أظهر تقرير صادر عن منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) أن على قطاع النفط والغاز أن يؤمّن أكثر من عشرة تريليونات دولار من الاستثمارات على مدى الاثنين والعشرين عاماً المقبلة من أجل تلبية النمو المتوقع في الطلب على الطاقة والمنتجات البترولية الصناعية.
وبحسب الأرقام الواردة في تقرير توقعات مشهد النفط العالمي في أفق العام 2040، الصادر عن «أوبك»، فإن الأعمال في كافة جوانب ومراحل سلسلة القيمة لقطاع النفط والغاز ستحتاج إلى تمويل يبلغ حوالي 10.5 تريليونات دولار بين العامين 2017 و2040، محسوبة بأسعار الدولار في العام 2016، لتحقيق سوق نفط «متوازنة ومستقرة».
وتشمل هذه الاستثمارات 7.9 تريليونات دولار في أعمال الاستكشاف والتطوير والإنتاج، كالإنتاج، أو حوالي 328 مليار دولار سنوياً، فيما سوف تحتاج أعمال الغاز والتكرير والبتروكيماويات، كالصناعات التحويلية والتكرير، إلى حوالي 1.5 تريليون دولار، مع تخصيص ما يقرب من 915 مليار دولار منها لأجل الإصلاحات والصيانة، فيما ستحتاج أعمال الشحن والتخزين وتوزيع النفط والغاز، إلى حوالي 1.1 تريليون دولار من الاستثمارات.
وفي ضوء هذه التوقعات، تستضيف دورة 2018 من معرض ومؤتمر أبوظبي الدولي للبترول (أديبك)، سلسلة من المحادثات المتخصّصة حول التمويل في القطاع ضمن برنامج يرمي إلى تعزيز الروابط بين كبار المسؤولين التنفيذيين، ويسهّل التبادل المعرفي الذي يمكن تطبيقه على امتداد سلسلة القيمة الكاملة، بدءاً من الاستكشاف والتطوير والإنتاج ووصولاً إلى المنتج النهائي، وذلك بُغية التصدي لتحديات التمويل المستقبلية.
وقال ريتشارد كورماك، الرئيس المشارك لأسواق رأس المال لدى «غولدمان ساكس»، إن فرص الاستثمار والتمويل «ترتبط في ما بينها ارتباطاً وثيقاً»، معتبراً أنه لا يمكن مناقشة أي استثمار محتمل من دون معرفة مصدر التمويل وتكلفته، والتكلفة المحتملة التي تنطوي عليها فرصة ذلك التمويل.
وأشار كورماك، الذي تحدث أمام مؤتمر «أديبك»، إلى أهمية وضع استراتيجية شاملة لمخصصات رأس المال لإحراز النجاح في هذا القطاع، مؤكداً أن المستثمرين «يركزون تركيزاً شديداً على اتباع الدورة التي مررنا بها في هذا القطاع».
ويرى كثير من الخبراء في القطاع أن الحصول على التمويل اللازم لمشروعات النفط والغاز الجديدة سوف يزداد تعقيداً، ولا سيما مع ابتعاد قطاعات النقل والمواصلات وتوليد الطاقة عن الاعتماد على الهيدروكربونات باتجاه مصادر الطاقة المتجددة. لذلك يُعد العثور على خريطة طريق للتمويل في المشهد الجديد لقطاع الطاقة أمراً بالغ الأهمية.
ويستضيف مؤتمر «أديبك» الاستراتيجي بوصفه حدثاً بارزاً يحظى بتقدير عالمي واسع، جلستي إحاطة صباحيتين على مستوى الرؤساء التنفيذيين تُعنيان بالشؤون المالية والاستثمارية، وذلك برعاية مجموعة الاستشارات «غرانت ثورنتون»، للتعرّف على الطرق التي يُبدع فيها القطاع في استقطاب فرص استثمارية جديدة، مع التركيز على عمليات الدمج والاستحواذ، والمشاريع المشتركة، وطرح الأسهم عبر عمليات الاكتتاب الأولية، وتمويل المشاريع، وغيرها.
وتشمل الموضوعات الرئيسة المطروحة في جلسات المؤتمر تمويل النمو المستقبلي لقطاع النفط والغاز العالمية الراهن، وتعزيز استقرار التمويلات، وزيادة التعاون بين الحكومات والمؤسسات المالية، والبحث في كيفية تأمين قطاع تمويل المشاريع في صناعات المنبع والمجرى الأوسط والمصب.
وتضم حوارات اللجان والمقابلات التي تُجرى على المسرح بعضاً من أكثر صانعي القرار المالي تأثيراً في القطاع، بينهم تنفيذيون كبار من شركات نفط وطنية وعالمية، مثل شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك)، ومبادلة للبترول، و«ماكديرموت»، و«بي پي»، ودانة غاز، و«بترونيت» للغاز الطبيعي المسال، عارضين بعضاً من خبراتهم المتنوعة في جميع جوانب القطاع.
ويُشارك من القطاع المالي ممثلون عن سوق أبوظبي للأوراق المالية، وشركات «غولدمان ساكس» و«جيه بي مورغان»، وبنك «ستاندرد» من جنوب إفريقيا، وبنك اليابان للتعاون الدولي، علاوة على «غرانت ثورنتون».
من جانبه، قال جان-فيليب كوسيه نائب الرئيس لقطاع الطاقة لدى «شركة دي إم جي للفعاليات»، الجهة المنظمة لمعرض ومؤتمر «أديبك»، إن قادة الفكر في مجال التمويل المشاركين في المؤتمر يضمّون بعضاً من أوسع المسؤولين التنفيذيين نفوذاً، سواء في قطاع النفط والغاز أو قطاع التمويل، ممن يتخذون قرارات استثمارية رئيسة في هذا القطاع اليوم.
وأضاف: «يُنتظر أن تساهم المحادثات والنقاشات التي يستضيفها مؤتمر أديبك في تحقيق التبادل المعرفي، وستكون عملية للغاية إذ تتناول التحديات التي تواجه القطاع في الوقت الراهن، وتلك التي يُنتظر أن تواجه القطاع في المستقبل خلال سعيه للحصول على التمويل اللازم للنمو المستدام».
وتشكّل جلستا الإحاطة الصباحيتان الخاصتان بالرؤساء التنفيذيين والمعنيتان بشؤون التمويل، إحدى الفعاليات التي تستضيف كبار المسؤولين ضمن برنامج مؤتمر «أديبك» الاستراتيجي 2018، الذي يشتمل كذلك على ثلاث جلسات وزارية تستضيف وزراء طاقة من الشرق الأوسط وإفريقيا وأوروبا وآسيا والأمريكتين، وعشر جلسات عالمية لقادة الشركات، وإحدى عشرة جلسة حوارية للمديرين التنفيذيين.