|  آخر تحديث أغسطس 11, 2017 , 22:36 م

محمد بن زايد رجل التاريخ


محمد بن زايد رجل التاريخ



إن الحضارات تُبنى بأيدي رجال عظماء، يخلد التاريخ ذكرهم، وتنبض القلوب بحبهم، لعظم أثرهم في حاضر الأيام ومستقبلها، ولعميم نفعهم للناس من حولهم، ولتأثيرهم الكبير في رقي أوطانهم وأممهم، ومن هؤلاء الرجال الأفذاذ رجل من أعظم رجالات التاريخ، صنع مجدا عريقا، سيرته كالسحاب الهطول يُمطر نُبلا وتسامحا، فتجري منها أنهار شمائله الزكية، لتخضرَّ منها قلوب محبيه، وتزدان منها نفوسهم، ألا وهو صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رجل التاريخ بجدارة.

فلقد تعددت شمائل سموه وتنوعت، وسرى ذكره في الآفاق، وهو رجل أفعال ومواقف، فلئن سألت عن جمال أخلاقه لرأيته البدر في الدجى، فلقد تربى سموه في مدرسة زايد الخير طيب الله ثراه، فكان خير خلف لخير سلف، وورث عنه جميل الصفات والسجايا، وصفه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد بشيخ الشباب، وكتب قصيدة في مآثره التي استقاها من زايد الخير، فقد استقى منه الفكر السديد والفهم الرشيد والفضل والجود والحلم والعلم والحكمة حتى الشكل والصوت والضحك وتعابير الوجه، ليختم سموه القصيدة بقوله: «اسمه تعدى نايفات الغمايمْ،،، عضدي محمد دام عزه ومجده».

ولئن سألت عن الثقافة والفكر لوجدته النجم الزاهر في سماء الثقافة، قد نال منها أوفر نصيب، وكلماته المشرقة تقطر ثقافة وعلما لا يُبارى، ومجلسه أنموذج يُحتذى في العلم والثقافة والألفة والتواضع الجم والدروس البليغة في المعاني الجميلة.

ولئن سألت عن أدواره الداخلية لوجدته مدرسة كبرى، فدوره تاريخي في تعزيز اللحمة الوطنية، فقد وطد سموه دعائم التلاحم المتين، وأكد في مختلف المناسبات وحدة الصف الإماراتي، وأطلق مقولته الشهيرة: «البيت متوحد»، وأرسى قيم التآزر والتكاتف، ودعا للمحافظة على سفينة الوطن، فكان بحق مدرسة تاريخية في غرس قيم الاستقرار والتلاحم، وإذا كان الربيع العربي المشؤوم وبالا على أهله فإن الربيع الإماراتي كان ربيع تلاحم وتكاتف ووئام، وكانت كلمات الشيخ محمد بن زايد مصباحا مضيئا يهتدي به السائرون في الإمارات نحو مزيد من القوة والتكاتف والتلاحم.

ولئن سألت عن اهتمامه بشعبه لوجدته القائد الأبوي الحاني، فهو قريب من المواطنين، قريب من قلوبهم، قريب من حياتهم، يسعى لراحتهم، ومتابعة شؤونهم، وإدخال السرور عليهم، والوقوف على همومهم وقضاياهم بنفسه، وكانت زياراته الميدانية للناس في مناطقهم خير مثال على ذلك، وهو يشارك شعبه في مناسباتهم، ويقف معهم في أفراحهم وأحزانهم، ويشارك مجالس العزاء مواسيا أهالي الشهداء بكلمات الأب الحنون، فكيف لا تتعلق به القلوب وتحبه؟

ولئن سألت عن اهتمامه بالإنسان لوجدت أنواره تسطع اهتماما وعناية، فلقد اهتم سموه بتنمية الإنسان في مختلف الجوانب، وخاصة التعليمية، وأطلق مبادرة التربية الأخلاقية للارتقاء بطلاب المدارس، وحث على التفوق قائلا: «المتفـوقــون هـم قــاطـرة الابتكــار والإبداع والطموح والتطور الحضاري والإنساني»، ونوَّه بدور الأسرة في خلق البيئة المناسبة لأبنائها، وزرع حب التحدي فيهم والإصرار على تحقيق المراكز الأولى.

ولئن سألت عن دوره في تعزيز التسامح والتعايش لوجدته أنموذجا رائدا في ذلك، فقد عمل سموه على تعزيز التسامح والتعايش والوسطية، وصد الإرهاب والتطرف، ودعا للوقوف صفًّا واحدًا أمام الأفكار الهدامة والمتطرفة، وإبراز المبادئ السمحة والقيم النبيلة، لتغدو دولة الإمارات واحة أمن واستقرار وتسامح.

وهكذا نظرته في الاقتصاد والتنمية نظرة تاريخية ريادية فذة، تهدف لبناء اقتصاد متين ومتنوع ومستدام، ووضع رؤى وخطط لاقتصاد ما بعد النفط، يعزز مقومات وقدرات الدولة، وقد أشار سموه إلى أن الإمارات تتبنى استراتيجيات تنموية تصل إلى 50 سنة مقبلة.

ولئن سألت عنه في الشدائد لرأيته الفارس الشهم المقدام، فهو خير سند وذخر لأشقائه في الملمات، وفي الشدائد تظهر معادن الرجال، وهو ذو وعي ثاقب ومعرفة دقيقة ورؤية عميقة وتعامل حكيم مع التحديات التي تواجه المنطقة، ودوره تاريخي ريادي في تعزيز لحمة الخليج، والوقوف مع الأشقاء في التحالف العربي لنصرة أهل اليمن، وحماية الخليج من مؤامرات الأعداء، وحفظ الأمن الخليجي والعربي، ومن يتابع الأحداث يجد الدور الكبير والعظيم والتاريخي لسموه في هذا الباب، وحرصه الشديد على وحدة الصف العربي لمواجهة التحديات.

وهكذا أيضاً على الصعيد الدولي، نجد حرص سموه الدائم على رفعة اسم الإمارات في المحافل الدولية، ليرفرف علمها شامخا بفخر واعتزاز، وينال أهلها الحفاوة والتقدير أينما حلُّوا، وأما عن المجال الإنساني في الداخل والخارج فذلك بحر لا ساحل له، والإمارات من أكثر الدول في تقديم المساعدات الإنسانية والإنمائية لمختلف الشعوب المحتاجة، وإطلاق المبادرات المتعددة للمحتاجين والمنكوبين.

وإننا إذا سألنا التاريخ لما وصف الشيخ محمد بن زايد إلا بالرجل العظيم، الذي تفتخر به أرض الإمارات وأبناؤها، ويفتخر به كل عربي ومسلم وكل منصف، وإن القضايا التي ذكرناها مجرد رؤوس أقلام، وهي قطرة في بحر مناقب سموه الجمة، وإن أدواره التاريخية تستحق أن يُكتب فيها كتب ومجلدات، وتستدعي من الجامعات المختصة في الدراسات العليا في العالم العربي والإسلامي الكتابة حول شخصية سموه عبر رسائلها الجامعية، وأدواره التاريخية لا تكفي فيها رسالة واحدة، بل رسائل كثيرة، لأنه بحق رجل التاريخ.

 

 

بقلم: أحمد محمد الشحي – ( الإمارات )

al_alshehi71@hotmail.com


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Facebook Auto Publish Powered By : XYZScripts.com