وجهت سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك رئيسة الاتحاد النسائي العام رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية كلمة تأبينية في الراحلة الكبيرة الشاعرة عوشة بنت خليفة السويدي ” فتاة العرب” التي رحلت أول من أمس تاركة وراءها فيضا من القصائد الوطنية والاجتماعية، المحملة بأسمى المعاني وأصدق المشاعر.
وقالت سموها – في كلمتها ” إن قصائد عوشة السويدي، حملت أماني وتطلعات الأجيال، وترجمت معاني الألم والصبر على المكاره والصعاب، وإنها كانت رمزا حيا للمرأة الإماراتية ولقضاياها الثابتة في الحضور والدور والتعليم والعمل، والمشاركة في بناء الوطن”.
وفي ما يلي نص كلمة سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، في الراحلة الكبيرة:
” بقلوب صابرة، عامرة بالإيمان، مسلمة بقضاء الله تعالى وقدره، ودعت الإمارات علما من أعلامها الخفاقة، وصوتا صادحا بطيب الكلام، هي الشاعرة الأصيلة والمجددة عوشة بنت خليفة السويدي، تغمدها الله بواسع رحمته.
” فتاة العرب” التي رافقتنا ورافقناها في رحلة طويلة، امتدت على مر الأجيال، فصارت نبتا يانعا لهذه الأرض المعطاءة، ومن أعماق هذه الأرض، من أصالتها ورحابتها، جاءت الشاعرة عوشة بنت خليفة السويدي، فكانت رمزا مشرقا للمرأة الإماراتية.
فعلى امتداد مائة عام، ومن ريعان الطفولة وحتى آخر سنواتها، ارتقت عوشة السويدي بشعرها إلى ذرى الوطن. حملت قصائدها أماني الأجيال وتطلعاتهم وأحلامهم وتحدياتهم، وبثت في النفوس الأمل بالمستقبل، وبالقدرة على صنع المستحيل، وهو نهج أسس بنيانه باني هذا الوطن، المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ” طيب الله ثراه ” الذي كان أول من تلمس موهبة عوشة السويدي الشعرية، وعزمها الوطني الذي لا يلين، فخاطبها، رحمه الله، في إحدى قصائده بقوله:
يا ركن عود الهوى وفنه .
شاقني جيلك بالوصافي .
طيف رويا لي امشجنه.
شط بك والحقك لتلافي.
لقد جاءت عوشة السويدي من بيت كريم وأصيل، وأصبحت على امتداد قرن من الزمان، ابنة كل بيت في الإمارات، وفي الخليج العربي. فكل من قرأ قصيدة لها أو سمع أبياتا من شعرها، كان ينتظر ما تجود به قريحتها. فقصيدة عوشة السويدي، كانت هي الخبر تحت كل سقف، ووسط كل أسرة. وبذلك صاغت الراحلة الكبيرة ذاكرة شعرية حية لكل إماراتي وإماراتية.
في سيرتها، كما في شعرها، كانت عوشة السويدي، رمزا حيا للمرأة الإماراتية، ولقضاياها الثابتة، في الحضور والدور والتعليم والعمل، والمشاركة الفعلية في بناء هذا الوطن. وهو حق نالته المرأة الإماراتية بجدارتها، وبالوعي المبكر لدى جيل المؤسسين الذي أدرك أن المجتمع لا يكون إلا بجناحيه، وأن ازدهار الوطن، لا يتحقق إلا بمشاركة كل أبنائه.
وعوشة السويدي كانت هي المثال الأسطع على هذه الحقيقة. وبقدر ما ألهمت أجيالا من النساء في سعيهن لتحقيق ذواتهن، فإنها أيضا بثت العزم في نفوس أجيال من الرجال، وهم يتغلبون على الصعاب والتحديات. لقد خسرت الإمارات برحيل عوشة بنت خليفة السويدي، ضوءا توهج في أول النور، وأشرق حينما عم الضياء. لكن عوشة السويدي، لن تغيب عن ذاكرة الإماراتيين، ولا عن ضمائرهم، لأنها بعض منهم، وهم بعض منها.
رحم الله الراحلة الكبيرة، وأسكنها فسيح جناته، وألهمنا وأهلها الصبر والسلوان”.