمة العمل والعبادة قال تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾.

 

 


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Facebook Auto Publish Powered By : XYZScripts.com