اكتشاف موقع سفينة «دارا» التي غرقت في سواحل إمارة أم القيوين في السادس من أبريل عام 1961، من أهم المغامرات التي يسعى إلى تنفيذها الغواص والمغامر الإماراتي المحترف خليفة المزروعي، وتمهيداً لهذه المهمة الصعبة والاستعداد لها، يقوم بين فترة وأخرى بجولات استكشافية للعثور على السفن الغارقة على سواحل إمارة الفجيرة لتكون نقطة سياحية يأتي لها هواة المغامرة من أنحاء العالم المختلفة، للسباحة وسط هياكل لسفن باتت بيوتاً للأسماك، وأرضاً خصبة لنمو الشعاب المرجانية.
ويؤكد المغامر خليفة المزروعي، أن استكشافه للسفن الغارقة بات يتعدى الغوص الترفيهي، نظراً للتقنيات المستخدمة في ذلك، والتي تقود الغواصين إلى ما وراء الحدود المتعارف عليها في الغوص الترفيهي كالغوص إلى ما بعد 130 قدماً (40 متراً)، حيث يفرض الغوص في بيئة ما بعد 130 قدماً بشكل طولي من السطح، توقفات لإزالة الضغط، واستخدام غازات مخلوطة ومتعددة في الغطس.
ويتحدث المزروعي عن أول اكتشافاته للسفن الغارقة مع فريق العمل على سواحل الفجيرة فيقول: كانت سفينة «إنش كبتن» على عمق 24 متراً، و«إنش كبتن2» على عمق 19 متراً على سواحل خورفكان، وتمكنا من الاطلاع على الأحياء المائية التي تعيش داخل هيكلهما ومنها سمك الهامور بأحجام كبيرة.
وفيما يتعلق بأصعب مغامرات الغوص لاكتشاف السفن الغارقة التي خاضها حتى الآن، يقول خليفة الحاصل على رخصة أول غطاس كهوف عربي من روسيا في عام 2017: حتى الآن هي ناقلة النفط «إيناس» على عمق 70 متراً، والتي غرقت يوم 9 أغسطس 1999، أمام سواحل الفجيرة بعد اندلاع حريق كبير فيها أثناء قيامها بنقل مخلفات بترولية إلى سفينة أخرى وذكرت مصادر خفر السواحل بالفجيرة أن السفينة وحمولتها 6175 طناً .
وكانت قادمة من سلطنة عمان إلى ميناء الفجيرة وأثناء عملية نقلها لكمية محدودة من خام الديزل إلى سفينة أخرى وقع بها انفجار قوي أدى إلى اندلاع النيران فيها وغرقها على بعد 4 أميال بحرية من سواحل الفجيرة ولم يعرف السبب بعد وإن كان يرجح أنه نتيجة تسرب في أنابيب للغاز وهرعت على الفور إلى مكان الحادث عدد من القاطرات البحرية التابعة لميناء الفجيرة، وتمكنت من انتشال 24 بحاراً من بين 30 بحاراً كانوا على ظهر الناقلة.
ويضيف خليفة الذي سبق له أن اكتشف كهفاً قديماً في جبل حفيت يضم عظاماً آدمية تعود إلى فترة تراوح بين 150 و200 سنة، أن الناقلة بعد سقوطها انقسمت إلى قطعتين متساويتي الطول، استقرتا في قاع البحر على بعد 70 متراً، تمكنا من الدخول من الطرف الأمامي من الناقلة والذي يبعد نحو 500 متر من الطرف الخلفي وكان سطحها مقلوباً إلى الأسفل، ما صعب من مهمتنا في الدخول إلي السفينة للتعرف إلى محتوياتها من غرف ومرافق.
ولكننا والحمد الله تمكنا خلال 45 دقيقة رغم صعوبة الولوج للمرات التي باتت تحوي الكثير من الأحياء المائية، وكان علينا أخذ الحيطة والحذر أثناء تجوالنا لتجنب المفاجآت التي قد يخبئها لنا الغوص خلال هذا العمق ومنها «سكر الأعماق» من خلال إجراء «وقفات السلامة».
يوضح خليفة الذي اكتشف من قبل غواصة ألمانية من الحرب العالمية الثانية غارقة على عمق 120 متراً على سواحل إمارة الفجيرة أن النيتروجين يكوِّن أكثر من ثلاثة أرباع هواء التنفس الطبيعي للإنسان ويمكن أن يسبب تنفس الغواص للهواء في الأعماق المفرطة نوعاً من التأثير المخدر يسمى خدر النيتروجين، وتسبب هذه الحالة فقدان القدرة على التفكير وهو ما يعرف بــ «سكر الأعماق» وسببه هو تزايد الضغط الجزيئي للنيتروجين، ما يتيح له اختراق الجهاز العصبي المركزي عند ازدياد الضغط، ولتجنب تلك الحالة، يجب على الغوّاصين في الأعماق المفرطة أن يتنفســوا هواءً مخلوطــاً بالهيليوم لإنقاص كمية النيتروجين الكلية في الغاز واستبدال جزء كبير من النيتروجين بالهيليوم.
يشير المزروعي الذي تمكن من الدخول إلى أعمق نقطة في الأرض في منطقة أبخازيا، ويصل عمقها إلى 2092 متراً تحت الأرض، إلى أن «وقفات السلامة» هي معدل الصعود 30 قدماً في دقيقة يعطي احتمال أقل للإصابة بمرض تخفيف الضغط. ويعطي فرصة لخروج النيتروجين عن طريق الزفير بصورة طبيعية أفضل من تكون الفقاعات في الجسم، كما أثبتت تلك الدراسات أن وقفات السلامة لتخفيف الضغط وقبل الوصول إلى سطح الماء في نهاية الغوصة تتيح فرصة لخروج النيتروجين من الجسم عن طريق الرئتين.
ويعتقد خليفة الذي قادته المغامرة إلى استكشاف كهف «مجلس الجن» في سلطنة عمان، وهو واحد من أكبر الكهوف في العالم، أن سواحل الإمارات تعد مجالاً خصباً للتصوير والتوثيق، إذ تعد غير مستهلكة من قبل سياح تحت الماء.
واعتبره جمالاً مخفياً يتميز به هذا الجزء من العالم، ويتم الكشف عنه من خلال الغوص في فترة تتراوح غالباً بين نصف ساعة إلى ساعة، ما يجعلنا «في سباق مع الزمن» عبر استخدام تقنيات وكاميرات عالية الدقة تساعدنا بشكل كبير على التقاط صور متميزة نوعاً ما، والذي تعتمد جودته على الاقتراب من نقطة التصوير أو الهدف، لأن التصوير بالمسافات الطويلة يضيّع الألوان والإضاءة.