ونحن مازالت تهب علينا نسائم شهر الإنتصارات شهر العزة والفخار للمصريين والعرب جميعاً شهر أكتوبر وللإرتباط الوثيق بين سيناء والأمن القومى المصرى ولأهمية أن تعرف الأجيال الحالية ممن لم يعاصروا ذكريات هذا الإنتصار العظيم ولا يعرفوا أهمية سيناء ذلك الجزء العزيز الغالى من أرض مصر، فسوف أستثمر هذه الذكرى العطرة لنشر سلسة من المقالات نتعرف من خلالها على أهمية سيناء لمصر، وماذا فعلت وتفعل الدولة لتنميتها والحفاظ عليها وربطها بالوطن الأم، فتنمية سيناء وإعمارها وزيادة التواجد السكانى بها، هو أهم مفاتيح حمايتها من الأعداء، ويمنع تواجد العناصر الإرهابية ويزيد الدخل القومى من خلال الإستثمارات التى ستفرز بها فى كافة المجالات السياحية، والإقتصادية، والصناعية، والزراعية، 00 الخ.
فسيناء تعد أحد مفاتيح شخصية مصر، وبوابتها الشرقية، فكما وهب الله مصر، موقعاً عبقرياً، فقد وهب سيناء موقعاً يلخص عبقرية مصر من حيث الوسطية والتنوع، والتميز والأهمية، فهى المنطقة التى تصل بين حضارات العالم القديم فى قارتى أفريقيا وأسيا، بينما تطل بواجهتها الأوسع على قارة أوروبا عبر مياه البحر المتوسط، فشمال سيناء هى حلقة الوصل بين الشام ومصر، أما جنوب سيناء فهى الحصن المنيع وسط الجبال والممر الإستراتيجى فى متلا والجدى، وتضم كذلك شرم الشيخ النقطة الحاكمة فى أقصى الجنوب عند إلتقاء أو إفتراق خليجى السويس والعقبة.
ومن باب التاريخ، فهى الأرض التى عبرها الأنبياء، وسيناء هى معبر للديانات السماوية وكرمها الله بذكرها فى القرآن الكريم فى أكثر من موضع، وكرمها بعبور أنبيائه أرضها قاصدين وادى النيل، فعبرها الخليل إبراهيم عليه السلام، وعاش فيها موسى وبها تلقى الشريعة من ربه، وعبرتها العائلة المقدسة فى رحلتها إلى مصر، وهى أرض السلام، وطريق الحرب، فهى جسر إستراتيجى عبرته الجيوش منذ فجر التاريخ مئات المرات، حتى إن جيش القائد الفرعونى تحتمس عبر سيناء فى حروبه سبعة عشرة مرة.
وقد إنعكست الأهمية الجغرافية والإقتصادية لسيناء على تطورها التاريخى حتى أضحى تاريخها بمثابة سجل شامل للأحداث الكبرى فى المنطقة فى الماضى البعيد والقريب معاً، فتشهد سيناء خلال الفترة الحالية أوضاعاً غير مسبوقة بتأثيرعوامل داخلية وخارجية، تشكل فى مجملها تهديداً لمستقبل سيناء والأمن القومى المصرى، الأمر الذى يتطلب حشد كافة القدرات والموارد الوطنية فى إتجاه إستعادة الأمن الكامل وتحقيق التنمية الشاملة فى سيناء، وهو ما تقوم به الدولة حالياً ويبدو جلياً للجميع التحسن فى الأوضاع الأمنية وجهود التنمية الجارية وإنشاء بنية أساسية جديدة
تعزز من ربط سيناء بأرض الوطن والربط بين ضفتى القناة من خلال (20) نقطة عبور و(6) أنفاق عملاقة بالإضافة إلى (5) كبارى عائمة على قناة السويس وكوبرى السلام.
لقد فرضت تطورات الأوضاع فى سيناء خلال السنوات العشر الماضية، أهمية سرعة العمل المتوازى المتزامن، لتحقيق الأمن والتنمية الشاملة فى سيناء، وهو ما أدركته القيادة السياسية الواعية الرشيدة المدركة لأبعاد الأمن القومى وللأهمية الإستراتيجية والجيوبوليتيكية والجيوإستراتيجية لسيناء، وليس أدعى للدفاع عن هذه المنطقة الغالية من أرض مصر إلا إنشاء المجتمعات العمرانية، والإهتمام بأهلها ورفع مستواهم الإقتصادى والإجتماعى، وجعلها وطناً ثابتاً للسكان يساهمون فى الدفاع عنها، وهذا ما أقره مجلس الوزراء فى 13 أكتوبر 1994م بوضع إستراتيجية لتنمية سيناء وأصبحت أحد مشروعات خطة التنمية للدولة، وفى سبتمبر عام 2000م تم إعادة رسم إستراتيجية التنمية حتى عام 2017م لتنمية سيناء بحيث يهدف المشروع القومى لتوطين حوالى ثلاثة ملايين نسمة مما يعزز من التأمين للإتجاه الإستراتيجى الشمالى الشرقى لجمهورية مصر العربية، وقد بلغت تكلفة مشروعات التنمية بسيناء خلال الفترة الحالية أكثر من (600) مليار جنيه، وما زال جيش مصر العظيم الذى حرر هذه الأرض بدماء أبنائه، يساهم فى تنميتها وتطويرها مؤدياً دوره فى الحفاظ على هذا الوطن مدافعاً ومحافظاً على ترابها من خلال القيام بتعمير سيناء وإنشاء مدن وطرق جديدة بها وتوفير التمويل للمشروعات الجديدة التى تتم على أرض سيناء حيث وفرت الهيئة الهندسية للقوات المسلحة حوالى (300) مليار جنيه.
وسنستعرض سريعاً بعض من المشروعات التى نفذت والجرى تنفيذها على أرض سيناء الحبيبة، فقد تم تنفيذ أكثر من (300) مشروع تنموى فى سيناء خلال الستة أعوام الماضية، كما تم إنشاء (17) تجمع بدوى بشمال وجنوب سيناء، كما تم ربط سيناء بالوادى والدلتا عن طريق شبكة أنفاق تمتد تحت مياه قناة السويس، وأخرى من الكبارى والطُرق، بالإضافة إلى إنشاء عدة محطات لتحلية مياه البحر لتوفير مياه تخدم الأغراض التنموية وتُمهد لإستقبال سُكانها الجُدد، بالتوازى مع إنشاء عدد من محطات الطاقة المُتجددة، لتوفير القوة الدافعة للنشاطات الاقتصادية العديدة التى يجرى إنشائها فى كافة المجالات الصناعية، السياحية، والزراعية، فضلاً عن زيادة عدد المدارس “فعلى مستوى التعليم ما قبل الجامعى نلاحظ زيادة عدد الفصول الدراسية فى سيناء لتصل إلى عدد 5021 فصل عام 2019 مقابل 4793 فصل خلال عام 2016 بنسبة زيادة أعلى من معدل النمو فى عدد الفصول فى القاهرة” والمُستشفيات “أنشأت القوات المسلحة مستشفيات فى كل من العريش وشرم الشيخ، ويستهدف المشروع القومى لتنمية سيناء زيادة عدد أسرة المستشفيات إلى 6000 سرير لمواكبة الزيادة المتوقعة في عدد السكان، من خلال إنشاء عدد 55 مستشفى تابع لوزارة الصحة وعدد 23 مستشفى للقطاع الخاص” ، كما تم إنشاء جامعة جديدة “جامعة الملك سلمان الدولية بمحافظة جنوب سيناء، وهذه الجامعة تقام على ثلاثة أفرع، الأول بشرم الشيخ ويقام على مساحة 35 فدانًا، ويضم 4 كليات، هى: السياحة والضيافة، والألسن واللغات التطبيقية، والعمارة، والفنون والتصميم، وفرع بمدينة رأس سدر، ويقام على مساحة 330 فدانا، ويضم 4 كليات، هى: الطب البيطرى، والزراعات الصحراوية، والعلوم الإدارية، وعلوم المجتمع، والفرع الثالث والأخير بعاصمة المحافظة مدينة الطور، ويقام على مساحة 355 فدانا، ويضم 7 كليات، هى: الهندسة، والطب، والعلوم، والصناعات التكنولوجية، وعلوم وهندسة الحاسبات، والصيدلة، والتمريض.
وللحديث بقية إن شاء الله مع أرض الفيروز 00 أرض مصر المقدسة 00 سيناء أرض السلام والمحبة 00 أرض الخيرات والثروات 00 أرض القمر.
حفظ الله مصر وجيشها الأبى وشرطتها الباسلة.
بقلم: سعادة اللواء د. محمود ضياء
إستشارى الدفاع والأمن القومى