اختار ثلثا الشباب العربي الإمارات وللعام الحادي عشر على التوالي، البلد المفضل الذي يرغبون ويتمنون العيش فيه، متجاوزةً بفارق كبير الدول الأخرى، فيما بيّن ثلثا الشباب أنهم يريدون لبلدانهم أن تقتدي بها، وأنهم ينجذبون للإمارات بسبب اقتصادها المتنامي وبيئتها الآمنة.
جاء ذلك في استطلاع «أصداء بي سي دبليو» الرابع عشر لرأي الشباب العربي، الذي يعد المسح الأشمل من نوعه للشريحة السكانية الأكبر في العالم العربي والتي تضم أكثر من 200 مليون شاب وشابة.
ودوّن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، عبر «تويتر»: «اطلعت على استطلاع رأي الشباب العربي الذي تجريه شركة «أصداء بي سي دبليو» ويغطي 50 مدينة عربية في 17 دولة.. يرى أكثر من نصف الشباب العربي أن اقتصاد بلدانهم لا يسير في الاتجاه الصحيح، وأكد 45 % من المشاركين أنهم يحاولون أو يفكرون جديّاً بالهجرة من بلدانهم. الاقتصاد قبل كل شيء وهو كل شيء».
كما دون سموه: «في نفس الاستطلاع جاءت دولة الإمارات في المرتبة الأولى عالمياً التي يرغب الشباب العربي العيش فيها … حركة الناس بعيداً عنك أو باتجاهك هي التصويت الأكبر والأصدق على نجاح تجربتك … هذه رسالتي لجميع الحكومات».
بلد مفضل
وتفصيلاً وجد الاستطلاع أن الإمارات هي البلد المفضل للعيش لحوالي 57% ثلثي الشباب والشابات العرب ممن تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عاماً، متفوقة بذلك على الولايات المتحدة 24% وكندا 20% وفرنسا 15% وألمانيا 15%، فيما وصلت شعبية الدولة هذا العام كمكان مفضل للعيش، إلى أعلى مستوياتها، منذ بدأ الاستطلاع طرح سؤال بهذا الخصوص في عام 2012؛ حيث اختار 37% من المشاركين الإمارات حينها كبلد مفضل للعيش، وتلتها فرنسا والولايات المتحدة.
وتنتشر جاذبية دولة الإمارات عبر منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مع اختيارها من قبل 51% من شباب دول شمال أفريقيا؛ لتأتي بعدها الولايات المتحدة 24% كما كانت الإمارات الخيار الأول لشباب دول شرق المتوسط (57%)، تليها كندا 31% والبلد المفضل للعيش لدى 63% من مواطني دول مجلس التعاون الخليجي، تليها الولايات المتحدة 19%.
وللعام الحادي عشر على التوالي، بقيت الإمارات الدولة التي يريد معظم الشباب العرب لبلدانهم أن تقتدي بها، وباعتبارها الدولة النموذجية لـ 27% من الشباب العربي عموماً، تفوقت الإمارات على كل من الولايات المتحدة 22% وكندا 18% وألمانيا 14% وفرنسا 11% وتركيا 11%.
5 عوامل
وتعاونت شركة أصداء بي سي دبليو، شركة استشارات العلاقات العامة الرائدة في المنطقة، مع شركة (أي دي إس) للبحوث والاستشارات لإجراء 3400 مقابلة شخصية مع شبان وشابات عرب تراوحت أعمارهم بين 18- 24 عاماً في 50 مدينة عبر 17 دولة عربية خلال الفترة من 13 مايو إلى 16 يونيو، فيما توزعت عينة المشاركين بالتساوي بين الجنسين.
وأظهر الاستطلاع أن أهم 5 عوامل جذب في الإمارات هي اقتصادها المتنامي 27% وبيئتها الآمنة 26% وحزم الرواتب المجزية 22% والمجموعة الواسعة التي توفرها من فرص العمل 22% والقيادة الحكيمة للبلاد 17% فضلاً عن عوامل أخرى مثل احترامها للتقاليد الثقافية في المنطقة، وجودة نظامها التعليمي، وسهولة بدء الأعمال، والضرائب المنخفضة.
تفاؤل كبير
وأبدى معظم الشباب العربي تفاؤلاً إزاء أيامهم المقبلة، ولا سيما الشباب الإماراتي؛ حيث قال 91 % منهم إن أيامهم القادمة أفضل، ووجد جميعهم أن اقتصاد بلادهم يسير في الاتجاه الصحيح، وأشار حوالي نصف المواطنين الإماراتيين 48 % المشمولين بالدراسة إلى سهولة العثور على فرصة عمل في بلادهم، ورغم أنهم يتمتعون بامتيازات عدة بلا شك مقارنة مع باقي أقرانهم العرب، لا يغفل الإماراتيون التحديات التي تواجه المنطقة عموماً؛ حيث يرى 45 % منهم أن ارتفاع تكاليف المعيشة هو أكبر عقبة أمام المنطقة، تليها البطالة 27 % والتغير المناخي 18 %.
وكشف ثلث الإماراتيين المشاركين في الاستطلاع 33 % عن أن دينهم وجنسيتهم هما العنصران الأهم في التعبير عن هويتهم، مقارنة مع 41 % من عامة الشباب العربي الذين اعتبروا أن الدين هو الأساس، وعلى غرار أقرانهم العرب في جميع أنحاء المنطقة، تقول غالبية الشباب الإماراتي 75 % إن الحفاظ على الهوية الدينية والثقافية للعالم العربي أهم من خلق مجتمع أكثر عولمة ومع ذلك، في حين أن 55 % من عامة الشباب العربي يقولون إن اللغة العربية أقل أهمية بالنسبة لهم من آبائهم، فإن نصف الشباب الإماراتيين يقولون عكس ذلك، ولعل النزعة المحافظة الواضحة لدى الشباب الإماراتي يقابلها القبول شبه التام للمساواة بين الجنسين، ويشير نحو تسعة من بين كل 10 مشاركين 89 % من المواطنين الإماراتيين إلى تساوي حقوق الرجل والمرأة، بينما يشير 84 % منهم إلى تساوي الطرفين في فرص العمل.
«هويتي»
وتطرقت نتائج الاستطلاع لـ6 مواضيع شملت عناوينها (هويتي، وسبل معيشتي، توجهاتي، ومواطنتي العالمية، ونمط حياتي، وطموحاتي المستقبلية). وتفصيلاً فيما يخص محور «هويتي» رأى الشباب العربي أن دينهم هو حجر الأساس في هويتهم الثقافية ويعتبرون الحفاظ على هويتهم الدينية والثقافية، أهم من بناء مجتمع أكثر عولمة، ويقول ثلثاهم تقريباً إن القوانين في بلدانهم يجب أن تستند إلى الشريعة الإسلامية، وفي الوقت ذاته، يقول معظم الشباب إن الدين يلعب دوراً أكبر مما ينبغي له في منطقة الشرق الأوسط وينشدون إصلاح المؤسسات الدينية.
في المقابل، يقول 73 % من الشباب العربي (78 % في دول مجلس التعاون الخليجي، و76 % في دول شمال أفريقيا، و65 % في دول شرق المتوسط)، إن الدين يلعب دوراً أكبر مما ينبغي له في منطقة الشرق الأوسط.
«سبل معيشتي»
وبخصوص محور «سبل معيشتي» بين الاستطلاع أن الشباب لا يزالون يعتبرون البطالة وارتفاع تكاليف المعيشة أكبر العقبات التي تواجه منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وظل هذان العاملان أكبر مخاوف الشباب العربي على مدار سنوات الاستطلاع باستثناء عامي 2016 و2017 عندما أشار الشباب إلى صعود داعش وتهديد الإرهاب باعتبارهما أبرز المخاوف.
ولفت أكثر من ثلث 41 % المشاركين في الاستطلاع إلى أنهم يكافحون لتغطية نفقاتهم الأساسية، وترتفع هذه النسبة إلى 63 % في دول شرق المتوسط، في حين يقول أكثر من النصف (53 % أنهم يتلقون دعماً مالياً من عائلاتهم، ومع ذلك، تشير النتائج إلى تباين كبير على المستوى الإقليمي، حيث تؤكد نسبة لا تتجاوز 16% في دول مجلس التعاون الخليجي أنهم يجدون صعوبةً في تغطية كامل نفقاتهم، فيما واحد من كل أربعة شباب عرب عليه ديون شخصية وأن 8 من كل 10 شبان عرب قلقون إزاء جودة التعليم في بلدانهم.
وواصل الاستطلاع أن نصف الشباب العربي يعتقدون أنه من الصعب العثور على وظيفة جديدة في بلدانهم وانه لتوفير المزيد من الوظائف، يتعين على الحكومات التركيز على مكافحة الفساد.
وأبدى 20 % فقط من الشباب العربي رغبتهم في العمل لدى القطاع الخاص، ويشكل ذلك تراجعاً كبيراً بنسبة 8 % خلال 3 سنوات فقط، وقابل ذلك زيادة قدرها 12 % في نسبة الشباب الراغبين في العمل بشكل مستقل لتصبح 28 %، وبين الاستطلاع استعداد المزيد من الشباب العرب لمغادرة بلدانهم بحثاً عن مستوى معيشة أفضل، فقد اعترف حوالي النصف تقريباً 45 % بأنهم إما يحاولون جدياً الهجرة أو يفكرون جدياً بها – مقارنةً مع نسبة 42 % عام 2020، و33 % العام الماضي، فيما تشكل كل من كندا 22 % وألمانيا 19% والولايات المتحدة 17% الوجهات الثلاث الأكثر شعبية بهذا الخصوص – تليها دولة الإمارات في المرتبة الرابعة 14 %.
«توجهاتي»
وكشف محور «توجهاتي» أن الغالبية العظمى من الشباب العربي تعتبر الاستقرار أهم من الديمقراطية وأن حوالي ثلثي المشاركين يقولون إن الديمقراطية لن تنجح في منطقة الشرق الأوسط، وترتفع نسبتهم إلى نحو الثلاثة أرباع في دول شرق المتوسط، وأقل من نصف الشباب العربي، باستثناء دول مجلس التعاون الخليجي، يشعرون بأن حكوماتهم لا تمتلك السياسات المناسبة لمعالجة مشاكلهم.
ويشير الشباب العربي كذلك إلى تحسن المساواة بين الجنسين، حيث يرى 59 % من النساء و62 % من الرجال أن الرجال والنساء يتمتعون بحقوق متساوية، ويعتقد ثلث النساء 32 % أنهن يتمتعن بحقوق أفضل من الرجال.
«مواطنتي العالمية»
وعن محور «مواطنتي العالمية» كشف الاستطلاع أن ثلاثة أرباع 78 % الشباب العربي يرون الصين إما حليف حقيقي أو حليف إلى حد ما لبلدانهم، تليها تركيا في المرتبة الثانية 77 % وروسيا في المرتبة الثالثة 72 % وحلت المملكة المتحدة وفرنسا معاً في المرتبة الرابعة بنسبة 70 % ومن ثم الولايات المتحدة التي اعتبرها ثلثا المشاركين في الاستطلاع 63 % حليفاً لبلدانهم.
«نمط حياتي»
وتطرق محور «نمط حياتي» إلى أن 89 % من الشباب العربي يقولون إنهم يتسوقون عبر الإنترنت مقارنة بنسبة 50 % في استطلاع عام 2018، فيما تضاعف الاستخدام اليومي لتطبيق «تيك توك» منذ عام 2020، وتراجعت في المقابل شعبية «فيسبوك» و«تويتر»، وأن الشباب العربي يثق بالتلفاز والصحف والمصادر الإلكترونية أكثر من وسائل التواصل الاجتماعي والمؤثرين كمصدر للأخبار حيث يرى 66 % أن وسائل التواصل الاجتماعي جديرة بالثقة، مقارنةً بـ 71 % يثقون في الصحف المطبوعة والمصادر الإلكترونية. ومن النتائج المهمة التي كشف عنها استطلاع هذا العام أيضاً هو نمو التجارة الإلكترونية، حيث ازداد عدد الشباب العربي الذين يتسوقون عبر الإنترنت بمقدار الضعف خلال السنوات الخمس الماضية، وخاصة لشراء الطعام والملابس ومنتجات البقالة والأجهزة الإلكترونية.
«طموحاتي المستقبلية»
وكشف محور (طموحاتي المستقبلية) أن الشباب العربي يبدي أعلى مستوى من التفاؤل خلال خمس سنوات، حيث يقول 64 % منهم إن أيامهم القادمة ستكون أفضل ويعتقد 53 % أنهم سيحظون بحياة أفضل من آبائهم، وفي المقابل، بلغت نسبة الشباب العربي الذين يعتقدون بأن اقتصادات بلدانهم تسير في الاتجاه الصحيح 47 % فقط بالمقارنة مع 52 % قبل 3 سنوات.
روح الأمل
قال سونيل جون، رئيس شركة «بي سي دبليو الشرق الأوسط» ومؤسس «أصداء بي سي دبليو»، إنه باعتبارها الدولة النموذجية في المنطقة للعام الحادي عشر على التوالي، تواصل الإمارات تجسيد روح الأمل والفرص للشباب والشابات العرب في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وأضاف أنه تعد الشعبية المتنامية للدولة خير دليل على نجاح قيادتها الحكيمة التي نجحت باستضافة وتنظيم أفضل معرض إكسبو في تاريخ الحدث رغم كل الاضطرابات العالمية التي خلفتها جائحة «كوفيد – 19»، وتستعد حالياً لاستضافة مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ في شهر نوفمبر 2023، مضيفاً أن هذا يسلط الضوء على المكانة الرفيعة التي تحظى بها الإمارات في أهم القضايا التي أشار إليها الشباب العربي في الاستطلاع، مثل فرص العمل، وجودة التعليم، وصون قيم المنطقة وتقاليدها الثقافية.
تنمية
رحب معظم الإماراتيين بتوجهات الحكومة في التنمية المستدامة، حيث أبدى أكثر من 9 من أصل 10 بنسبة 94% موافقتهم على التعديلات الحكومية الأخيرة بشأن تمديد فترات الإقامة للوافدين، وتطبيق قوانين جديدة للحصول عليها بسهولة أكبر؛ بينما أيّد 84 % قرار السماح للأجانب بتملك 100 % من الشركات داخل الدولة، كما وافق 83 % على ضريبة الشركات التي سيتم طرحها قريباً؛ وأيّد 9 من كل 10 (87 %) اعتماد أسبوع العمل من الاثنين إلى الجمعة.