|  آخر تحديث أبريل 14, 2020 , 15:08 م

“هرولة نحو الموت المحتّم”


“هرولة نحو الموت المحتّم”



بقلم: فريال عبدالله

 

 

أعادتنا الحياة إلى البِدء، بل إلى نقطة ما قبل البداية بخطوات، ولكن عبر طريق النهاية المحتمَل.. عقارب الساعة توقفت فجأة ودون سابق إنذار، من الوارد أن تتوقف عقارب الساعة لعطلٍ ما، لكن ما حدث لم يكن بالفعل متعلقاً بذلك بل العكس تماماً، ففعلياً نحن مَن توقفنا فجأة أما عقارب الساعة! فمازالت تدور وكأنها لا تدري ما الذي يحدث أو ربما تعلم لكنها غير قادرة على اتخاذ موقف مغاير.

 

على عجل وكغير ما اعتدنا تسارعت الأحداث بهرولة بحيث لم تترك لنا مجالاً للاستيعاب أو التصرف أو أخذ الحيطة والحذر، فنحن ما إن نحاول أن نجد حلاً في موقفٍ ما، حتى تُباغتنا عقدة مُحكَمة قد أصابت الموقف الآخر، للحظة أصبح الوضع كالآتي: لا وقت للتفكير، لا وقت للاعتقاد، لا وقت للبدائل المقترحة ببطء، لا وقت للتخيّل، بل لا وقت للظن أنه مازال هنالك وقت!.

 

 

وضعٌ يختبر أشياءً لا يعلمها إلا هو، لعله يختبر صبراً، قوة، ضعفاً، أملاً يأساً فقراً، غنى وفِكراً.. وما أصعب الفِكر حين يصيبه شلل وعجز ويكون موضعاً للاختبار، خسائر طالت الجميع في الملموس واللاملموس، فالكل عاد إلى بداياته، وحدته، غربته، كلٌ يُختبر في شيء ما يخصه، حياة تعيد ترتيب مجرياتها.. هل أتعبتها الفوضى التي افتعلها البشر في حقها؟، هل الحياة شعرت بثقل في الموازين فأرادت أن تستقر وتتوازن من جديد؟، وصلنا لمرحلة تساوى فيها كل البشر في المستوى الفكري، من حيث شغل الفكر بمسار معين يتلخص في مجريات الوضع الراهن بالحلول والتوقعات والافتراضات والبحث والتجريب والمعاينة، والغضب الثائر، وما سيكون وما كان وما يجدر وضعه في الحسبان.

 

 

هي لحظةٌ، تَغَيَّر فيها تفكير البشر 100 درجة للمقاربة والكناية عن شيء واقعي، فالفكر توجه نحو تنمية الذات، ومحاورة النفس، وبحث كل ما بالإمكان لشغل الفراغ.. نحن في معركة مع الحياة في الوقت الراهن لشغل فراغٍ أصابنا دونما قصد ولا احتياط، في الوقت ذاته نحن في معركة أخرى مع أنفسنا.. هي لبحث خباياها وما تجود به النفس من آلام وندبات ومآسي ومشاعر تسيطر علينا بسلبية… كل ذلك إن لم يكن هذا الوضع الراهن ملاذاً للخلاص منه فلابد لنا أن نعلن خسارتنا في المعركة ونستكمل معركتنا مع الحياة.. لكن خسارة إحدى المعركتين لن تكون لصالحنا أبداً، فلا معنى لأن ننتصر على الحياة ونعيش بسلام وما بداخلنا مازال كما كان، ولا معنى أيضاً لأن ننتصر مع ذواتنا ونستسلم في معركة الحياة فحينها لن يكون لنا وجود إلا في الذاكرة..

 

 

من وجهة نظري، حتى ننتصر في معركتنا مع الحياة أي الوضع الراهن فعلينا التحلي بالصبر.. الصبر الطويل جداً والإيجابية والتفاؤل والالتزام بما توليه علينا القوانين المدروسة والموضوعة بحكمة، فنحن لا ندري ما الذي يدور في الاتجاه الآخر لكننا على يقين بأن الالتزام هو الملاذ في معركة الحياة.

 

 

وأما معركة الذات والنفس ضد الفراغ.. فهي تعتمد علينا فرداً فرداً، هي فرصة حقيقية للاستعداد للحياة من جديد، وأما صبرنا القاسي فيغلفه إحساس بالحياة وقيمتها.. ففقد الحياة مع العلم بوجودها جدير بأن يغير فينا الكثير، وكما نحن نشتاق للحياة.. فالحياة أيضاً تعلمنا أن للشوق ثمنٌ جميل.. جدير بأن يُسرد عنا في التاريخ صفحات تحاكينا، وماهي الحكاية التي ستُحكى؟.. هنا الفارق والفاصل.


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Facebook Auto Publish Powered By : XYZScripts.com