أكد معالي محمد بن عبدالله القرقاوي وزير شؤون مجلس الوزراء رئيس مؤسسة القمة العالمية للحكومات، أن حكومات المستقبل الناجحة هي الأقدر على الاستفادة من دروس وتحديات جائحة فيروس كورونا المستجد “كوفيد-19″، لتكون نقطة تحول إستراتيجية لتطوير اقتصاداتها وقطاعاتها الرئيسية، وتصميم آليات جديدة لأساليب عملها وتقديم خدماتها وطرق تواصلها مع مواطنيها.
جاء ذلك، في كلمة معاليه خلال الجلسة الافتتاحية لأعمال “حوارات القمة العالمية للحكومات” التي انطلقت اليوم ” الثلاثاء” ، برعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي “رعاه الله”، وتستقطب قادة ومتحدثين عالميين ونخبة من الخبراء والمتخصصين وعددا من مسؤولي المنظمات الدولية ورواد الأعمال من مختلف أنحاء العالم، على مدى يومين بهدف بحث أبرز الاتجاهات العالمية الجديدة ومشاركة الرؤى والأفكار الهادفة لتعزيز جاهزية الحكومات في مواجهة التحديات المستقبلية.
وقال القرقاوي إن “حوارات القمة العالمية للحكومات” فرصة مثالية لتبادل الآراء والتصورات لمستقبل البشرية وعمل الحكومات، واستشراف التغيرات التي سنشهدها بعد 2021، مؤكداً أن الشراكات الدولية القائمة على النظرة الإيجابية للمستقبل والسعي الدائم لتعزيز السلام ودعم الابتكار والارتقاء بجودة حياة الأفراد تشكل ركائز رئيسية في تحقيق تطلعات مجتمعات العالم.
وأضاف في كلمته التي جاءت بعنوان “توجهات عالمية كبرى في العقد المقبل”، إلى أن عام 2021 سيشكل مرحلة مهمة في تاريخ العالم، إذا تعاونت الحكومات فيما بينها لمعالجة القضايا الملحّة واستشراف حلول مبتكرة لها، وتابع: “يجب أن يكون اقتصاد المستقبل مختلفاً وأكثر مرونة وقدرة على مواجهة التغيرات والتحولات، وعلينا تصميم مقاييس جديدة للنجاح، وتعزيز دور التكنولوجيا وإشراك المجتمعات في تصميم المستقبل”.
– اختبار جاهزية الحكومات وتصميم المستقبل.
وقال رئيس القمة العالمية للحكومات : ” واجهت البشرية في الماضي تحديات مختلفة، لكن التاريخ يذكرنا دائماً ببعض المحطات التي شكلت نقطة تحول في رحلة البشرية، ولن ينسى العالم عام 2020 الذي وفر فرصة لمواجهة تحديات جديدة في مختلف القطاعات، أتاحت لنا اختبار أنظمة الرعاية الصحية والتعليمية وقدرة الحكومات على التكيف والتعامل معها بمرونة”، مشيرا إلى أن تركيز الحكومات خلال الفترة المقبلة يجب أن لا يقتصر على جهود تحقيق التعافي من آثار الجائحة، بل يجب أيضا مواصلة توحيد الجهود العالمية لتصميم مستقبل أفضل للمجتمعات.
وأضاف أن الجائحة ألقت بظلالها على الصعيد الاجتماعي والنفسي في جميع المجتمعات، فالجيل الذي شهد تبعات هذا الوباء سيجد نفسه أمام العديد من التحديات المرتبطة بصحته النفسية على غرار الجيل الذي عايش الحرب العالمية الثانية، لهذا على الحكومات دور محوري يتمثل في تطوير استراتيجيات شاملة تراعي احتياجات مجتمعاتها في العقد المقبل، حيث يواجه الجيل الحالي مخاطر متعددة مرتبطة بالأمن الاقتصادي والوظيفي والحياة المستدامة والصحة النفسية.
وأكد القرقاوي أن استجابة العالم في مواجهة الوباء تعززت بفعل توحد العقول والقلوب والموارد من أجل التغلب على التحديات، ليتم تطوير عدة لقاحات للفيروس في 8 أشهر فقط بفضل التعاون بين العلماء ودعم الحكومات والقطاع الخاص والأوساط العلمية.
وقال : ” يجب علينا مواصلة هذا النهج الإنساني الإيجابي لضمان التوزيع العادل والمنصف للقاحات في جميع أنحاء العالم، ويجب أن نتذكر دائماً أن العالم سيتعافى عندما يصبع الناس آمنين في كل مكان”.
وأضاف: “تشير تقديرات البنك الدولي إلى وجود 150 مليون شخص يعانون من الفقر المدقع، فيما يعيش نحو 3.3 مليار شخص (أكثر من 40% من سكان العالم) تحت خط الفقر، ولهذا فإن توجيه اقتصاداتنا إلى مسارها الصحيح، وإعادة الناس إلى وظائف منتجة، أولوية قصوى لجميع حكومات العالم”.
– جلسات حوارية تركز على التحديات العالمية
وركزت جلسات اليوم الأول لحوارات القمة العالمية للحكومات على التحولات الرئيسية في القطاعات الحيوية، وتناولت “جلسة ترسيخ الثقة والمصداقية في الجيل القادم من القادة” التي تحدث فيها ريتشارد إيدلمان الرئيس التنفيذي لشركة “إيدلمان”، أهمية التعاون والتعامل الشفاف بين الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع للتصدي للتحديات الملحّة مثل الاستدامة وتعزيز المهارات المستقبلية، وتوفير البيانات والمعلومات والمعطيات الصحيحة.
وشارك توني ايلوميلو رئيس مجلس إدارة “إيرز هولدينغز” والبنك المتحد لأفريقيا وشركة ترانسكورب، مؤسس مؤسسة توني إلوميلو في جلسة بعنوان “المستقبل من منظور أفريقي: 2021 وما بعده” استعرض فيها سبل تفعيل الإمكانات الهائلة التي تتمتع بها القارة، وكيف يمكن لقادة أفريقيا التعاون لتحقيق نقلات نوعية للمجتمعات.
كما تضمنت الحوارات جلسة بعنوان “المستقبل من منظور آسيوي” شارك فيها ناندان نايلكاني المؤسس المشارك لشركة “إنفوسيس”، وسمير ساران رئيس مؤسسة أوبزيرفر للبحوث، وتناولت دور دول القارة الآسيوية في رسم مستقبل النظام العالمي الجديد بعد جائحة كورونا.
واستعرضت جلسة “التمويل اللامركزي من أجل بناء اقتصاد متكامل” التي تحدثت فيها يوتا شتاينر الرئيس التنفيذي والمؤسس لـ”باريتي تيكنولوجيز”،
دور جائحة كوفيد-19 في تأكيد أهمية وجود بدائل عملية مرنة لا مركزية للأنظمة المالية التقليدية وتطوير توظيف البيانات المشفرة والتقنيات المالية الجديدة في الأنشطة الاقتصادية عالمياً.
وفي جلسة بعنوان “العملات الرقمية: هل سيكون العام 2021 نقطة تحول في التعاملات المالية”ـ طرح كل من أنتوني يوريو المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة لاليترال والمؤسس المشارك لشركة إثيريوم، ودينيل ديكسون الرئيس التنفيذي والمدير التنفيذي لمؤسسة ستيلر للتنمية، وبروك بيرس مؤسس شركة بلوك تشين كابيتال، وصقر عريقات وخبير بلوك تشين واستشاري القطاع الحكومي في “آي بي أم”، رؤاهم وتوقعاتهم لمستقبل تقنية البلوك تشين التي يمكنها أن تؤدي إلى حلول العملات المشفرة محل البنوك والخدمات المصرفية في السنوات المقبلة.
واستضافت جلسة “العبقرية في اتخاذ القرارات في أوقات الأزمات” البروفيسور دانيال كانيمان أستاذ علم النفس الحائز على جائزة نوبل في العلوم الاقتصادية، فيما يشارك نيخيميا بيريز رئيس مركز بيريز للسلام والابتكار، وموريس ليفي رئيس مجلس إدارة مجموعة ببليسيس في جلسة “الابتكار في مد جسور السلام من أجل الازدهار”.
واختتمت حوارات القمة العالمية للحكومات في يومها الأول بجلسة بعنوان “ملاحظة العلامات ودراسة المعطيات: تصور مستقبلي للعقد القادم” شارك فيها البرفيسور بول سافو مستشرف المستقبل وأستاذ الهندسة بجامعة ستانفورد، وكورين يوزيو رئيس تحرير مجلة “بوبيولار ساينس” في حوار حول ضرورة اتخاذ إجراءات حاسمة وفورية لحماية أفراد المجتمع من التحديات حالياً ومستقبلاً.