يطلق مركز محمد بن راشد للفضاء، في 26 فبراير 2023، الساعة 11:07 صباحًا بتوقيت الإمارات، أول مهمة طويلة الأمد لرواد الفضاء العرب، والتي تعد المهمة الثانية من برنامج الإمارات لرواد الفضاء، إلى محطة الفضاء الدولية.
يخوض الرحلة رائد الفضاء سلطان النيادي، اختصاصي مهمة الطاقم الأساسي، في حين سيكون زميله هزاع المنصوري، اختصاصي مهمة، ضمن الطاقم الاحتياطي.
تم الإعلان عن تفاصيل المهمة، والكشف عن شعارها، وأبرز تفاصيلها، اليوم (الخميس)، في متحف المستقبل بدبي، بحضور معالي محمد بن عبدالله القرقاوي، وزير شؤون مجلس الوزراء، وخلفان بلهول، الرئيس التنفيذي لمؤسسة دبي للمستقبل، والدكتور عامر أحمد شريف، مدير جامعة محمد بن راشد للطب والعلوم الصحية المدير التنفيذي لمؤسسة دبي الصحية الأكاديمية، وسالم المري، المدير العام لمركز محمد بن راشد للفضاء، ورائدي الفضاء الإماراتيين سلطان النيادي، وهزاع المنصوري، إلى جانب عدد من كبار الشخصيات، والشركاء، وممثلي وسائل الإعلام.
رؤية مستقبلية
وقال حمد عبيد المنصوري، رئيس مجلس إدارة مركز محمد بن راشد للفضاء: نما قطاع الفضاء في دولة الإمارات بشكل ملحوظ خلال العقد الماضي، من خلال الرؤية المستقبلية لقيادتنا الرشيدة، وظهر ذلك عبر تحقيق إنجازات كبيرة؛ مثل مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ، ومشروع الإمارات لاستكشاف القمر، والآن نحن على موعد مع أول مهمة طويلة الأمد لرواد الفضاء العرب.
وأضاف: ملتزمون باستكمال البناء على ما حققناه، والاستمرار في توسيع برنامجنا الفضائي، ومواصلة إعداد رواد الفضاء؛ لقد نجحنا من خلال برنامج الإمارات لرواد الفضاء، في تمكين مستقبل مستدام، كما أنه من خلال المهمات غير المأهولة للكواكب، يُمكننا العمل مستقبلًا على إرسال بعثات مأهولة إلى الفضاء، وما بعده؛ هذه المهمة ستجعل دولة الإمارات العربية المتحدة الدولة الحادية عشرة، والأولى غير عضو بمحطة الفضاء الدولية، التي ترسل رواد فضاء في مهمة طويلة الأمد إلى محطة الفضاء الدولية، بالإضافة إلى تدريبهم وإعدادهم للسير في الفضاء.
إنجاز جديد
من جانبه، أكد سالم المري، المدير العام لمركز محمد بن راشد للفضاء، أهمية هذه المهمة، قائلًا: ترسي دولة الإمارات أسس هذا القطاع الحيوي من خلال تزويده بالكوادر الوطنية المؤهلة، وإطلاق المزيد من المشاريع العلمية المتعلقة باستكشاف الفضاء، ودعم الرؤى الاقتصادية، وتلعب المهمات الفضائية طويلة الأمد دورًا حاسمًا في تعزيز فهمنا للفضاء، وقدرتنا على استكشافه، والاستفادة منه في المستقبل.
وأضاف: بعد 5 سنوات من إطلاق برنامج الإمارات لرواد الفضاء، نجحنا في إرسال هزاع المنصوري، أول رائد فضاء إماراتي إلى محطة الفضاء الدولية، ونستعد الآن لإرسال سلطان النيادي إلى محطة الفضاء الدولية في مهمة ستستمر لمدة 6 أشهر، ولن تكون مجرد أول مهمة طويلة الأمد يقوم بها رواد الفضاء لدينا، بل ستكون أيضًا الأولى من قبل دولة غير شريكة لمحطة الفضاء الدولية، وهو إنجاز جديد بحد ذاته؛ فمهمة سلطان هي الخطوة التالية في رؤيتنا للبعثات المأهولة لدولة الإمارات، حيث نستهدف أن يكون الثنائي نورا المطروشي، ومحمد الملا، في قيادة مهمات الإمارات المستقبلية.
طموح زايد 2
وستنطلق المهمة، التي يطلق عليها Crew – 6، على متن مركبة دراجون، التابعة لشركة سبيس إكس، من المجمع رقم 39A بقاعدة كيب كانافيرال الفضائية، في ولاية فلوريدا، بالولايات المتحدة، وستحمل على متنها سلطان النيادي، اختصاصي المهمة، إلى جانب رائد الفضاء ستيفن بوين، قائد المهمة، ناسا، ووارين هوبيرغ، قائد المركبة، ناسا، وأندري فيدياييف، اختصاصي مهمة، روسكوزموس.
وتنطلق المهمة ضمن البعثة 69 إلى محطة الفضاء الدولية، والتي ستعمل على تركيب الأجزاء النهائية لـ “iRosa”، وهي الألواح الشمسية التي يتم تركيبها في محطة الفضاء الدولية، إضافة إلى إجراء التجارب والأبحاث العلمية.
ويضم الطاقم الاحتياطي للمهمة كل من؛ هزاع المنصوري، اختصاصي مهمة، وجاسمين موغبيلي، قائد المهمة، ناسا، وأندرياس موغنسن، قائد المركبة، وكالة الفضاء الأوروبية، وكونستانتين بوريسوف، اختصاصي مهمة، روسكوزموس.
وبمجرد وصول النيادي إلى محطة الفضاء الدولية، سيكون أمامه جدول زمني مكثف من التجارب، ووقت محدد للاتصالات المباشرة، مع مختلف الجهات، والجامعات، والمدارس، حيث سيجري 13 مكالمة مباشرة، و10 اتصالات عبر الراديو، سيتم إجراؤها تباعًا، لبرنامج التواصل المجتمعي مع مؤسسة الإمارات للآداب، والذي سيتم تخصيصه على مدار الستة أشهر القادمة.
شعار المهمة
وكشف سالم المري، المدير العام لمركز محمد بن راشد للفضاء، عن شعار المهمة، الذي يحمل صورة للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وهو مستوحى من شعار المهمة الأولى، حيث يظهر فيه سلطان النيادي وهو ينظر نحو صورة للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، ويظهر كذلك جزء من كوكب الأرض، ومحطة الفضاء الدولية، والفضاء؛ في إشارة إلى المهمة التي ستستغرق 6 أشهر، وستلعب دورًا مهمًا في زيادة فهمنا للفضاء، وإضافة فوائد علمية تساهم في تحسين الاستدامة على الأرض.
أبحاث
وخلال 4000 ساعة على متن محطة الفضاء الدولية، سيجري سلطان النيادي أكثر من 19 تجربة بحثية، ودراسات متقدمة، بالتعاون مع وكالة ناسا، ووكالة الفضاء الأوروبية، ووكالة الفضاء الكندية، والمركز الوطني لدراسات الفضاء بفرنسا، ووكالة استكشاف الفضاء اليابانية “جاكسا”، تشمل مجموعة من المجالات؛ أبرزها نظام القلب والأوعية الدموية، وآلام الظهر، واختبار وتجربة التقنيات، وعلم “ما فوق الجينات”، وجهاز المناعة، وعلوم السوائل، والنبات، والمواد، إضافة إلى دراسة النوم، والإشعاعات.
كما ستشمل المهمة جانب التوعية التعليمية؛ من أجل إلهام الجيل القادم من العلماء والباحثين، حيث اختار مركز محمد بن راشد للفضاء، مشروعين بحثيين من جامعة محمد بن راشد للطب والعلوم الصحية، إذ يركز المشروع الأول على تقييم تأثير بيئة الجاذبية الصغرى في الفضاء على التفاعل بين القلب ووضعية الجسم، بينما سيعمل المشروع الثاني على دراسة خلايا الفم والأسنان على الأرض في بيئة تحاكي الجاذبية الصغرى.
ويشارك في كلا المشروعين عدد من الطلاب والباحثين؛ لضمان تطوير القدرات، وتأهيل جيل جديد من العلماء، وبالإضافة إلى جامعة محمد بن راشد للطب والعلوم الصحية، سيتم مشاركة بيانات المهمة مع عدد من الجامعات المحلية؛ مثل جامعة نيويورك أبوظبي، وجامعات أخرى.
تدريبات
تحدث سلطان النيادي عن التدريبات التي خضع لها، برفقة زميله هزاع المنصوري، حيث أكد أنهما أكملا التدريبات الخاصة بالمهمة، بالإضافة إلى التدريبات العامة، والتي بلغت أكثر من 1700 ساعة مع وكالة ناسا، خلال العاميين الماضيين.
وشملت بعض التدريبات الرئيسية التي خاضها سلطان وهزاع، ما يلي:
– السير في الفضاء: وتمت تلك التدريبات في مختبر الطفو المحايد التابع لـ “ناسا”، في مركز جونسون للفضاء في هيوستن، بولاية تكساس .. وخضع رائدا الفضاء لتسع جولات من التدريبات، امتد كل منها لست ساعات، حيث تدربا تحت الماء لمحاكاة السير في الفضاء؛ باستخدام النموذج الكامل لمحطة الفضاء الدولية.
– استخدام بدلة السير في الفضاء (EMU): وتم تدريبهما على استخدام وتشغيل بدلة السير في الفضاء، خارج المركبة، في مختبر الطفو المحايد.
– تدريبات على طائرة T-38: خاض رائدا الفضاء التدريبات النظرية والعملية على طائرة T-38، والتي شملت صيانة الطائرات، والأدوات المستخدمة في الطائرات، ومهارات الطيران والاتصال.
– الروبوتات: أتما التدريب بالتعاون مع وكالة الفضاء الكندية، ووكالة الفضاء الأوروبية، حيث تم تدريبهما على استخدام الذراع الروبوتية “كندارم 2″، المخصصة لالتقاط مركبات الشحن، والعمل على مساعدة رواد الفضاء في مهام السير في الفضاء، والتعامل مع الحمولات الخارجية.
– كما تم تدريب رائدي الفضاء الإماراتيين على أقسام ووحدات محطة الفضاء الدولية، والأعمال اليومية على متن المحطة، إلى جانب تدريبات إنقاذ الطاقم، وتدريبات على حالات الطوارئ.
وحصل رائدا الفضاء هزاع المنصوري، وسلطان النيادي “شارة رواد الفضاء” من مركز جونسون للفضاء التابع لوكالة “ناسا”، بعد إتمام تدريباتهما التي استمرت نحو 20 شهراً.
تجربة عملية
وسيخضع سلطان وهزاع للحجر الصحي على مدار أسبوعين، استعدادًا للمهمة، ثم سيسافر رواد فضاء مهمة Crew-6 بعد ذلك إلى كيب كانافيرال قبل 6 أيام من الإطلاق.. وقبل يوم واحد من الإطلاق، سيقوم الطاقم بتجربة البدلات المصممة خصيصًا للمهمة، وإجراء تجربة لعملية الصعود إلى موقع الإطلاق، ودخول الكبسولة، وإجراء جميع الفحوصات للتأكد من جاهزية كل شيء.
وحول المهمة قال سلطان النيادي: من خلال المهمة الثانية إلى محطة الفضاء الدولية سنرفع علم دولتنا عاليًا، وسندفع حدود طموحاتنا .. كما تمثل هذه المهمة فرصة فريدة لدولة الإمارات للمساهمة في مجتمع الفضاء الدولي، وتعزيز فهمنا للكون، وأضاف: أود أن أعبر عن أمتناني للدعم والتدريب المقدمين من وكالة ناسا، وشركائنا الدوليين، ونتطلع لاكتساب خبرات جديدة معًا خلال هذه المهمة.
من جانبه، تحدث هزاع المنصوري، عن اختياره ليكون أول رائد فضاء يسافر إلى محطة الفضاء الدولية، ومعنى ذلك الأجيال الحالية والمقبلة، حيث قال: كونك رائد فضاء من الإمارات العربية المتحدة، والعالم العربي، يعني أنك جزءًا من مشروع رائد وكبير، ويعني تكريس حياتك لاستكشاف معارف جديدة في مجالَي الفضاء والعلوم.
وتابع: يشرفني حصولي في المرة الماضية على فرصة تمثيل دولة الإمارات، والإنسانية في مهمة لاستكشاف الفضاء؛ ومهمة سلطان إلى محطة الفضاء الدولية هي استمرار لهذه المسيرة الرائعة من الاكتشاف والاستكشاف.
ويعد برنامج الإمارات لرواد الفضاء، أحد المشاريع التي يمولها صندوق تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، التابع لهيئة تنظيم الاتصالات والحكومة الرقمية، الذي يهدف إلى دعم البحث والتطوير في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
شراكات
وبهدف تعزيز العلاقة مع المجتمع، والمساهمة في بناء جيل المستقبل في دولة الإمارات العربية المتحدة، أبرم مركز محمد بن راشد للفضاء، شراكة مع مؤسسة الإمارات للآداب؛ لتطوير برنامج قائم على المعرفة .. وفي إطار الشراكة، تم إطلاق مبادرة “مؤسسة الإمارات للآداب في الفضاء”، وهي مبادرة تعليمية، تعزز من حملة التعلم داخل المجتمع. وخلال فترة المهمة على محطة الفضاء الدولية، ستقوم مؤسسة الإمارات للآداب بتفعيل هذا البرنامج المصمم خصيصًا لجميع الطلاب من مواطني دولة الإمارات، من خلال تنظيم ورش عمل، وتقديم محتوى أسبوعي، ويستهدف المركز الوصول إلى 20.000 طالب / طفل من خلال هذا البرنامج.
وتعليقًا على الشراكة، قالت إيزابيل أبو الهول، المديرة التنفيذية لمؤسسة الإمارات للآداب وعضو مجلس أمناء المؤسسة مديرة مهرجان طيران الإمارات للآداب: يسر مؤسسة الإمارات للآداب، التعاون مع مركز محمد بن راشد للفضاء، لعرض الخطوات الملهمة لبرنامج الإمارات الوطني للفضاء على الشباب من جميع أنحاء العالم العربي. وأضافت: نستهدف في المؤسسة التواصل مع الأطفال في جميع أنحاء دولة الإمارات، والعالم العربي، عبر مختلف وسائل الاتصال المكتوبة والمرئية والمسموعة؛ لذلك نشعر أن هذا التعاون يتماشى تمامًا مع هدفنا المتمثل في دعم الأطفال وتحقيق أحلامهم.
وتابعت: سيشمل تعاوننا على مدار الستة أشهر التي سيكون فيها رائد الفضاء سلطان في محطة الفضاء الدولية، إجراء بثًا أسبوعيًا تتخلله مقابلات، وحقائق ممتعة، ومسابقات، وأنشطة، وفرص لطرح أسئلة على رواد الفضاء.