عندما اكتشفت انني من الدين المسيحي أو انني مسيحية، كان عمري 9 سنوات، و لو لا رفض راهبات مدرستي انذاك قبولي في التدريب على “مناولتي الاولى” و هو شيء تقليدي تقوم فيه الطوائف المسيحية المارونية عند بلوغ الإنسان سن التاسعة من العمر، لما اكتشفت انني من الروم الارتودكس و هي الطائفة الثانية بعد المارونية فالروم لا يمارسون المناولة الاولى في طقوسهم.
بالمختصر، لم أكن أميز بين المسيحي والسني والشيعي و الدرزي إلا بعد إندلاع الحرب الاهلية في لبنان انذاك. وكان لبنان متعدد الطوائف، حيث كان المسلمون السنة و المسيحيين الأغلبيات في المدن الساحلية ويمكن إيجاز أسباب هذه الحرب في وجود عوامل إقتصادية إجتماعية طبقية ناتجة عن إنتشار الفقر والعوز وعوامل خارجية لا داعي لذكرها في هذا المقال الذي اركز في موضوعه على التعايش وكيف في كل مرة نحن اللبنانيون مسلمون ومسيحيون نعود ونلتقي على حب الوطن إن كان عند إنطلاق ثورة 17 تشرين أو الأن إنتشار وباء كورونا.
ثورة 17 تشرين عندما استقيظ الشعب اللبناني بكل طوائفه على ثورة الجوع فإجتمع اللبنانيون على المطالب المعيشية، الاقتصادية و السياسية و مشكلة الفساد و المحاصصة في البلد، التوظيفات العشوائية وأزمة المدارس الرسمية و سطوة رجال الدين المسيحيين و المسلمين على المؤسسات في لبنان و لم يعد المواطن يملك قوته اليومي في ظل إرتفاع سعر الدولار حتى 2500 ليرة لبنانية وتفشي البطالة بين الشباب إلى مستويات قياسية وحسم الشركات الخاصة حوالي نصف رواتب الموظفين، ناهيك عن المصارف التي تأمرت مع السلطة على الشعب.
عند إنتشار وباء كورونا وفي ظل غياب الدولة قامت الحملات الفردية والشخصية بتقديم المساعدات من دون معرفة مِن مَن و لِمن ودون معرفة هويته وطائفته ودينه إن كانت جمعية مسيحية تقدم مساعدة لمسلم أو جمعية مسلمة تقدم مساعدة لمسيحي والرفض التام لتدوين أسماء المحتاجين لعدم إحراجهم من ناحية وضعه الماضي أو طائفته أو منطقته.
استطيع كتابة اسطر و اسطر عن التعايش المسيحي/المسلم في لبنان بالرغم من كل الضغوطات الخارجية التي لها مصلحة بتفرقة الشعب اللبناني ولكنني أحببت و بالمختصر المفيد أن أعطي فكرة وجيزة عن ما يميزنا كشعب لبناني منفتح على تقبل الأخر إن من ناحية الدين، الجنسية، الثقافة، المستوى العلمي، الأخلاق، الموضة، الجمال.
بقلم: جورجيت جبور – (لبنان)