الآن أرَي الصباح بعيون جديدة، بِلُغة شَمْسُه الذَّهبيّة وإِشْراقةِ رِزْقِه وكَرَمه، لمْ يَعُدْ هذا الضَباب الذي طَالما عَانَيْتُ منه طِيلة سنوات!
حَاولت كثيراً أن أُخْفي نفسي سراً في ليالي نِصْف قمريّة،وأتَسلّلُ إلي أحلامي وأحاورها في قصة عِشْقٍ أبديّة، هاربةٌ من نورٍ ولَوْن قد يُعْطي لحلمي وجودٍ وأرْض، فَالخَوْف يصنعُ هَالة من الإسْتِكانة تَدْعوكَ دائماً للسّير داخل الجدران وليس فقط بجانبها!
فالخوف هو كيان قويّ قائمٌ بذاته مُهمّته عبْر الزمن هي تشْتيت المستقبل وتحويله إلي أشلاءٍ مُتناثرة حتي لا تستطيع القبْض علي زهرة واحده منه تستمتع برحيقُها للأبد، فهو صُمِّمَ خصِّيصاً لحَبْسِ أجمل أيام العمر داخل زنزانة الأفكار التي ندور بداخلها في كل يوم،فعندما نَخافُ من شيئاً ما فهو يُشكِّلُ ماهيّة حياتنا وأيامنا القادمة، فالخوف قادر علي تشْويه ملامح سعادتنا واستبدالها بأكوامٍ من الأمراض التي تقتل كل الآمال وروح الحياة في نفوسنا!
فقد تَوهّمْتُ أنّ إبداعاتي تَنْطَلقُ في عَتْمةِ اللّيلِ فقط،ذُعْراً من أنْ يَكْتَشِفُها النّهار،ثُمّ يَقْبِضُ عليها ويُحِيلُ قُدْرتِها وَرَاءَ ضَوْضاؤه، فأنتظرُ الظلام يوماً بَعْد يوْم!
قَاومْتُ فكرة أنّ اللّيل هو صديقي، وأّنّ النهار جلاّدي الذي لا أُريدُ أنْ أرَاه وأعيشُ في ثَرْثَرة أصْواته، ولكنِّي أدْركتُ شيئاً ما بداخلي يَدعوا للتّحدي والوأْدِ بجزمٍ، هو أنّ الخَوف لا يصْنع المُعجزات!
تُيِّمْت بالصباحِ عِشْقاً، وطَارَ به فِكْري وَلَعاً،أصْبحَ صديقي الصّبورُ المُمْتِع المُبَارَك!!
لا تَنْصهرُ مع الليل أو النّهار، لا تَنْصَهرُ في عاداتٍ وخُرافاتٍ،لا تَذوبُ في مياهٍ عَشْوائِيّة جَارية لا تَعْلم من أيْنَ أَتَتْ وإلي أيْن ستَذْهب!
كُنْ أَنْت بِمَعْرفة سُبُل وشكل وطَعْم رُوحَكْ،كُنْ أَنْت بِبَصْمتك وثِقَتك، كُنْ أنْت بِصَمْت!!
اللّيل لازَالَ صديقي القديم،أحِنُّ إليه وأسْتَأْنِسُ بِه خِلْسَة،ولكن لا أُريدُ أن أبقي علي عهده متأرِّقة طيلة الوقت، فالجسد يَتَتّوق نومِه، والعقل ينمو في سكونه،فقد حان الوقت لأستهلكُ جناحاتي المنْسيّة كما هي الطُيور البحريّة!
بقلم: سمر الديب – (مصر)