|  آخر تحديث أبريل 18, 2019 , 4:04 ص

تقييم التقييم !!


تقييم التقييم !!



أحدُ أهم أسرار النجاح هو أن تعلمَ أن نظرة الآخرين لك ورأيهم فيك وفكرتهم عنك وتقيمهم وانتقادهم ونقدهم لك ، ليسَ أنت ولا واقعك ولاحقيقتك ولامستوى عملك ، بل هو أمرٌ يخصهم هم ، وخاضعٌ – في معظمه – للأهواء الشخصية وللمزاج ولرضاهم عنك أو عدمه ولدرجة تعليمهم ونوعية تفكيرهم ، وأحياناً ( للشللية ) أو الأجندات الخاصة أو المصالح الضيقة ، بل إن بعضهم يحمل فكرة ما ومؤمنٌ بنموذجٍ معين ، وقد تكون هذه الفكرة خاطئة ومنتهية الصلاحية ، وقد يكون النموذج عقيماً فاشلاً ، ولكنك لن تحصل على تقييم جيد منه إلا إن آمنتَ بفكرته وطبقتَ نموذجه واعتمدت طريقته المتخلفة وأصبحتَ نسخةَ مكررة عنه ، وهم كُثرٌ للأسف الشديد ، توقفتْ عقولهم عند حدٍ معين ، وأصابهم العُجبُ بسبب ماوصلوه من منصبٍ – بتقييم واختيار غير صحيح وإلا ماكانوا وصلوا إليه – وباتوا يملكون صلاحية الحكم وتقييم البعض ممن يفوقهم علماً وأداءً وتمكناً بدرجاتٍ عالية ..!!، وهذه الفئة – وإن كانوا ليسوا ممن عناهم – ﷻ – في قوله :
{ وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ۗ}
ولكنها نفس الاستراتيجية وذات الداء ..!!

 

الناجحون مؤمنون بأن إرضاء الناس غايةٌ لاتُدرك ، وأن التقييم المبني على أسس سليمة وعلى معايير تحكيمية علمية ، هو وحده وقود انطلاقهم ومرآة تُظهر لهم مواطن الخلل في عملهم ، حتى وإن كان أسلوب مقدمها فظاً غليظاً أو عدائياً ، فهو في النهاية كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه :

“رحم اللَّه امرأ أهدى إلي عيوبي”
أما ماعدا ذلك إنما هي أحاديث لاقيمة لها – في معظمها – ولاتستحق التوقف عندها لحظةً واحدة ..!!

وقد يهمس في أذني هامسٌ :
ماذا لو كان يُبنى على تقييم هذه الفئة أمرٌ متعلقٌ بعملي ووظيفتي ؟!!
ولا أجد جواباً البتة ، قد يقول له البعض :
( اربط العَير محل مايقول راعيه )
لكن الضمير المهني لن يسمح ولن يسامح ، فلا نقول إلا العبارة ( الكلاسيكية المشهورة ) :
سددوا وقاربوا ، والتي قد تقود في النهاية إلى العبارة الكارثية ( طبطب وليّس يطلع كويس ) فيتحول العمل إلى قشور ومظاهر وإنجازات ورقية ونجاحات مُصطنعة واستعراض ، أكثر من أداء مُتقن ، كل ذلك مالم يكن هناك انتقاء علمي ثابت وحوكمة جادة للمعايير ، تتولاها عقول تملك القدرة على ذلك ، مزودةً بالعلم والمعرفة والذكاء ، متحليةً برؤية منطقية ناضجة واعية وواقعية قبل ذلك ..!!

وحتى يكتمل ذلك الحلم ، راقب الله وطور نفسك باستمرار وارسم أهدافك بعناية فائقة واجعل لك معاييرك الخاصة وطبقها بشجاعة وصبر ، إذا وجدتها تحقق أهدافك أو معظمها ، وكن مستعداً للحوار جاهزاً للتنازل ، قابلاً للتغيير إن اتضح لك خطأ ما ، وحاول اقناع الآخرين – حتى من يقيمك – بها ، وكن كما قال مصطفى السباعي :
من علامات اﻹخلاص ، أن يهمك الرضا من ربك عما تعمل قبل أن يهمك الرضا من الناس ..
والانجليز يقولون :

‎‏Never let a grade define who you are ..

‏لا تسمح لدرجاتك أن تُحدد من تكون أنت..

فكم من موهوب مبدع عبقري دمره تقييم خطأ ، وقد يكون المُقيم حسنَ النية صادق الطلب للأفضل ، ولكن هذا لوحده لايكفي !!

 

 

بقلم: أحمد سليمان النجار
مستشار أسري وتربوي مُعتمد
مدرب دولي محترف معتمد


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Facebook Auto Publish Powered By : XYZScripts.com