أطلقت الصحة العالمية مبادرة لتكريم أبطال الخطوط الأمامية الذين عملوا بجد وقدموا التضحيات أثناء جائحة كوفيد-19 وغيرها. وعمد تيرّا- جناح الاستدامة إلى الاحتفال بهؤلاء الأبطال المجهولين من أنحاء العالم، ومقابلة بعض الوجوه التي كانت وراء القصص البارزة التي انتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بحضور زوار إكسبو 2020 دبي، في إطار فعاليات أسبوع الصحة واللياقة الذي ينظمه الحدث الدولي.
وتزينت قبة الوصل باللون الأزرق وصور بعض أبطال خطوط الدفاع الأمامية، لتكريم كل ما بذلوه من أجل المحافظة على المجتمع، وتوجيه الشكر لكل فرد منهم.
وضمن الجهود لدعم هؤلاء الأبطال، أنشأت حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة مكتب «فخر الوطن» في يوليو/تموز 2020 بموجب مرسوم اتحادي وبرئاسة صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، لتتركّز مهامه الاستراتيجية على متابعة ما يقارب 100 ألف من العاملين في خط الدفاع الأول، وتأمين حلول تهتم بأولوياتهم وتلبي تطلعاتهم. ويتعاون المكتب مع مجموعة واسعة من الشركاء من مختلف أنحاء الدولة، لتوفير سبل الدعم التي عبّر أبطال الخطوط الأمامية عن احتياجهم إليها. وعن طريق هذه الشراكات، يوفر مكتب «فخر الوطن» مجموعة متنوعة من الخدمات الحصرية لهؤلاء الأبطال، منها: منح للدراسة في المدارس الحكومية في الإمارات، وبرنامج دعم نفسي عبر «خط ساخن» مخصص لدعمهم على مدار الساعة، وخدمات تأمين صحي موسعة، وغيرها الكثير.
وقال محمد حواس الصديد، المدير التنفيذي للخدمات العلاجية الخارجية في الإمارات: «حينما بدأت الجائحة في مارس 2020، كان همنا الوحيد تقديم الخدمات الصحية الآمنة للجميع، وحماية موظفينا وعائلاتهم من انتشار الفيروس. وبناء على ذلك، عقدنا الكثير من الاجتماعات، وتوصلنا إلى عدد من الحلول الفاعلة جداً، شملت مراكز المسح من المركبة، والمستشفيات الميدانية، وتوصيل الدواء إلى المنازل، ومراكز التطعيم… كما عملنا على توفير الخدمات الطبية لكبار السن، عن طريق تنشيط برامج التطبيب عن بُعد لكبار السن وأصحاب الهمم ولمن يعيشون في المناطق النائية. ونحن اليوم، نسعى إلى تكريم كل من شارك في مساعدة المجتمع من أبطال خط الدفاع الأول، الذين قدموا الكثير من التضحيات، فابتعدوا عن عائلاتهم لأشهر طويلة، وكانوا تحت تأثير الضغوطات التي صاحبت انتشار هذا الوباء. لقد بذلوا الكثير لحمايتنا وإعطائنا الأمل، وهم يستحقون كل التقدير والوفاء لما قدموه».
وشارك ديرو فارغاس، وهو فنان معاصر من كولومبيا ومؤسس برنامج دروس الفن، قصته في استخدام مهاراته الفنية لتسليط الضوء على الصحة العقلية والنفسية، وقال: «لقد فقدت والدي في سن الخامسة، وهذا أثر في مجرى حياتي تماماً. فقد ترك والدي فراغاً كبيراً في قلبي، ووصلت في سن العشرين إلى حالة من الاكتئاب والحزن. لكنني ذات يوم، قررت تغيير مسار حياتي، وبدأت باستخدام الرسم لعلاج نفسي. وبالفعل، نجحت في ذلك، ثم شرعت في العمل مع أفراد شاركوني الاهتمامات نفسها. ومن هنا بدأت رحلتي؛ حيث عملت على مشروعي الأول مع منظمة غير حكومية في بريطانيا تدعم الأطفال الأكثر ضعفاً. وبدأ هؤلاء الأطفال بالتعبير عن مشاعرهم بالرسم، وأقمنا معرضاً فنياً لرسوماتهم تحت عنوان «ألف كلمة». فبيعت اللوحات مع عدد من لوحاتي، وتبرعنا بالأرباح لإحدى الجهات الخيرية. وتوالت بعدها الأنشطة؛ حيث عملت مع العيادات الخاصة، ومع المدارس في كولومبيا. وكنت عازماً على مساعدة الآخرين في ما يواجهونه من مواقف صعبة، ليتخلصوا من كل مشاعرهم السلبية. واستخدمت الفن للتثقيف بشأن الصحة العاطفية، وكأداة للتعبير عن المشاعر واحترام الذات ورؤية الحياة من منظور مختلف مفعم بالألوان».
مشاعر مألوفة
وأضاف فارغاس: «عندما بدأت جائحة كوفيد-19، اعترت الناس مشاعر سلبية كثيرة. وكانت تلك المشاعر مألوفة بالنسبة لي، فقررت أن أفعل شيئاً. وبالفعل، قدمت دروس رسم باللغتين الإنجليزية والإسبانية للأطفال عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وشعرت بالسعادة حين وجدت تفاعلاً كبيراً من الصغار من مختلف أنحاء العالم، الذين شاركوني رسوماتهم التي ساعدتهم في تخطي العديد من المصاعب التي يعيشونها».
وشاركت باميلا زينون، الممرضة في مستشفى القديس جاورجيوس في بيروت، قصتها الملهمة في إنقاذ ثلاثة رضع، عند حدوث انفجار بيروت الضخم، وقالت: «أذكر ذلك اليوم جيداً، فقد كان عملي على وشك الانتهاء، وفجأة سمعت دوي انفجار ضخم. ولوهلة فقدت الوعي، إلا أنني حين استيقظت، وجدت الدمار يحيط بي. وأول ما خطر ببالي كان الأطفال في الحاضنة. استجمعت قواي واتجهت إلى هناك، وكانت الحضانة مدمرة. لكنني استطعت الوصول إلى التوائم، فحملتهم وركضت بهم إلى قسم الطوارئ في نفس المستشفى. غير أن القسم كان مدمراً هو الآخر، والمرضى والجرحى في كل مكان. فهرعت بهم إلى مستشفى قريب يبعد سبعة كيلومترات عن مكان عملي. مشيت مسافة خمسة كيلومترات على قدمي، ثم ساعدني أحدهم لأصل للمستشفى، وهناك استطعنا إدخالهم إلى الحاضنة. وأخبرت زملائي أن يتواصلوا مع والدي الأطفال ويُعلموهما بمكانهم الحالي. واليوم، أحمد الله أن التوائم بخير وصحة مع عائلتهم».
وقالت نورة النيادي، وهي مصورة فوتوجرافية: «منذ بداية الجائحة، فكرت بكيفية استغلال كاميرتي لتوثيق اللحظات التي صاحبت ذلك الوقت العصيب الذي مررنا به. فقد كان الأمر جديداً، ولم نكن نعرف شيئاً عن ماهية الفيروس، أو مدة استمرار الحجر المنزلي، أو غير ذلك من الأمور التي رافقت الوباء. ولدى ملاحظتي العاملين بمرافق الفحص من المركبة للكشف عن الفيروس، من أطباء وممرضين ومديرين وعاملي نظافة وعناصر أمن ومتطوعين، ولدت لدي الفكرة. فقررت أن أحمل كاميرتي وألتقط الصور لأعيُنهم ووجوههم المختبئة خلف الكمامات. فالعين تحكي الكثير. وأردت تكريمهم من خلال عملي كمصورة فوتوجرافية، ودعوة الناس للتعرف إلى أعينهم الجميلة المفعمة بالإصرار، ومعرفتهم بأسمائهم الأولى، والتفكير في قصصهم، عبر كتابة اقتباس من سطر واحد أسفل كل صورة فوتوجرافية التقطتها لكل واحد منهم».