تجسد مجموعة المبادرات التي أعلنها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي «رعاه الله»، قبل أيام لتنشيط قطاع السياحة داخل دولة الإمارات، سمات القيادة المرنة والمبتكرة التي حبانا الله بها في هذا الوطن الغالي، والتي لا تتوقف عن الإبداع والتفكير في كيفية تحقيق رؤيتها الطموحة بأن تكون الإمارات رقم واحد في العالم في كافة المؤشرات التنموية والحضارية.
هذه المبادرات الجديدة، التي شملت إعلان استراتيجية السياحة الداخلية، وإطلاق هوية سياحية موحدة للدولة، وبدء حملة «أجمل شتاء في العالم»، تستهدف جميعها تطوير واحد من أهم القطاعات التي تعوّل عليها الإمارات، والكثير من دول العالم الأخرى، في تنويع اقتصادها الوطني وتعزيز نموه المستدام. فلا يختلف أحد على أهمية قطاع السياحة في أي اقتصاد، سواء كمساهم رئيس في الناتج المحلي الإجمالي، أو كموظف لنسبة كبيرة من حجم القوى العاملة البشرية، فضلاً عن دوره المحفز لنمو القطاعات الاقتصادية الأخرى، والتعريف بثقافة الدولة وتراثها وحضارة شعبها ورسم معالم صورتها البناءة في العالم أجمع.
كما أن هذه المبادرات تدرك عناصر القوة والتميز والجاذبية السياحية التي تتمتع بها دولة الإمارات والتي تجعل منها مقصداً للسائحين في الداخل والخارج على السواء، حيث تتنوع معالم الجذب السياحي بصورة كبيرة، بحيث إنها تغطي كافة تفضيلات السائحين، بداية من المناظر الطبيعية الخلابة في صحاري البلاد وشواطئها وجبالها ومحمياتها الطبيعية، مروراً بالمواقع التراثية والأثرية المنتشرة في مناطق وإمارات الدولة المختلفة، إلى المناطق الترفيهية المتميزة بخدماتها الراقية وطبيعتها المبتكرة، فضلاً عما تتمتع به الدولة من بنية تحتية متطورة وراقية ومرافق حديثة، وغيرها الكثير من مقومات الجذب السياحي التي تهدف هذه المبادرة إلى تعظيم الاستفادة منها لدعم هذا القطاع الحيوي.
ولا يخفى على أحد التطور الكبير الذي شهده قطاع السياحة داخل الدولة في السنوات الماضية، والذي وضع الإمارات على خارطة السياحة العالمية بفعل الاهتمام الذي أولته قيادتنا الرشيدة، حفظها الله، لهذا القطاع ضمن خططها لتنويع مصادر الدخل، والاستعداد لمرحلة ما بعد النفط، حيث حلت الإمارات في المركز الأول على مستوى الشرق الأوسط والـ33 عالمياً في التنافسية السياحية العالمية، وفقاً لتقرير المنتدى الاقتصادي العالمي لعام 2019، فيما بلغت حصة القطاع من الناتج المحلي الإجمالي للدولة 11.9 % خلال العام نفسه. وفيما يتعلق بالسياحة الداخلية، فقد شهدت بدورها نشاطاً كبيراً، حيث بلع حجم مساهمتها في الاقتصاد الوطني 41.2 مليار درهم خلال عام 2019، وهو رقم تسعى استراتيجية السياحة الداخلية إلى مضاعفته خلال السنوات المقبلة.
كما يمكن النظر إلى هذه المبادرات الحكيمة من زاوية تأثيرها الإيجابي على تعزيز جهود التعافي الاقتصادي من جائحة «كوفيد 19» التي أضرت بالاقتصاد العالمي كله وعلى رأسه قطاع السياحة والسفر. فلا شك أن تنشيط السياحة الداخلية سيخدم الجهود الضخمة التي تقوم بها الدولة لإعادة تنشيط الاقتصاد الوطني، وتسريع مرحلة التعافي الاقتصادي الشامل، ولاسيما أنها تتزامن مع الاعتماد الرسمي للقاح «كورونا» وبدء حملة التلقيح ضد الفيروس تمهيداً للعودة إلى الحياة الطبيعية بصورة كاملة.
ومن ثم يمكن النظر إلى هذه المبادرات باعتبارها خطوة ضمن جهود التعافي الاقتصادي في الدولة، وهي جهود أثبتت الإمارات من خلالها، أنها من أفضل بلدان العالم في إدارة الأزمات العالمية، حيث حلت في المركز الأول عربياً، في مؤشر التعافي الاقتصادي من آثار وباء «كوفيد 19» الذي نشرته مجموعة هورايزون البحثية في أكتوبر الماضي لتقييم الإمكانات والمقومات التي تمتلكها الدول، والتي تساعدها على تجاوز الأزمة والتعافي منها، كما أن إدارة الدولة لأزمة الوباء اعتبرت وبحق نموذجاً عالمياً يحتذى في إدارة أزمة بهذا الحجم، بفضل رؤية قيادتنا الرشيدة الثاقبة وخططها الطموحة لجعل هذا البلد في مقدمة بلدان العالم.
بقلم: أمل عبد الله الهدابي