تعتزم المبادرة العالمية للقضاء على شلل الأطفال، إطلاق استراتيجية القضاء على شلل الأطفال 2022 ـ 2026، الإيفاء بالوعد ضمن فعالية افتراضية، وذلك للتغلب على العقبات المتبقية أمام استئصال شلل الأطفال كلياً، بما فيها الانتكاسات التي سببتها جائحة «كوفيد 19».
وبالرغم من تراجع حالات شلل الأطفال بنسبة 99.99 % منذ عام 1988، لكن لا يزال المرض أحد حالات طوارئ الصحة العامة محل الاهتمام الدولي، لا سيما مع ارتفاع الإصابات بسبب العقبات المتواصلة أمام تطعيم جميع الأطفال، فضلاً عن الآثار السلبية لجائحة «كوفيد 19». وتم تسجيل 1226 حالة من جميع أنماط شلل الأطفال العام الماضي، قياساً مع 138 في عام 2018. (أبوظبي ـ البيان)
ففي عام 2020، علّقت المبادرة العالمية للقضاء على شلل الأطفال، حملات زيارة المنازل لمدة 4 أشهر، لحماية المجتمعات من تفشي جائحة «كوفيد 19»، كما تبرعت بحوالي 30 ألفاً من العاملين في برامجها، وبما يتجاوز الـ 100 مليون دولار من مخصصات مكافحة شلل الأطفال، وذلك لدعم مواجهة الجائحة في حوالي 50 بلداً.
وقد دعا القادة في باكستان وأفغانستان، حيث لا يزال فيروس شلل الأطفال البري متفشياً، إلى تجديد التآزر العالمي، وحشد الموارد اللازمة للقضاء على هذا المرض، الذي يمكن الوقاية منه باللقاح. وشدد هؤلاء التزامهم بتوطيد شراكتهم مع المبادرة العالمية للقضاء على شلل الأطفال، بما يسهم في تطوير حملات التطعيم، وتعزيز التواصل مع المجتمعات الأكثر عرضةً للإصابة بالمرض.
وعلقت معالي ريم بنت إبراهيم الهاشمي وزيرة الدولة لشؤون التعاون الدولي، بالقول: «يتطلّب استئصال مرض شلل الأطفال، تعاوناً دولياً، وإرادةً جماعية، وعزيمةً على اجتياز جميع الصعاب، حتى بلوغ الهدف. ولذلك، تجدد دولة الإمارات العربية المتحدة، التزامها بهذا المسعى، لتأسيس عالم أكثر صحةً للأجيال القادمة».
وقال الدكتور فيصل سلطان، المساعد الخاص لرئيس وزراء باكستان لشؤون الصحة: «نحن نعمل فعلياً بشكل مكثف مع شركائنا في المبادرة العالمية للقضاء على شلل الأطفال، لتجاوز آخر العقبات التي تحول دون القضاء كلياً على هذا المرض في باكستان، وخصيصاً من خلال تعزيز حملات التطعيم، والتواصل مع المجتمعات الأكثر عرضةً للإصابة بالمرض. وطالما أن القضاء على المرض لا يزال أولويةً صحية قصوى، ستلتزم باكستان بتطبيق السياسة الجديدة للمبادرة كلياً، ولا يسعنا الانتظار للعمل مع شركائنا الدوليين، للوصول إلى عالمٍ خالٍ من شلل الأطفال».
وتشدد استراتيجية 2022-2026، على ضرورة إعادة تفعيل جهود القضاء على المرض، ولذلك، فهي تتضمن مجموعة إجراءات شاملة، ستسمح للمبادرة بإيجاد عالم يخلو من شلل الأطفال. وتشتمل هذه الإجراءات، والتي بدأ العمل فعلياً على العديد منها في عام 2021، على:
تعزيز دمج النشاطات المتعلقة بشلل الأطفال مع الخدمات الصحية الأساسية – بما في ذلك التطعيم الروتيني، وإرساء علاقات وثيقة مع المجتمعات الأكثر عرضةً للإصابة بالمرض، وذلك لإشراكهم في تنظيم فعاليات التطعيم، والعمل بما يلبي احتياجاتهم الصحية بشكل أفضل، لا سيما في باكستان وأفغانستان، ضمان المساواة بين الجنسين عند تطبيق نشاطات البرنامج.
وذلك إدراكاً لأهمية دور المرأة العاملة في بناء ثقة المجتمعات، وتشجيعهم على تقبّل اللقاح، وتعزيز الجانب الدعائي للتشجيع أكثر على تبني البرنامج، والعمل به على جميع الأصعدة، بما في ذلك تحسين تقييم الأداء، والتواصل مع شركاء جدد، مثل اللجنة الفرعية لاستئصال مرض شلل الأطفال بإقليم شرق المتوسط.
توظيف أدوات جديدة ومبتكرة، مثل تزويد المسؤولين عن الصحة في الخطوط الأمامية بطرق الدفع الرقمية، وذلك لتحسين أثر وفعالية حملات مواجهة شلل الأطفال.
وفي إطار تعليقه على الموضوع، قال الدكتور تيدروس أدهانوم غيبريسوس مدير عام منظمة الصحة العالمية، العضو في مجلس مراقبة شلل الأطفال: «من خلال هذه الاستراتيجية الجديدة، حددت المبادرة العالمية للقضاء على شلل الأطفال، بوضوح، كيفية التغلب على آخر العقبات أمام تأمين عالم يخلو من شلل الأطفال، والمضي قدماً بتحسين صحة ورفاه المجتمعات عبر الأجيال القادمة.
إلا أن النجاح يستلزم بشدة، تجديد الحكومات والمتبرعين لالتزاماتهم السياسية والمالية. إذ بات القضاء على شلل الأطفال في مرحلة محورية، ومن الضروري لنا أن نستفيد من زخم الاستراتيجية الجديدة، لتحقيق إنجاز تاريخي، يتمثل باستئصال هذا المرض نهائياً».
التزام
من جانبه، قال الدكتور وحيد مجروح وزير الصحة العامة بالإنابة في أفغانستان: «تؤكد أفغانستان التزامها الكامل بتطبيق الخطة الاستراتيجية الجديدة، التي وضعتها المبادرة العالمية للقضاء على شلل الأطفال، والعمل على إنهاء المرض كلياً عبر أراضيها. وبما أننا وصلنا إلى هذه المرحلة معاً، دعونا نخطو الخطوة الأخيرة سوياً، ولنحقق حلمنا في عالم يخلو من مرض شلل الأطفال».
وتسعى المبادرة أيضاً لتكثيف الجهود المعنية بوقف تفشي فيروسات شلل الأطفال الدائرة المشتقة من اللقاحات، والتي تواصل انتشارها في المجتمعات ضعيفة المناعة في مختلف أنحاء آسيا وأفريقيا. وتتضمن هذه الجهود، توظيف إجراءات أثبتت فعاليتها ضد شلل الأطفال البري، إضافةً إلى تحسين الاستجابة لتفشي المرض، وتبسيط الجوانب الإدارية.
وذلك من خلال إطلاق فرق جديدة للاستجابة السريعة إقليمياً وعالمياً، والتوسّع في استخدام أداة جديدة واعدة، وهي لقاح شلل الأطفال الفموي المستجد من النمط 2 (noPV2)، في مواجهة فيروسات شلل الأطفال الدائرة المشتقة من اللقاحات من النمط 2، والتي تعتبر الأكثر شيوعاً.
وعلّق رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية، فيليكس تشيسيكيدي: «من موقعي كرئيس للاتحاد الأفريقي، أدعو جميع الحكومات لتشديد التزامها بحماية ثمار جهودنا الجبارة، وتكليلها باستئصال مرض شلل الأطفال من أفريقيا. وحينها فقط، يمكننا القول إننا وَفينا وعدنا بتأمين مستقبل أكثر أماناً وصحةً لأطفالنا جميعاً».
ويشار إلى أن عدداً من البلدان المختارة بدأت في مارس هذا العام، باستخدام لقاح شلل الأطفال الفموي المستجد من النمط 2، وذلك بعد أن أوصت منظمة الصحة العالمية في نوفمبر العام الماضي، باستخدامه، بموجب بروتوكول الاستعمالات الطارئة.
فقد أثبتت التجارب السريرية، أمان هذا اللقاح وفعاليته ضد مرض شلل الأطفال من النمط 2، إضافةً إلى امتلاكه الإمكانية اللازمة لإيقاف تفشي فيروسات شلل الأطفال الدائرة المشتقة من اللقاحات من النمط 2، بطريقة أكثر استدامة من اللقاح الفموي الحالي من النمط 2.
وإلى جانب دعم الاستجابة لجائحة «كوفيد 19» حالياً، ساهمت الأصول والبنية التحتية المخصصة لشلل الأطفال، بالتصدي لعدد من الأزمات الصحية الناشئة في العديد من البلدان عبر التاريخ، مثل تفشي مرض الإيبولا في نيجيريا عام 2014. فإن لم تحظَ المبادرة العالمية للقضاء على شلل الأطفال، بالدعم الذي تحتاجه استراتيجيتها الجديدة، لن يتوقف الأمر عند حدود المخاطرة بعودة ظهور مرض شلل الأطفال فحسب، بل ستخسر البلدان مناعتها أمام التهديدات الصحية في المستقبل.
إنجازات
وقالت هنريتا فور المديرة التنفيذية لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف): «لن نسمح لمعركتنا مع مرض قاتل واحد، بأن تكلّفنا إنجازاتنا الكبيرة في مكافحة مرض شلل الأطفال وغيره من أمراض الأطفال.
ولذلك، فإن تجديد الحكومات والمتبرعين لالتزاماتهم، سيمكننا من الوصول إلى أكثر من 400 مليون طفل، وتطعيمهم ضد فيروس شلل الأطفال في كل عام، لنضمن بذلك ألا تضطر أي عائلة للعيش مع الخوف من إصابة طفلها بالشلل، بسبب هذا المرض المميت مرةً أخرى».
الدكتورة روشيل والنسكي، الحاصلة على ماجستير في الصحة العامة، مديرة مركز مكافحة الأمراض والوقاية منها (CDC): «أثبت الدعم والمساعدة التي قدمتها المبادرة العالمية للقضاء على شلل الأطفال في الاستجابة لجائحة «كوفيد 19»، مدى أهمية البنية التحتية المخصصة لشلل الأطفال، في تعزيز قدرة البلدان على التصدي للأزمات الصحية الناشئة.
ويؤكد مركز مكافحة الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة، التزامه باستئصال مرض شلل الأطفال، واتباع الاستراتيجية الجديدة للمبادرة، للإيفاء بالوعد الذي قطعناه على أنفسنا بحماية أطفال العالم أجمعين. ومن أجل تعزيز المساواة في تقديم الرعاية الصحية، لا بدّ أن نضمن حماية الأصول المخصصة لشلل الأطفال، ودفع البلدان لتوسيع نطاق برامج التطعيم لديها، من خلال تكامل إيصال الخدمات والطلب على اللقاح».
سيث بيركلي، الرئيس التنفيذي للتحالف العالمي للقاحات والتحصين (GAVI): «يعتبر استئصال مرض شلل الأطفال أمراً ممكناً وضرورياً.
ومن خلال تعزيز التكامل بين الأنشطة المعنية بشلل الأطفال، وبرامج التطعيم الأساسية والخدمات الصحية، بما في ذلك التعاون لتوسيع نطاق النظام الصحي، وإيصال جميع اللقاحات الروتينية إلى المجتمعات غير المشمولة، والأطفال الذين لا يحصلون على أي لقاح، نؤمن أننا قادرون على تلبية احتياجات المجتمعات الأكثر عرضة للخطر بشكل أفضل، والتعاون لإيجاد عالم يخلو من شلل الأطفال».
مايك مكغفرن رئيس «لجنة برنامج مكافحة شلل الأطفال الدولية» (بوليو بلس)، التابعة لمنظمة «روتاري»: «بفضل التقدم الهائل الذي أحرزناه في تطعيم الأطفال، وحمايتهم من شلل الأطفال منذ عام 1988، يستمتع اليوم أكثر من 19 مليون شخص بالمشي على أقدامهم، بعد حمايتهم من الإصابة بالمرض.
وعندما شاركت «روتاري» بتأسيس المبادرة العالمية للقضاء على شلل الأطفال، وعدنا كل عائلة وطفل، ألا يعيشوا مجدداً خوف الإصابة بشلل الأطفال. والآن، نجدد التزامنا بتحقيق هذا الوعد، ونشجع الحكومات والمتبرعين على مساعدتنا في إيجاد عالم يخلو من مرض شلل الأطفال».
كريس إيلياس رئيس برنامج التنمية العالمية في «مؤسسة بيل وميليندا غيتس»: «في ضوء الانتكاسات التي شهدتها السنوات الأخيرة على صعيد جهود مكافحة شلل الأطفال، وإشارة بعض المتبرعين إلى إمكانية خفض تمويلهم للمبادرة العالمية للقضاء على شلل الأطفال، تعتبر هذه الفترة، أهم الفترات في تاريخ جهود القضاء على مرض شلل الأطفال.
فمن خلال حشد الدعم الكافي للاستراتيجية الجديدة، يمكننا تأمين عالم لن يصاب فيه أي طفل بالشلل، نتيجة هذا المرض أبداً، ولذا، فإننا نحث جميع المتبرعين على تكريس التزامهم، ومساعدتنا في استئصال مرض شلل الأطفال نهائياً».