تثاقلت الخُطا كانتعالِ حديدٍ بقدميك،واشتد النفس حتَّى شعرت بابتلاع ماءِ المحيط،واحتدمَ التفكير كرقصِ جناحين لا يستطيعان التوقف عن الرفرفة.
كما المطر روحه في الغيم،والربيع روحه في الأرض ،روح العاشق في ذكرياته مع من يحب.
في الحبّ لا قانون نستطيع احترافه أو دستوراً نتماشى معه أو قواعداً تضبط أفعالنا بعدما كنا عقلاء فهو يجبرنا في بعض الأحيان على جنونٍ نتقدم به دون انتظار العواقب ،لذلك تصبح حياتنا مرةً ضبابية ومرةً لا تضاهيها أيّة سعادة في الوجود ،إلا أنَّ هذه الحياة قاسية عندما تقرر أن تفصلنا عن جزءٍ تعلقنا به كغُرَزٍ إذا فُكَت فُتِحَ الجرح إلى الأبد ،فعندما نخطو أول خطوةٍ بعد التمسك الشديد تبدأ تلك الجراح التي لا يستطيع أنْ يُرمِمُها أيُّ وجهٍ آخر
تبدو الأمور كلّها جافة وحارقة وجائعة
لا يعجبك شيء حتَّى ولو أمسكتَ القمر ولو ذهبت إلى المستحيل
تمشي بين الناس ودقاتُ قلبك بطيئة مع كلِّ يومٍ يمر دون سماع صوت من تعيش لأجله
هذه النبضات تؤلمك عندما تدق في صدرك وتتمنى أنْ تتوقف على ساعةِ سعادة مررت بها ويدك مع تلك اليد التي لمْ تفلتها كوريدٍ التصق بوريدك
تتمنى أنْ تعود وتقف ومن ثمَّ يصعد أخر نفسٍ شعرت به بذلك الجسد إلى السماء ولا يعود
نحن نفضل السلام الذي لا يشوبه البؤس والأحزان ،لكن ماذا نفعل مع قسوةِ الدنيا التي ألقت بصاعقةِ القرار على بستاننا ،وبعثت بعصيانها على تلاحمنا
إنّنا لا نهوى العودة إلى الحاضر بعد الوداع الأخير ،تلقي بنفسك على وسادتك وتسقي جمرك بحطب الذكرى ،كيف نستطيع النسيان ..
إنّنا كاذبين وغير حقيقيين لو قلنا إنّنا قادرين على التخطي ،كلها حركات بهلوانية نمثلها أمام البشر ،نضحك ووجهنا مليءٌ بأوراقِ الخريف التي تسقط عندما نطلق الابتسامة مجبرين ،لأنّنا بعدها نهرب إلى خلوةٍ و نصرخ بالبكاء الدامي الذي لايتوقف إلا عندما يهزمُنا النعاس ،حتَّى النوم تتخلله الأحلام التي تشفق على حالك بعبور وجه ماردك الحبيب ،فتستيقظ وتبقى تستوعب جمال هذا الحلم الذي بدده الواقع،ثم تركض في أرضِ الواقع بشراسة فتحاول أن تجد عملاً يشغل عقلك عن التفكير وربما أغنية صاخبة ترقص عليها بهستيريا مع صب الماء على جسدك المقتول ،وربما تحاول أنْ تأكل ماتفضل لكن لا تستطيع أن تمررها دون مرارة
هذه الأشياء هي مجردِ سوط تزيد من عدم التئام خدوشٍ ننبشها من جديد ونسقيها لأنَّها تجبرنا على شيءٍ لا نستطيع إكماله
هنا توقف وعد إلى غرفتك وخذ قلمك وأكتب عن ذكرياتك غذي نفسك بسيروماً يعيد لك عبيراً يتخلله أملاً كاذباً ولو كان في هذه الغرفة عزف صرير الكرسي المُتْعب الذي انتظرت عليه آلاف اللحظات التي تعصرك بالتعب لكن اكتب لعل الإفصاح عن شعورنا حياة في قلب حياة.
بقلم: سلام محمد القواريط