|  آخر تحديث يوليو 19, 2019 , 21:07 م

هنا القاهرة .. هديتى من الذاكرة .. (مصر والجزائر.. والفوز الجائر)


هنا القاهرة .. هديتى من الذاكرة .. (مصر والجزائر.. والفوز الجائر)



بقلم الكاتب الإماراتى / أحمد إبراهيم

 

 

أدى الملايين من المصلين اليوم صلاة الجمعة بمساجد القاهرة, .. والمشاهدون اليوم بالملايين من القارة الصفراء وبالمليارات من كوكب الأرض يتجهون بأنظارهم صوب ساحة ستاد القاهرة الدولى حيث (يلا شوت بين الجزائروالسنغال)

وفي هذا السياق أعلنت القاهرة منح تذاكرمجانية لمشجعي منتخب الجزائر, فى بادرة طيبة تمحو من الذاكرة خلافات كروية سابقة بين الأشقاء فى مصر والجزائر .

بادرةٌ عساها تتكرر دائماً بين الأشقاء، فتجمع الشمل (العربي – العربي) لوحدة الصف من المنصّة إلى الميدان، وبين (القيادات والفُرسان)

وفي السياق ذاته إليكم  هديتي من الذاكرة.. مقالي على صفحات (الشبيبة/ دار مسقط للنشروالتوزيع) بسلطنة عمان، وبعنوانه التاريخي الساخن بسخونة الحدث المؤلم في يومه ( مصر والجزائر.. والفوز الجائر) والذى نشر فى يناير فى العام 2010 وإليكم نص المقال:

 

 

مصر والجزائر.. والفوز الجائر

 

” الخميس كانت ليلة عُرس القاهرة في مدينة بنجيلا في أنجولا ، بعد أن حقق المنتخب المصري على الجزائر في الدقيقة 90 الهدف الرابع وانتهت المباراة بفوز مصر على الجزائر 4/0 وتأهل المنتخب المصري إلى نهائي كأس الأمم الأفريقية لتتواجه اليوم الأحد مع منتخب غانا في العاصمة الأنجولية لواندا ، كما واجهت الجزائر نيجيريا أمس في بنجيلا.

وفي الحقيقة ، كان فوزُ مصر على الجزائر فوزا لكل منهما ولعاصمتي مئتي مليون في المغرب العربي، إذ فازت مصر على الجزائر ففازت بالجزائر للجزائر وللمغرب العربي في شمال أفريقيا، إنه في الحقيقة فوزٌ ساهمت العاصمتان (القاهرة والجزائر) في تحقيقه معاً، فوزٌ أفرحهما وأفرح معهما الرباط وتونس وموريتانيا وليبيا، كما رُفعت لهذا الفوز صفارات وسُمعت له تصفيقات من الرياض ودمشق وبغداد لأنه فوزٌ عربي.

لا يُفترض لهذه الكرة البلاستيكية البيضاء أو الملونة وهي تتدحرج في الملعب أمام سيقان اللاعبين وتنتهي على ركلة، أن نعطيها أكثر من حجمها بإشغال دهاليز البرلمانات والوزارات والمؤسسات الإنتاجية في التعليم والصناعات الوطنية في دنيا البناء والتعمير، ناهيك ما تولدها من التشنّج والنفور بين الشعوب والتأهب على الحدود وهي ركلة.!

لا تسمحوا للكرة البلاستيكية المدوّرة دوران الرحى بقوة طاحونة الفلك الدوار وتطحن الود والوفاق بين الدول والشعوب بشعلة البراكين وبعنفوان العواصف والأعاصير على القارات والأقاليم.

من يمشي في شوارع القاهرة أو الجزائر، لن يلتقِ بتلك الكرة البيضاء التي انتهت على ركلة في الملعب ولن يراها في مدنهما وسكيكهما، بل ويرى تلك الشوارع التي تخفي خلفها الأرصفة والسكيك مليئة بالحفر والمطبات، نيويورك وباريس وطوكيو وسنغافورة ليست لديها ما لدى الجزائر من حقول النفط ولدى مصر من عنق وشرايين الاقتصاد العالمي عبر قناة السويس وإيراداتها، لكن الهمة والنشاط قاصران على الربح والتجارة والمصالح الشخصية ببناء الفلل والأبراج والقرى السياحية وبيع وتأجير الشقق والغرف الفندقية وتجميع الأرباح في البنوك، دون التفكير بالغلابة الذين يمشون على أقدامهم أو يمطون الدواب والحنطور عبر تلك الحفر في رحلة الشتاء والصيف.

 

 

ستاد القاهرة الدولى

 

 

كلما تنقلت في تلك العواصم كنت أمازح السواقين بلهجتي الخليجية (أنا أستغرب انتوالشفيرية شلون بعدكم عايشين بهالسواقة اليومية على هذه الطرق والجسور)، فيبتسم السواق بهزّة رأس تتغلّب عليها هزّة قلب الغلبان وحسراته، هناك مدن تذهلك شوارعها وكأنها تتجدد كل خمس ساعات، تجدها جديدة مع كل صباح وكأنها مدينة جديدة، هذه المدن طرقها وجسورها لا يسفلتها عفريت من الجن، وإنما شبّانٌ من مواطنيها إن تولوا مناصب في البلديات والمرور سهروا على تجميل المدينة بطرقها وشوارعها أكثر من السهرة على تلميع سياراتهم الخاصة .. إذ ليس بمنطق العقل أن يمتلك سيارة آخر موديل ويزينها بآخر الكماليات، لكنها مركونة جنب نهر من المجاري أو تقف أمام جبل من القمامة.

لنفكرّ من الآن وليس على مستوى عاصمتي مصر والجزائر، وإنما على مستوى معظم العواصم العربية، أن ما ترشّه تلك العواصم على الرياضة وديكورات الأندية من المال والنقود، لو صرفنا نصفه كل سنة لتنظيف المدن وطرقها وسكيكها الضيقة، لبدت تلك العواصم جميلة من الداخل كما هي جميلة فعلا، لا كما تبدو عن بُعد باللافتات والكاميرات.

فالقاهرة عروسة العرب لا ينقصها ما يجعلها أنيقة كالرياض! والجزائر بإمكانياتها من النفط والغاز والكادر البشري بسكانها البالغين 35.7 مليون نسمة ما المانع أن تخرج للدنيا شبيهة بدبي.؟!

اللهم إلا إذا كان العناد والإصرار في أن تجعل كل همومها في الرياضة وكل استثماراتها في الرياضيين من جيل إلى جيل ومن ملعب الى ملعب ومن منتخب إلى منتخب تجري جريا وراء الكرة وهي تجرّهم بما أعطيت من القوة والنفوذ لتتدحرج خارج الملعب الى دهاليز القمم والمؤتمرات الوطنية وتُشنّج شعبا بأكمله على شعب آخر وهي كرة بلاستيك..!

وأخيرا .. كلمة أقولها من كل قلبي مبروك لشعب مصر الحبيبة على الفوز، وحظا سعيدا لشعب الجزائر الشقيق بفرصة جديدة إن شاء الله، وعسى كأس أفريقيا مع العرب، وعسى كأس العالم مع العرب .. كأسٌ يجمع شملنا بالود والوفاق ودون تعبيد الطرق إلى التمزق والشقاق إن شاء الله . “


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Facebook Auto Publish Powered By : XYZScripts.com