أكدت معالي سارة بنت يوسف الأميري، وزيرة دولة للتكنولوجيا المتقدمة، رئيسة وكالة الإمارات للفضاء، قائد الفريق العلمي لمشروع الإمارات لاستكشاف المريخ «مسبار الأمل» أن دولة الإمارات رائدة في المساواة بين الجنسين، لافتة إلى أن التكافؤ في الأجور منصوص عليه في قانون الدولة بالتوازي مع الفرص التعليمية المتساوية.
وأشارت معاليها في مقال رأي نشرته صحيفة «فايننشال تايمز» الدولية المتخصصة في مجال الأعمال، إلى الدور الفعال للمرأة الإماراتية في مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ «مسبار الأمل».
وكتبت معاليها مقالها مستهدفة التنوع والمساواة في مجال العمل تحت عنوان «التنوع في قطاع التكنولوجيا يجب أن يتجاوز الجندر»، ويمكن تعريف المصطلح الأخير بـ«جنس المرء سواء كان ذكراً أو أنثى»، واستهلت الأميري طرحها بالتذكير ببعثة الإمارات نحو المريخ «مسبار الأمل» التي من المقرر أن تصل إلى الكوكب الأحمر في 9 فبراير 2021 للبدء بدراسة وقياس أنظمة الطقس، مما سيسهم في التأسيس لأول صورة كاملة للمناخ على مدار العام المريخي، وبذلك يترسخ اسم الإمارات كخامس دولة تصل المريخ في إنجاز تاريخي وكبير لدولة لم يسبق لها استكشاف الفضاء، وليس ذلك وحسب، بل إنجاز الأمر «بطريقة فريدة» للغاية.
تجربة
ونوهت الأميري بأنها غالباً وعند تبادل أطراف الحديث عن جهودها في مهمة الإمارات لاستكشاف المريخ، يتم سؤالها «عن تجربتها كامرأة» في قطاعات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، وقالت: «لا يمكنني الادعاء بأنني أتحدث نيابة عن جميع خبرات النساء في المجال، ومسيرتي المهنية تحظى بزخم عدد كبير من العلماء والمهندسين الموهوبين والطموحين الذين هم في الحقيقة سيدات، لكنني وفي الوقت ذاته سعيدة فيما لو تمكن فريق عملي الحاذق والمتمرس من المفكرين المبدعين ممن يجدون حلاً لكل مشكلة من أن يلهموا الآخرين لدخول عالم التكنولوجيا المتقدمة، إذ يرحب قطاع التكنولوجيا والابتكار بكل من لديه الجرأة على حل بعض أكبر تحديات العالم».
تكافؤ فرص
وبلغة الأرقام، أفادت معاليها بأن النساء يشكلن نسبة 70% من خريجي الجامعات الإماراتية، وكذلك أكثر من نصف خريجي مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، مؤكدة أن «المساواة بين الجنسين» قيمة غرسها الأب المؤسس المغفور له، بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وأن التكافؤ في الأجور منصوص عليه في قانون الإمارات، بالتوازي مع الفرص التعليمية المتساوية.
وأضاءت معاليها على موضوع التنوع في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، مشيرةً إلى أن «الابتكار الحقيقي يدور حول أكثر من المساواة بين الجنسين»، ويتعلق بالجمع بين مختلف الأعمار والجنسيات ومجالات الخبرة والخلفيات، ودون ذلك، فإننا نجازف بالركود، وتعتبر مهمة الإمارات لاستكشاف المريخ تقدمية، حيث إن 80٪ من علمائها وثلث الفريق الفني من النساء، لكن المهمة تحدت أيضاً التفكير التقليدي بطرق أخرى.
تراث وابتكار
وتابعت الأميري: «إن الإمارات دولة شابة – ستكمل عامها الـ 50 العام المقبل – وشعبها من الشباب الذين تلقوا التعليم العالي، وعند بدء مهمة البعثة نحو المريخ بمهندسين تم تكليف مهندسين تقل أعمارهم عن الـ 30 عاماً، حيث يبلغ متوسط عمر الفريق الآن 27 عاماً، كما أن المتطلبات الأساسية والوحيدة لفريق العمل تشمل التفاني والطموح والاستعداد للاستكشاف».
ورداً على زعم البعض في أن الشباب بطبيعتهم نافذو أو عديمو الصبر، تقول الأميري إن إطلاق مسبار الأمل في 6 سنوات فقط، بدلاً من 10-12 سنة كنهج اعتيادي للبعثات المماثلة، يشرح تلك الصفة كميزة أكثر، وهذا لا يعني أن التقدم في العلم لا يتحقق من خلال اتباع عمل من سبقونا، بل هو كذلك فعلاً إلا أن الأشياء العظيمة يمكن أن تحدث من خلال المزج أو التعاون بين التراث والابتكار.
آراء
وأضافت الأميري: مهمتنا تتعدى الحدود، وقد تم جمع الآراء والممارسات من جميع أنحاء العالم، علماً بأن تصميم وتطوير مسبار الأمل جاء بجهود فريق مهمة الإمارات لاستكشاف المريخ في مركز محمد بن راشد للفضاء في إمارة دبي، وبالتعاون مع جامعات كولورادو بولدر، وولاية أريزونا، وكاليفورنيا ببيركلي، وفيما يتعلق بالتكنولوجيا فقد استمدت من أوروبا، كما تم تدشين عملية الإطلاق من مركز تانيغاشيما للفضاء باليابان ومن خلال التعاون الوثيق عبر 3 قارات أدركنا بسرعة كيف يفكر ويعالج الأفراد مشكلاتهم على وجه مختلف، إذ لا مكان للرأي المنفرد والتفكير المحدود في مجال يضطلع باستكشاف المجهول.
نهج تعاوني
وأوضحت أن مجال علوم الفضاء ليس المستفيد الوحيد عند اتباع نهج متنوع وتعاوني، فالجميع رابحون ويمكننا رؤية ذلك أيضاً في الجهود الدولية القائمة حالياً لإيجاد لقاح ضد فيروس «كوفيد 19»، فمثل ذلك النهج يجعل العالم أكثر ذكاءً وأسرع وقدرة على الاستفادة من أفكار ووجهات نظر كل شخص.
وقالت: «لقد سمح لنا هذا المزج من التنوع والتعاون بتحقيق مهمة المريخ في الوقت المتاح لدينا»، معربةً عن أن تبني طرق تفكير جديدة يمكن أن يؤدي لنجاح أكبر في جميع المجالات العلمية.
وتابعت: «أفهم سبب سؤالي المتكرر عن النساء في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، ولكن إذا أردنا بلوغ الرفعة وتحقيق الإنجازات العظيمة، يحتاج كل من التكنولوجيا والابتكار في عمقهما لتنوع حقيقي يتجاوز الجندر أو جنس المرء».