توجه خلفان لتسلم الملابس التي وضعها في محل غسيل وكي الملابس، أو ما يصطلح على تسميته بمحال «دراي كلين»، لكنه فوجئ بعد عودته إلى المنزل بحمله رداء ليس له، علاوة على بعض البقع على الزي المدرسي الخاص بأحد أبنائه، معتبراً ذلك إشارة واضحة إلى إهمال وتقصير بعض العاملين في هذه المغاسل، فضلاً عن كونه مؤشراً على خلط ملابس الزبائن بعضها ببعض دون اهتمام أو التفات إلى المخاطر الصحية التي تنطوي على هذا الفعل.
تلك الواقعة تكشف حاجة هذه المحال إلى مزيد من الرقابة والتفتيش وإعادة النظر في الاشتراطات المعتمدة التي تحدد طبيعة وسير العمل فيها.
الشيخة الدكتورة رشا أحمد القاسمي مساعد المدير العام لقطاع الصحة العامة والمختبرات المركزية في بلدية الشارقة، قالت إن قسم الرقابة الصحية بإدارة الصحة العامة هو الجهة المنوط بها الرقابة ومتابعة محال كي وغسيل الملابس، بدءاً من الترخيص، حيث يتم معاينتها وإصدار الموافقات المبدئية والنهائية عند استيفائها لكافة المتطلبات، وتُعدّ هذه الموافقات مطلباً أساسيّاً لاستخراج الرخصة المهنية ومزاولة النشاط.
كما يقوم مفتشو القسم بزيارات ميدانية دورية للمنشآت المرخصة للتأكد من التزامها بالاشتراطات والمعايير الصحية المطلوبة، مع تثقيف العاملين وتوعيتهم. وتتنوع الاشتراطات بحسب القاسمي، فمنها ما هو خاص بالموقع وتجهيزاته، ومنها المعني بالعاملين، وهناك اشتراطات خاصة بالتهويـة، والإضاءة، والصيانة، والنظافة وغيرها.
وفي حال ضبط أي مُخالفة، يتم فرض العقوبات المناسبة على المنشأة وفق ما نصت عليه لائحة الجزاءات المعتمدة من المجلس التنفيذي، كما يتم إلزام المُخالِف باتخاذ الإجراءات التصحيحية المُناسبة. علماً بأن هناك بعض المخالفات تتطلب التنسيق مع جهات محلية أخرى لاتخاذ الإجراء المناسب كونها جهة الاختصاص كاستغلال المنشأة للسكن والمعيشة.
الخط الساخن
ونوهت مساعد المدير العام لقطاع الصحة العامة والمختبرات المركزية، إلى أن خدمة الخط الساخن في بلدية الشارقة مستمرة على مدار اليوم لتلقي الشكاوى والاستفسارات من الجمهور، ومن ثم التواصل مع مفتش الطوارئ في القسم المختص لاتخاذ اللازم.
وأكدت أن الحملات التفتيشية مستمرة ولا تتوقف على محال كي وغسيل الملابس، وخلال هذا العام وتحديداً من أول يناير 2015 وحتى نهاية أكتوبر الماضي، بلغ عدد الزيارات التفتيشية 3565 زيارة، تم من خلالها تحرير 279 محضر مخالفة من قبل مفتشي قسم الرقابة الصحية.
فبعض الزبائن ومنهم مليكا أخناتا، وهي ربة منزل، يرون أن هناك حاجة إلى توعية وتثقيف صحي تستهدف العاملين في هذه المحال، وقالت مليكا: لا بد من تحديد الإجراءات الواجب على هذه المغاسل تطبيقها أثناء العمل، مشيرة إلى أنها امتنعت بشكل كامل عن التعامل مع محال الكي بسبب مشاهداتها فقط، وتتابع: ما خفي أعظم.
وتحدثت نجلاء المنجي التي تقطن في منطقة الرولة بالشارقة، عن تباين مستوى الخدمة في هذه المحال، فبعضها بالفعل يقدم خدمات 5 نجوم والبعض الآخر لا يرتقي أبداً لتقديم تلك الخدمة في الأساس، مشيرة إلى أن مستوى المحل يتبع المكان الذي يوجد فيه، ففي محيطها المحال تفتقر إلى النظافة والعاملون يرتدون ثياباً رثة، ونظافة المكان حدث ولا حرج، مطالبة بوضع ضوابط ولوائح لجميع مغاسل الملابس في الدولة، بحيث لا تقتصر على حجم المحل وديكوره، بل تشمل نوعية المواد التي يتم استخدامها، وطريقة غسيل الملابس، وتشديد الرقابة على قضية خلط الملابس.
ويعتبر محمد عبدالعظيم موظف حكومي، أن هناك محال كي ملابس تسعى إلى الكسب المادي دون النظر إلى حجم المخاطر التي تنطوي على خلط ملابس الزبائن أو استخدام مبيضات ومواد تنظيف تؤثر في صحة الأفراد، وتابع: أدخل بعض محال الكي وأجد الملابس موضوعة في صرر تحت الطاولات، فيما طاولة الكي عليها قطعة قماش متسخة والعاملون يرتدون ملابس غير مناسبة وفي بعض الأحيان يتمشون حفاة، مشدداً على أهمية وجود قيود ورقابة صارمة على هذه المحال، وفرض غرامات قاسية لضمان عدم تكرار الإهمال والإسراع في تصويب الأوضاع.
مهند الأشرم طبيب أسنان، قال: من بديهيات العمل في تلك المغاسل عدم خلط الملابس وغسل أو كي ملابس كل فرد على حدة، والاهتمام بصورة كبيرة بالتعقيم والنظافة لأن هذه المحال بيئة خصبة لنقل الأمراض حتى بين العاملين أنفسهم، وعليه فإن الإجراءات الوقائية تحمي الطرفين: العامل والزبون، فالزبون ينتظر خدمة ممتازة والعامل لا يريد أي إشكالية تقطع رزقه أو مرض يصيبه فيجعله غير قادر على ممارسة العمل.
وذكر أن محال كثيرة تهتم بالخدمة والنظافة ومحال أخرى تفتقر إلى أدنى أساسيات النظافة وتعمل بغطاء من اللامبالاة، وما يزيد من قوتها كثرة زبائنها الذين لا يعنيهم المكان وإنما السعر، وتجهيز ملابسهم في الوقت الذي يريدونه، فلو عزف الناس عن المحال غير الملتزمة باشتراطات النظافة والوقاية والبيئة الصحية، لتبدلت أمور كثيرة.
خان عامل في محل لكي الملابس بعجمان، قال إنهم حريصون على كسب زبائنهم، وبالتالي فإن تقديم خدمة ممتازة هو شعارهم، مشيراً إلى أن صغر حجم بعض محال الكي والغسيل، يجعل من تكدس الملابس أمراً لا مفر منه، معتبراً أن ذلك لا يشكل خرقاً، فكل زبون ملابسه محفوظة داخل كيس، واسمه مسجل عليه، وبعض الزبائن لديهم حقائب خاصة يضعون فيها ملابسهم، ولم نتلقَ يوماً أي ملاحظة سلبية من قبلهم.
وقال خان: زيارات التفتيش من قبل أفراد البلدية لا تتوقف.