بعد طلب عدد من النزلاء توفير وجبات محددة، وفي لفتة تحمل دلالات إنسانية كبيرة، أقرت الإدارة العامة للمؤسسات العقابية والإصلاحية في شرطة دبي، منح النزلاء إمكانية طلب وجبات خاصة من الكباب والتكة أو المندي والمظبي وغيرها من الأكلات الشعبية مقابل رسوم محددة، حيث يتم تحضير الطعام في مطعم السجن، على اعتبار أن هذا الأمر لا يضر بأي قوانين تنسج العلاقة بين الإدارة والنزلاء، إنما يمنح النزيل حرية نسبية في اختيار نوعية طعامه، ويخفف عنه بعض الشيء حتى لا يشعر بالضغينة.
وفي سياق العلاقة مع النزلاء؛ كشف العميد علي الشمالي مدير الإدارة العامة للمؤسسات العقابية والإصلاحية في شرطة دبي عن وجود ما يزيد على 500 كاميرا، وغرفة عمليات في الإدارة تضم 16 شاشة تضمن سلامة وأمان جميع النزلاء والموجودين في المباني المختلفة، مبيناً أن الطاقة الاستيعابية لها تصل إلى 5 آلاف نزيل.
فحص شامل
وفي خطوات احترازية كما أكد العميد الشمالي، فإنه فور دخول النزيل، يتم إجراء فحص طبي دقيق وشامل له، ويوضع في الحجر الصحي ليومين للتأكد من نتيجة التحاليل وعدم وجود أي أمراض معدية لديه، بعدها يتم تصنيفه حسب نوع القضية وسنوات الحكم، ويضع النزيل ملابسه وأغراضه بالكامل في صندوق أمانات خاص لحين خروجه، ويمنع الاحتفاظ بالأموال أو الذهب أو أي أشياء أخرى، ويتم تسليمه زي النزلاء وتسكينه وعرض لائحة القوانين الخاصة بالمؤسسة، نافياً أن يكون هناك عنابر «في آي بي» وأن الجميع سواسية.
وأكد أن المؤسسات العقابية والإصلاحية في دبي تضاهي أفضل نظيراتها في العالم، سواء كانت في السويد أو دول أوروبية أخرى، باستثناء سماح بعض السجون هناك للنزيل بالتجول في المنطقة المحيطة بالسجن بعد تركيب جهاز تتبع في يده لتحديد موقعه.
ولفت العميد الشمالي إلى أن الإدارة العامة للمؤسسات العقابية والإصلاحية تضم 9 إدارات فرعية فيها العيادة والمباني المختلفة، مثل سجن الأحداث وسجن النساء وسجن الجنح والمخالفات.
وأشار إلى أن هناك عيادة تقدم خدماتها على مدار الساعة للنزلاء، وأن هناك طبيباً مقيماً في العيادة التي تقدم علاجات الأسنان والباطنية وقياس الضغط والسكر والأنف والأذن والحنجرة، بالإضافة إلى العيادة النفسية، لافتاً إلى أن النزيل من المفترض أن يستيقظ عند الساعة الخامسة صباحاً للاستعداد للإفطار الذي يقدم السادسة صباحاً، ولا يفرض على النزيل الالتزام بالاستيقاظ أو الخلود إلى النوم؛ والأمر متروك له، موضحاً أنه بعد الإفطار يذهب النزلاء كل حسب رغبته إلى المكتبة أو الورشة أو ممارسة الرياضة أو الذهاب إلى المحكمة أو النيابة أو العودة إلى العنبر الذي يضم 4 إلى 6 أسرّة بحمام خاص، وعند الواحدة ظهراً تبدأ وجبة الغداء والتي تختلف من يوم لآخر؛ وتحتوي على الدجاج أو السمك أو اللحم مع الأرز وسلطة وفاكهة، إضافة إلى تقديم وجبة العشاء عند السادسة والنصف مساءً.
وقال العميد الشمالي إن الإدارة تسعى إلى تحويل النزيل إلى إنسان سوي، ونزع رغبة الانتقام والظلم والضغينة من داخله، بالإضافة إلى منحه حرفة أو مهنة أو عمل يمكن أن يجني منه مالاً بطريقة مشروعة بعد خروجه من السجن، حتى لا يعود مرة أخرى إلى عالم الجريمة أو الانحراف، بالإضافة إلى شغل أوقاتهم بأشياء مفيدة تدر عليهم دخلاً عبر إنتاجهم، والذي تخصص الإدارة جزءاً من ناتج بيعه للنزيل كمصروف شهري، وهناك نزلاء يصرفون على عائلاتهم وهم داخل السجن.
وأضاف العميد الشمالي أن الإدارة تتضمن 48 عنبراً للرجال و16 عنبراً للنساء، وتلك المباني منفصلة، إضافة إلى 8 ملاعب، منها 5 للرجال وهي: كرة قدم وطائرة وسلة، وملعب للسيدات وملعب كبير مفتوح للمباريات والمسابقات، مشيراً إلى أنه تقام بشكل دوري، في إطار برامج خاصة، مسابقات للعنبر المثالي، ويمنح النزلاء جوائز مادية وعينية لتشجيعهم على التعايش فيما بينهم في ظل تنوع الجنسيات والتعامل باحترام وعدم إثارة المشاكل.
ولفت أيضاً إلى أن بعض النزلاء من جنسيات محددة قد يتسببون في إثارة المشاكل أحياناً، وقد حضر أحدهم ذات يوم إلى مكتب الضابط المناوب بعد أسبوعين من قدومه للسجن، وقال إنه يريد الخروج، وإنه يشعر بالملل، وتبين أنه محكوم بالمؤبد، وتم إيضاح الأمر له، منوهاً إلى أن أصعب الأيام التي تمر على النزلاء تكون في بداية فترة الحكم، وفيها يرفض النزيل ممارسة الرياضة أو الحديث مع الآخرين، إلا أنه سرعان ما يندمج مع البقية، ويبدأ في جدولة حياته وفقاً للوضع الجديد، وأن هناك بعض النزلاء اكتسبوا لغات أخرى بفعل الاحتكاك مع زملائهم؛ منها اللغات الانجليزية والإسبانية والألمانية، بالإضافة إلى تعلم غير العرب اللغة العربية عبر الممارسة، أو الالتحاق بدورات حفظ القرآن الكريم.
وأشار العميد الشمالي إلى أن هناك أقساماً خاصة بالمدمنين، ولهم مدة وبرنامج محدد للتعافي بالتعاون مع الإدارة العامة لمكافحة المخدرات وهيئة تنمية المجتمع، مشيراً إلى أن هناك مقترحاً بتوفير عدد من أجهزة التتبع للنزلاء بعد خروجهم من السجن من المتعافين أو المنتكسين.
وقال العميد الشمالي إن وسائل إيصال طلبات أو شكاوى النزلاء متعددة، وكفلتها الإدارة للجميع، منها الاتصال الهاتفي أو إرسال رسالة مكتوبة في صندوق الشكاوى، أو التحدث مباشرة مع الضابط المناوب، أو مع مدير الإدارة أثناء المرور الدوري، مشيراً إلى أن أغلب الشكاوى تتعلق بطلب زيادة الاتصالات أو نوعية الأكل المقدمة أو مضايقة شخص لآخر، وتحل المشكلة في الوقت نفسه وفقاً للقوانين والإجراءات.
وأكد العميد علي الشمالي وجود عدد من أجهزة التلفاز في صالات استراحة النزلاء، تتضمن 14 قناة تلفزيونية إخبارية بلغات متعددة، إضافة إلى توفير الصحف المحلية ومكتبة استعارية كبرى، وأن التلفاز يعمل طوال 24 ساعة، ولا يجبر أي نزيل على مغادرة الصالة، وأنه يتم الاتفاق بين النزلاء على القنوات المطلوبة، وقد تم توفير عدد زائد من الشاشات لتلافي طلبات النزلاء أو اختلافهم على اختيار القنوات.
وأفاد العميد علي الشمالي بأن قسم التدريب المهني يهدف إلى مساعدة النزلاء في ملء الفراغ واكتساب مهارات مهنية وحرفية جديدة ومفيدة، وتأهيلهم وتشجيعهم على القيام بالأعمال الخاصة بهم بعد الإفراج عنهم وتطوير مهاراتهم وهواياتهم والعمل على استغلال قضاء فترة العقوبة بما يعود عليهم بالنفع.
ولفت إلى تنظيم دورات مهنية وحرفية مختلفة بالتعاون مع مؤسسات عدة، لتوفير مهارات مهنية ومهن جديدة لدى النزلاء، والمساهمة في خلق فرص عمل مناسبة للنزلاء حسب متطلبات سوق العمل، مشيراً إلى العديد من الدورات، منها: الرسم والنقش والنحت على الصابون وعمل السبح من نواة التمور، وأساسيات الإلكترونيات، ودبلوم ميكانيكا السيارات، ودورة إطارات السيارات، وميكانيكا المكائن البحرية، بالإضافة إلى دورات إدارة سجن النساء في: خدمة العملاء والإسعافات الأولية وإطفاء الحرائق والإخلاء وأساسيات الرسم.