ان تمعنا قليلا في هذه الحياة التي نعيشها، سندرك جل الادراك ان الحياة هي عبارة عن مجموعة من الفرص المتتالية، اما ان نستغل هذه الفرص قدر المستطاع , او نتركها لتضيع في مهب الريح مثلها مثل شقيقاتها اللاتي ضعن في خضم الزحام الفكري والمادي الذي نعيش فيه . دائما و أبدا , وفي كل مقالاتي احاول قدر المستطاع ان أسلط الضوء على أهمية معرفة ما نريده من هذه الحياة , وما الهدف الذي نريد الوصول اليه , وصدقوني ان لم تدركوا ما تريدونه الآن فلن تدركوه أبدا , فنحن أصبحنا نعيش كالمتسابق الذي يبذل قصارى جهده ليصل لخط النهاية قبل الآخرين، كل شيئ أصبح سريعا سرعة غير مسبوقة، ومتابعيني يعلمون تماما ان مقالاتي هدفها دائما ان توقظهم من سباتهم الفكري وتبعث فيهم النشاط والأمل والايجابية والروح لمواصلة هذه الحياة في هدوء وراحة نفسية بإختيارنا نحن .
مقالتي اليوم تتمحور حول نقطة التحول، ولكن ماهي نقطة التحول بالنسبة لكثيرين منا ؟ تحدثت في مقالة سابقة عنوانها ” قوة الآن” عن أهمية الاسراع وعدم التكاسل في تنفيذ أهدافنا طالما انها تشبع دوافعنا الداخلية والنفسية وتشعرنا بالمتعة الداخلية والفخر بالنفس , اصبحنا اليوم نرى أشخاصا كثر قد بدأو بالفعل في تنفيذ مشاريعهم الخاصة بأقل تكلفة ممكنة حتى جنوا ثروات هائلة مقابل ما قدموه من خدمات للمجتمع , قف مع نفسك قليلا أخي القارئ لتعرف وتحدد ما تريد بالضبط , فمثلا : ان كنت بارعا في مجال اللغات او الترجمة , فبإمكانك البدء بتأليف ديوانك الخاص , او البدء في تعليم الآخرين قواعد احدى اللغات , او ان تنشر على صفحتك الخاصة على أحد مواقع التواصل الاجتماعي انه بإمكانك ان تقوم بترجمة قطع معينة مقابل مبلغ بسيط من المال ولتكون هذه هي البداية , فاليوم وفي ظل هذا التقدم المعلوماتي الكبير يحظى كل شخص منا بفرصة نشر ما يرغب به على صفحات مواقع التواصل بكل سهولة ويسر مما سهل عملية التسويق ومعرفة احتياجات الجمهور عن ذي قبل , استغل شبكة المعلومات قدر المستطاع في صقل مواهبك و البحث عن معلومات تساعدك في تطوير نفسك قدر الامكان , فيمكنك الاستعانة بالانترنت في كلا من البحث والدراسة والترويج ايضا , وهو ما لم يكن متوفرا قديما وها هو اليوم بين أيدينا وبكل سهولة . اما ان كنت بارعا في أحد المجالات البدنية كالألعاب الرياضية او غيرها تستطيع مثلا العمل في النوادي الصحية او العمل كمدرب خاص , او تكوين فريق تقوم فيه بتدريب الاطفال على لعبة ما ككرة القدم او السلة . اما اذا كنتي عزيزتي القارئة بارعة في المجالات الفنية , فالفرصة ذهبية أمامك , اذهبي لأقرب مكتبة و أبدأي في تصميم بعض الرسومات و الأشغال اليدوية التي تحتاج لمهارة فنية متوسطة وإبدأي بالتنفيذ , اما ان كنتي حافظة للقرآن بإمكانك تعليم صغار المنطقة كيفية حفظ القرآن بالأحكام الصحيحة , وهنا سيكون لك الثواب والأجر وستكونين قد أسهمتي في تربية وتنشئة جيل حافظ للقرآن .
وان كنتي بارعة في مجال الطبخ , إبدأي بتنفيذ بعض المأكولات البسيطة التي تبرعين فيها وابدأي بالترويج فورا , ولما لا فربما بعد فترة صغيرة يصبح لك اسم خاص و ” لوجو ” يعبر عن أطعمتك اللذيذة . اما ان كنتي تحبين أعمال الخياطة فإبدأي فورا بمساعدة زملائك على اختيار أزيائهم و مساعدتهم في التنسيق بين الالوان وتعديل ما ينقصهم في قطع ملابسهم . في الحقيقة هناك الملايين من الأفكار التي تستطعين القيام بها اعتمادا على موهبتك , و على ما تحبين القيام به , اياكي ان تقولي انني لا استطيع القيام بأي شئ او اني افتقر للموهبة , لأن هذا سيكون مجرد عذر يبرر عن تكاسلك وتخاذلك عن القيام بأمور مفيدة . علينا جميعا الوقوف مع أنفسنا لوهلة والبدء فورا في التنفيذ دون تأجيل او تخاذل .
والسؤال المطروح هنا , هل سأنجح فيما سأقوم به ؟ الإجابة ليس بالتأكيد , فالنجاح ليس حكرا على أحد وليس بالضرورة ان يحققه المرء من أول محاولة , فتوماس اديسون لم ينجح في اختراع المصباح الكهربي من أول مرة وكذلك معظم الناجحون على أرض الواقع . انت تستطيع الوصول الى مبتغاك , انت تستطيع تحقيق ما تتمنى , تذكر هذا دائما , فالله حبانا بنعمة العقل التي لا مثيل لها ليس هنالك ما هو مستحيل على هذه الأرض حاول وستصل بإذن الله بالقليل من الجهد والصبر نستطيع نحن البشر كسر كل الحواجز . بعضكم ربما سيقول انه ليس بحاجة للمال , فلما يفكر بمشروع او بآخر.
وفي الحقيقة ان الهدف من حديثي هذا ليس جني المال فقط و انما تحقيق الذات , الفخر بالنفس , وتكوين علاقات طيبة بالمجتمع المحيط وهو ما لا يشترى بالمال أبدا , تذكر هذا جيدا.
وأخيرا , أعلم تماما ان ظروف الحياة أصبحت صعبة للغاية , ولكني سأختم مقالي بمثال قصير، ان قمنا بإحضار ثلاث أوان بداخلهم مياه تغلي , ووضعنا في الاول بيضة , وفي الثاني حبة بطاطس وفي الثالث ملعقة او اثنان من البن , ماذا سيحدث هنا ؟ أو بمعنى آخر ماذا سيكون مصير الثلاث مكونات ؟ البيضة ستصبح أقوى وأقصى من قبل , حبة البطاطس ستصبح ضعيفة للغاية وسهلة التحكم بها وتشكيلها، اما البن فسيصبح مكونا أغنى، ساعدته المياه الساخنة ان يغير من نفسه للأفضل مكونا مشروبا لذيذا له رائحة رائعة للغاية . هكذا نحن ، ما يحيط بنا من ظروف متشابه في مقدار الصعوبة الى حد كبير و نحن فقط من يحدد مصيره ومن يحدد ما سيكون عليه في المستقبل، قرارك وحياتك بيدك انت , فأسعى دائما للوصول الى حياة ترضيك من خلال نقطة تحول .
بقلم: روان سالم – (مصر)