الاحساء
زهير بن جمعه الغزال
بهمة عالية في معالجتها للأزمات وفكر متزن لإدارة المخاطر، وتفانٍ في تطبيق خططها المدروسة، وصناعة للمستقبل بروح الفريق الواحد، تعاملت الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي وفق ما سبق من معطيات مع جائحة كورونا (كوفيد19)، وسعت بخطى ثابتة وعمل مؤسسي نحو جودة الخدمة وأولوية السلامة لقاصدي الحرمين، بقيادات شابة توشحت وسام البناء ومستقبل الإنجازات.
وكانت ولا تزال همة أبطال شؤون الحرمين عالية في خدمة الحرمين الشريفين وقاصديهما، متجلية بوضوح لا يغطيها غربال، منطلقة من استشعارهم بأهمية هاتين البقعتين، ففيهما قبلتهم مهوى قلوب المسلمين، ومسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومنذ اللحظات الأولى وقبيل انتشار فايروس كورونا (كوفيد١٩) كرست الرئاسة جهودها في خط متوازٍ مع كافة الجهات ذات العلاقة؛ لتنمية العنصر التوعوي لقاصدي الحرمين الشريفين ومن يعمل فيهما، للتعامل مع الجائحة عبر سلسلة من البرامج والندوات العلمية؛ إيماناً منها بدورهم الكبير في الحد من وصوله وانتشاره.
ولطالما اعتزت قيادتنا الرشيدة بالفرد السعودي؛ إيماناً منها بدوره المهم في بناء وطنه، وقد أولت حكومة المملكة العربية السعودية -رعاها الله- مواطنيها اهتماماً بالغاً، والذي يغلب على فئات أفراده الشباب صُناع المستقبل، ويعد سمو ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- الداعم الأول للشباب السعودي.
كورونا تُغلق الحرم
4 مارس من هذا العام شهد صدور القرار الحكيم من مقام وزارة الداخلية تعليق العمرة للمواطنين والمقيمين؛ والذي رأت فيه حكومة خادم الحرمين الشريفين -أيدها الله- حفاظاً على سلامة قاصدي المسجد الحرام وتفادياً لانتشار الوباء بينهم، حيث أبدت الرئاسة في حينه استعدادها التام لتنفيذ القرار.
وباشرت الرئاسة في اليوم التالي بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة إغلاق الحرمين الشريفين عقب انتهاء صلاة العشاء بساعة، وإعادة فتحهما قبل صلاة الفجر بساعة؛ وذلك في طور الجهود الرامية إلى منع انتشار العدوى، حيث تم إغلاق صحن المطاف حول الكعبة المشرفة، والمسعى بين الصفا والمروة، طوال فترة تعليق العمرة، وأقيمت الصلاة داخل المسجد فقط، مع عدم السماح بالاعتكاف والافتراش، أو إدخال الأطعمة والمشروبات، وتم إغلاق مشارب ماء زمزم، كما شمل القرار آنذاك إغلاق المسجد القديم بالحرم النبوي، بما فيه الروضة الشريفة ومقبرة البقيع.
وفي السابع من شهر مارس أعلن معالي الرئيس العام الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس عن صدور الأمر السامي الكريم بالسماح بفتح المطاف للطائفين من غير المعتمرين اعتباراً من فجر يوم السبت الموافق ١٢ من شهر رجب وفق الخطة المرسومة لذلك.
وتوالت الإجراءات الاحترازية وتنوعت لتشمل مرافق عدة للحرمين الشريفين منها على سبيل المثال: رفع السجاد من الحرمين الشريفين، وإغلاق الأبواب غير الرئيسية، وتقليص أعداد العاملين فيهما، إضافةً إلى تعليق الوجود والصلاة في ساحات المسجد الحرام خاصة يوم الجمعة، وإغلاق التوسعة السعودية الثالثة.
مواد صديقة للبيئة
التعقيم خط الدفاع الأول لمكافحة الوباء، حرصنا في الرئاسة العامة على تكثيفه ليكون أكثر دقة وأكبر كثافة أثناء فترة تعليق العمرة مع تقييم الإجراءات ومراجعتها من خلال فرق العمل الميدانية واللجان العليا والتعاون المشترك مع الجهات ذات العلاقة.
ومن هذا المنطلق قامت الرئاسة العامة بتعقيم المسجد الحرام بـ (1800) لتر من المعقمات الصديقة للبيئة يومياً، حيث تم دعم إدارة التطهير والسجاد بالمسجد الحرام بعدد (450) عاملا؛ ضمن عدة إجراءات وقائية واحترازية قامت بها الرئاسة العامة لمنع وصول فيروس كورونا الجديد (كوفيد-19) إلى المسجد الحرام وساحاته.
كما قامت بوضع (300) جهاز تعقيم عند الأبواب والسلالم الكهربائية، وتكثيف عمليات التعقيم لأنظمة التكييف والتهوية بالمسجد الحرام.
وللارتقاء بجودة العمل لأقصى درجاته حرصنا في الرئاسة على التعاقد مع عدد من الشركات الوطنية الرائدة في مجال التعقيم والتطهير، وجلب أعلى التقنيات في مجال التعقيم مثل تقنية التعقيم بالأوزون في المسجد الحرام.
ولتعزيز الوعي لدى المنسوب قدمت الرئاسة لمنسوبيها ضمن مبادراتها توزيع طقم تعقيم لكل موظف، كما باشرت رئاسة شؤون الحرمين تكثيف عمليات تعقيم ثوب وسلم الكعبة المشرفة وصحن المطاف قبيل مراسم غسيل الكعبة المشرفة.
تقنيات متطورة
استعملت في المسجد الحرام الكاميرات الحرارية وفق أحدث الأنظمة والتقنيات، مع قياس درجات الحرارة قبل دخول المسجد الحرام للأئمة والمؤذنين ورجال الأمن والعاملين بالرئاسة.
والتناوب اليومي لأئمة ومؤذني المسجد الحرام، المتضمن خفض الوجود اليومي للأئمة والمؤذنين عن طريق تطبيق التناوب اليومي بينهم؛ إذ يتولى المهمة إمام واحد ومؤذنان كحد أعلى يوميًّا لأداء الفروض كافة، ورفع الأذان؛ اتباعاً للأساليب الوقائية التي تضمن سلامتهم بمشيئة الله –عز وجل-.
وأقيمت صلاة التراويح بالحرمين الشريفين مع تخفيفها إلى خمس تسليمات مع استمرار تعليق حضور المصلين، مع تعليق الاعتكاف في المسجد الحرام، وتطبيق الإجراءات الاحترازية بالتباعد بين المصلين.
وضمن إجراءاتها الاحترازية للحج؛ هيئت الرئاسة المسجد الحرام وصحن المطاف بمسارات افتراضية لاستقبال ضيوف الرحمن، وتعقيم المسجد الحرام، وساحاته، ومرافقه، وصحن المطاف بعد أداء ضيوف الرحمن طواف الإفاضة.
وكثفت رئاسة شؤون الحرمين عمليات تعقيم ثوب وسلم الكعبة المشرفة وصحن المطاف، وسبق ذلك استحداث إدارة للوقاية البيئية ومكافحة الأوبئة لسلامة قاصدي المسجد الحرام.
زمزم بعبوات مُعقمة
عقب قرار إغلاق مشربيات ماء زمزم وتوزيع عبوات زمزم معقمة لقاصدي المسجد الحرام، أعلنت الرئاسة عن آلية توزيع مياه زمزم المباركة في المملكة، وذلك لتسهيل عملية إيصالها إلى أكبر عدد من طالبيها.
وحرصت على توفير الحلول اللازمة لتأمين مياه زمزم المباركة وفق سعة العبوات الموحدة ذات (5 لتر) لطالبيها خلال شهر رمضان المبارك في ظل ظروف جائحة كورونا الراهنة.
وتمت زيادة عدد شركات التجزئة المخولة بتوزيع عبوات مياه زمزم المباركة سعة (5 لتر) في فروعهم بمناطق المملكة المختلفة.
السلامة أولوية
تولي الرئاسة أهمية بالغة لسلامة الطلاب؛ وقد جاء توجيه معالي الرئيس العام في الثامن من شهر مارس بتعليق الدراسة في معهد الحرم المكي ومعهد المسجد النبوي اعتباراً من يوم الاثنين١٤-٧-١٤٤١هـ مع تفعيل الدراسة عن بعد؛ حرصاً على سلامة الطلاب والطالبات واستمرارية تلقيهم تعليمهم عبر الوسائل التقنية، عقب ذلك صدر قرار معاليه بانتقال الطلاب إلى المستوى الذي يليه أسوةً بقرار وزارة التعليم.
وعلى صعيد المرافق الأخرى علّقت الرئاسة في الثامن من شهر مارس برامج الزيارة في المرافق الخارجية التابعة لها، مجمع الملك عبدالعزيز لكسوة الكعبة المشرفة، ومعرض عمارة الحرمين الشريفين، ومكتبة الحرم المكي الشريف، ضمن الإجراءات الاحترازية الموصى بها لمنع انتشار فيروس “كورونا”.
وخلال اليوم التاسع من شهر مارس علقت الإدارة العامة للأمن الفكري والوسطية والاعتدال في المسجد الحرام العمل بالشاشات التفاعلية التوعوية التي تعمل بخاصية اللمس، وذلك ضمن الإجراءات الاحترازية التي تتخذها الرئاسة للوقاية من فيروس كورونا المستجد.
وقامت الرئاسة العامة بتعليق الحضور إلى مقرات العمل عدا الإدارات الميدانية، كما باشرت جميع الإدارات العمل عن بعد؛ بهدف الحفاظ على سلامة منسوبيها من تفشي الوباء في أوساط بيئة العمل.
وأُطلقت ثلاث حملات وقائية واحترازية بتوجيه معالي الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ الأستاذ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس خلال اجتماعه بوكالة الشؤون الفنية والخدمية وهي: (تعقيم وتعظيم، احتراز واعتزاز، تطهير وتدبير) والتي تسهم في منع انتشار فايروس (كورونا) في المسجد الحرام وساحاته ومَرافقه.
ودشنت الرئاسة أكثر من (5) مبادرات نوعية لتعزيز الإجراءات الاحترازية والتدابير الوقائية، وبثت دروس المسجد الحرام العلمية للعالم عبر حسابات الرئاسة الرسمية.
حراك مستمر
أقيم في الحادي عشر من شهر مارس برعاية معالي الرئيس العام اجتماع المجلس التنسيقي للجهات العاملة بالمسجد الحرام، والذي نوقش فيه الإجراءات الاحترازية المتعلقة بفايروس كورونا (كوفيد١٩)، وعملت الرئاسة بالتنسيق مع وزارة الصحة على زيادة ورفع مرات التعقيم في المسجد الحرام.
واستمرت بشكل فاعل في مبادراتها الاجتماعية، حيث باشرت تقديم عبوات زمزم لمنسوبي القطاعات العسكرية والأمنية؛ تقديراً منها لجهودهم المستمرة في حماية الحفاظ على الأمن والاستقرار، إضافةً إلى ما بذلوه إبان الجائحة ودورهم المهم في إنجاح الإجراءات الوقائية المتبعة في المملكة العربية السعودية.
وعبر شراكة استراتيجية بين وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات ورئاسة شؤون الحرمين تم إطلاق منصة (منارة الحرمين) لإتاحة العلم الشرعي لطالبيه.
وأقامت لقاء إعلامياً (عن بعد) لاستعراض خطتها التشغيلية لموسم حج 1441هـ، في ضوء الإجراءات الاحترازية.
وأثمر التعاون مع هيئة الإذاعة والتلفزيون؛ في بث الترجمة الفورية لخطبة عرفة على قناتي القرآن الكريم والسنة النبوية بالإنجليزية والفرنسية.
وخلال الجائحة أكثر من (4000) خدمة إلكترونية قدمتها الرئاسة بتطبيق العمل عن بعد، وعبر المنصة الافتراضية أعلنت خطة موسم رمضان المبارك في ملتقى إعلامي، كما بثت الإرشادات الشرعية عن جائحة كورونا باللغات العالمية عبر المواقع الإلكترونية، وقامت بتعزيز جهود مكتبة الحرم الرقمية وخدماتها الإلكترونية للباحثين.
خُدام الحرمين
ختاماً لقد ازدادت هذه البلاد المباركة خصوصية عن غيرها وتسامت تشريفاً وتميزاً، حيث خصها الله -عز وجل- بوجود الحرمين الشريفين على أرضها، وبقيادة رشيدة وضعت خدمة الحرمين ضمن أولوياتها، وملوكاً استشعروا مكانة هذه البقاع الطاهرة وخدمة قاصديها، واتخذوا من خدمتها مسماً لأنفسهم.