كُنّا صِغاراً حين كانت أُنشودة تعلو وترنو إليها مَسامِعنا كُل ليلةٍ، نَحكي أحْلامنا وأمَانينا من وراء جدران عربيَّة تَحْمِل هموماً شَرْقيَّة،ظَناً مِنّا أنّها قابلة للتحقيق، وسوف تُزّين لنا الواقع والحدث وتُتَوِّج نَجاح مُسْتقبلٍ بَعيد!
تُصبِحون علي ما تَتَمنُّون!!
لماذا لَمْ يَسْترسلوا بكلماتٍ عَفيّة تَكْبحُ جِماح الخيال،وتَرْوي ظَمأْ النَّفسُ اللوَّامة،لماذا لَمْ يُتقِنوا فَنّ الدُعاءِ وصِدْقه في طلب العون إلي سُبلِ الطريق الحقيقيّ للسعادة بدلاً من تلك الرسائل الرَوْحيّة لإسْتقطابِ الأمنيات والرغبات التائهة في دواخلنا!!
من عُجْب الدُنيا وزِيفها أنها أعْطَتْنا أحقيّة مشاعر التَمنّي والحُلم…وكذلك الحَسْرة المَصْحوبَة بالتَبعيَّة بين عَشيّة وضُحاها بدون جَدوي أو حتي مَللْ من نتائج التمني…هذا النشاط الفكري والحسي المستمر بلا لجام!!
فلقد علّمتْني الحياة أنّ العمل والإلتزام المُستمر هو سرّ السعادة في صباح كلّ يوم،وأنّ التمنّي هو مُسكن لأَلم الكَسلْ والتَوكُّل وعدم الإكْتراث كثيراً بمضمون الأشياء، وأنّ التجاوب مع مُعطياتِ الوَقْت الحَاضِر هو ما يُولد الإنجازات والنجاحات وليس بالدعاء فقط بأن تُصْبح علي ما تَتمنَّي!!
مشكلتنا في طريقة اسْتشعارنا لأحلامنا وأمانينا….
من الصحيح أن نُفكّر بإسْتشْراقِيّة الحياة و نري شَمْس غدا في هُدوءٍ ورِفْق، مع العمل والكفاح الذي لا ينقطع، بِدون تَعلُّق القلب والروح بما سوف يأتي غدًا..هكذا فقط لاُّبد لنا أن نَتمنّي!
نَتمنّي الصحة لعِقُولنا وسلامة قُلوبنا من تَوقُّعات الحياة ومُنحدراتِها….
نَتمنّي بأنْ تَغْزو الإيجابية كُل خَلايا جسدُنا تِجاه ما نُريد ومَا نُحبْ…
نَتمنّي الرضا يَكْسو كُل ذَرّة خَوفٍ وقَلقْ وتَمَرُّد….
نَتمنّي القناعة لِباس الفِكْر والسُلوك…
..لَيْستْ بالأحْلام ولا سَهر الليالي.. ولا البُكاء والعَويل علي نفسك الضحيّة لِزَمن كُل خَلقُه يَعْتبرون أنْفسهم ضَحَايا أيضاً!!
كُنْ مُخْتلفاً واخْرُج من قَوالبْ الحُزْن والسَّلبيّة!!
عندما يَلْقاك أحدهم بدعوة فقل له…إدعِ لي بقوَّة العقل والروح فهي أبْقي وأعْلي وأشدّ!!
بقلم: سمر الديب – (مصر)