قال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله: «إن أمننا الغذائي والمائي جزء من أمننا الوطني، واستدامة مواردنا الغذائية والمائية، ضمان لاستدامة التنمية في بلدنا». وأضاف سموه: «إن الأمن الغذائي والمائي من الملفات ذات الأولوية في حكومة الإمارات لمرحلة ما بعد «كوفيد 19»، والهدف إطلاق مبادرات نوعية، لتعزيز جاهزيتنا لمواجهة كل أنواع الأزمات»، وتابع سموه أن «أزمة كورونا العالمية أعطتنا رؤية أشمل وقدرة أكبر على التعامل مع التحديات، وعلينا أن نبني على هذه التجربة لتعزيز أمننا الغذائي والمائي».
جاء ذلك خلال الاجتماع، الذي عقده سموه بحضور سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي، وسمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة، للاطلاع على خطة العمل الرامية إلى تعزيز الأمن الغذائي والمائي في الإمارات، على خلفية التشكيل الوزاري لحكومة الإمارات لمرحلة ما بعد «كوفيد 19»، والذي وجه سموه خلاله معالي مريم بنت محمد سعيد حارب المهيري وزيرة دولة للأمن الغذائي والمائي بمتابعة المخزون الوطني والاستثمار في تكنولوجيا الغذاء، وبناء الشراكات الدولية ذات الصلة في إطار إيجاد وتنفيذ حلول عملية للتحديات، التي تواجه دولة الإمارات العربية المتحدة، وبما يدعم منظومة الغذاء والمياه لتلبية المتطلبات التنموية في كل المجالات، خلال الفترة المقبلة.
وأردف صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، قائلاً: «إن الحفاظ على منظومة الرفاه الإماراتية تتطلب منا جميعاً ترسيخ وعي وطني بأهمية حشد الموارد والإمكانات والجهود لتوفير منظومة اكتفاء ذاتي متكاملة». وفي «تدوينة» نشرها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في حسابه عبر «تويتر» جاء فيها: «خلال استعراض استراتيجية الأمن الغذائي والمائي مع وزيرة الدولة مريم المهيري، الملف حيوي لاستقرار التنمية في بلدنا، ودور الأفراد مهم جداً في الاقتصاد في مواردنا المائية والغذائية، لا نسرف ولو كنا على نهرٍ جارٍ».
وتأتي جهود تعزيز الأمن الغذائي والمائي في إطار المتابعة الحثيثة من حكومة الإمارات حول تعزيز جاهزية الدولة تجاه مختلف المتغيرات في المستقبل، والبناء على ما تم تحقيقه خلال أزمة انتشار وباء فيروس «كورونا» المستجد ونجاح مختلف الجهات ذات الصلة في الدولة في تشكيل فريق عمل متكامل استطاع اتخاذ كل التدابير والإجراءات الضرورية لتوفير جميع السلع الغذائية في كل أسواق الدولة. كما تحرص الحكومة على ضرورة إيجاد حلول عملية لتعزيز الأمن المائي المرتبط بشكل وثيق بالأمن الغذائي خصوصاً للإيفاء باحتياجات المشاريع الزراعية الممكنة تكنولوجياً وغيرها من مقومات الإنتاج الغذائي في الدولة.
وسلطت مريم المهيري الضوء على أبرز الجهود والمبادرات المعنية بتعزيز الأمن الغذائي والمائي في دولة الإمارات العربية المتحدة، كما قدمت عرضاً وافياً للخطة الاستراتيجية، التي ترسم أهم التوجهات في هذا الملف خلال المرحلة المقبلة، وذلك في ضوء العديد من التحديات المستقبلية، التي تهدد موارد الغذاء والماء في العالم، وسط اهتمام عالمي متزايد بهذه القضية الحيوية، في ظل أزمة تفشي وباء فيروس «كورونا» المستجد، التي هددت بضرب وتعطيل سلاسل الإمداد وتوريد المنتجات، خصوصاً لجهة المنتجات الزراعية والغذائية، في خضم ما أفرزته من تعقيدات لوجستية بالدرجة الأولى، الأمر الذي دفع العديد من الدول إلى الاعتماد على سلاسل التوريد المحلية، وهو ما عزّز أهمية الدفع بالجهود في الدولة نحو توفير منظومة اكتفاء ذاتي.
وقالت: «إن القيادة الرشيدة تمتلك رؤية استشرافية تعمل على تسخير كل السبل والممكنات من أجل إيجاد حلول عملية للتحديات المستقبلية العالمية، التي تمسّ الاستقرار المجتمعي والاقتصادي». وأضافت: «يشكل ملفا الأمن الغذائي والمائي ضرورة ملحة من أجل تعزيز عمل مختلف القطاعات الحيوية في الدولة، ويعدّ الملفان ركيزة أساسية للتنمية المستدامة وإدارة الموارد وتحقيق أقصى استفادة منها، من أجل توفير الماء والغذاء للأجيال الحالية والمقبلة، ولا بد من العمل المشترك بين جميع الجهات المعنية لتحقيق أفضل النتائج التي تضمن ازدهار القطاعين».
وتابعت: «الشراكة هي نهج أساسي في العمل الحكومي، وسنعمل مع مختلف الجهات المحلية والدولية ذات الصلة على صياغة إطار عمل نسير عليه من أجل تحقيق المصلحة المشتركة والارتقاء بإمكاناتنا في قطاعي الغذاء والمياه، بما يلبي طموحاتنا، ويرسخ مكانتنا الرائدة وتعزيز جاهزيتنا نحو المستقبل».
واستعرضت المهيري خلال الاجتماع الخطوط العريضة في مجال العمل بملف الأمن الغذائي والمائي في دولة الإمارات العربية المتحدة، موضحة أنه يتمحور حول الإشراف على المخزون الاستراتيجي، ودعم البحث والتطوير وتبني تقنيات الإدارة المتكاملة للمياه والمتوائمة مع بيئة الإمارات، وكذلك تحسين المشاركات والتمثيل الدولي. كما أوضحت معاليها المؤشرات الاستراتيجية للأمن المائي والتي تستند إلى المحافظة على تجدد الموارد المائية، والوصول إلى المياه.
وكشفت كذلك خلال الاجتماع عن توجهات المرحلة المقبلة، من أجل تعزيز الأمن المائي لدولة الإمارات العربية المتحدة، حيث أوضحت معاليها أهمية العمل على توفير المياه داخل المنازل وإدارة الموارد المائية بشكل أكثر فعالية من خلال الارتقاء بتقنيات تدوير المياه، بالإضافة إلى ابتكار أدوات يمكنها إنتاج المياه من مصادر غير مستغلة كالضباب.
كما ألقت الضوء على أهمية البحث العلمي والتطوير في مستقبل الأمن المائي، خصوصاً في مجال تدوير المياه وإعادة استخدامها، وتنظيم أدوات فعالة ومبتكرة لتحقيق أقصى استفادة ممكنة من مياه الري لتوفير احتياجات الأشجار والمحاصيل. وتطرقت إلى كيفية تحقيق أقصى استفادة ممكنة من السدود في كل أنحاء الدولة، وتوظيف أنظمة الطاقة الشمسية من أجل تقليل هدر المياه من التبخير وكذلك إنتاج الطاقة.
وفي ما يخص الأمن الغذائي، استعرضت مريم المهيري أبرز المحاور، التي ستقوم عليها آلية العمل خلال الفترة المقبلة، من أجل تعزيز الأمن الغذائي لدولة الإمارات العربية المتحدة، حيث أكدت معاليها أن الفترة المقبلة ستشهد اهتماماً كبيراً بتكنولوجيا الغذاء وتوظيفها من أجل توفير رافد اقتصادي جديد للدولة، وكذلك تعزيز مكانتها مركزاً عالمياً رائد للأمن الغذائي القائم على الابتكار والمعرفة، حيث سيتم الاعتماد على العديد من التقنيات الحديثة في سبيل الارتقاء بكامل منظومة الغذاء في الدولة مثل علوم الجينوم ومخرجات الثورة الصناعية الرابعة.
وذكرت أن «الاقتصاد الأزرق»، الذي يعني الإدارة الجيدة للموارد المائية وحماية البحار والمحيطات بصورة مستدامة للحفاظ عليها للأجيال الحالية والقادمة، سيكون محوراً حيوياً في ملف الأمن الغذائي، حيث سيعمل مكتب الأمن الغذائي والمائي في المرحلة المقبلة على خطة وطنية لتنمية واستخدام الموارد البحرية تضع إطاراً متكاملاً لتعزيز الاستفادة من الموارد البحرية لتنمية الاقتصاد، من خلال تطوير المنتجات الغذائية والأغذية الوظيفية ومصادر البروتين البحرية وغيرها.
وفي السياق نفسه، أكدت أن استكشافات الكائنات البحرية الجديدة والمتوائمة مع بيئة دولة الإمارات العربية المتحدة، بالإضافة إلى الارتقاء بكل أنشطة الأحياء المائية الرامية إلى إنتاج الأغذية البحرية في الدولة، سيكونان من أهم محاور تفعيل آليات الاقتصاد الأزرق، وتعزيز الأمن الغذائي في الإمارات خلال المرحلة المقبلة. ولفتت إلى أن المجتمع سيكون ركيزة أساسية، خلال خطة العمل من أجل تعزيز دوره في دعم ملف الأمن الغذائي من خلال مساهمته في كامل سلسلة القيمة الغذائية، وعلى رأسها إنتاج الغذاء، بالإضافة إلى رفع وعيه تجاه التحديات الغذائية، التي تواجه الدولة والمشاركة في إيجاد حلول عملية لها.