رشحت لمجموعة من الصديقات قراءة رواية (الباب) للمجرية ماجدة سابو، وهي واحدة من الروايات التي اعتبرها عدد كبير من القراء المحترفين الرواية الأكثر تفضيلا لديهم عندما ترجمت للإنجليزية فمنحتها صحيفة نيويورك تايمز الأميركية المركز الأول ضمن المؤلفات التي نالت إعجاب القراء عام 2015، وحين انتهينا جميعا من قراءتها فوجئنا أن الذي يعرفها أو سمع عنها هم قلة من القراء رغم قوة الرواية ومتانة بناءاتها الفنية والسردية، ما يؤكد حقيقة أن شهرة وانتشار أي عمل أدبي في العالم العربي لا يعود لتفوق العمل وقوته وأصالة موضوعه، ووجود قوة نقد وسطوة قراء توجه مؤشر انتشار الكتب ونجاحها أو فشلها، بقدر ما يعود الأمر لجهود الترويج التجاري واستغلال منصات التواصل الاجتماعي ومشاهير السوشيال ميديا!
لنأخذ كاتباً شهيراً لطالما طرح اسمه كمرشح محتمل في كل دورة توزع فيها جائزة نوبل للأدب، إنه الياباني هاروكي موراكامي صاحب الروايات الغرائبية والطويلة جدا مثل (كافكا على الشاطئ، الغابة النرويجية، 1 كيو 84.. وغيرها) هذا الكاتب غالبا ما لا تقل الطبعة الأولى من أي من رواياته عن 750000 الى 1000000 نسخة في اليابان وحدها، يتهافت عليها القراء منذ ساعات الفجر الأولى في اليوم الأول لصدورها، هذه الروايات لا تجد قراء بالكثرة التي تستحقها في عالمنا العربي، لذلك فمعظم طبعات الترجمة لا تتجاوز الـ 1000 أو 5000 نسخة!
العوامل التي تقود لانتشار عمل أدبي بشكل مذهل كما حدث لرواية ألف شافاق (قواعد العشق الأربعين) مثلاً، تحددها تفضيلات القراء وعراقة دار النشر واسم المؤلف وشبكة العلاقات العامة، ونوادي القراءة وصفحات المراجعات الأدبية!
تتناول الرواية العلاقة العميقة بين الكاتبة وخادمتها العجوز غريبة الأطوار والمعبأة بالحكايات والأسرار، هذه العلاقة التي تطورت إلى حب حقيقي تبادلته المرأتان معاً على قاعدة الأمومة والتعاطف والإعجاب.
نُشرت رواية «الباب» للكاتبة «ماجدة سابو» عام 1987، أي في السنوات الأخيرة للحكم الشيوعي للمجر، وتمت ترجمتها إلى اللغة الإنجليزية عام 1995، لتصبح واحدة من أكثر الروايات أهمية حيث استطاعت الروائية المجرية أن تمزج الكوميديا السوداء ومشاعر الاغتراب والعزلة والخيبة جاعلة منها خيطاً ناظماً لكل جزئيات الرواية، وخلفية أساسية تتبعت الكاتبة من خلالها مساراً غادراً لتاريخ البلاد والمسار المأساوي لحياة العجوز مذ كانت طفلة ترعى شقيقيها التوأم، حتى ساعة وفاتها شاعرة بخذلان أقرب الناس.
بقلم: عائشة سلطان