أثمرت جهود دولة الإمارات للم الشمل بين إثيوبيا وإرتيريا، عن تقارب تاريخي، تُوّج بعودة علاقات البلدين الجارين، بعد عقدين كاملين من العداء والقطيعة. ولم تدخر الدبلوماسية الإماراتية جهداً في سبيل تذويب الخلافات، وإرساء السلام في كل بقعة في نهج أرسى دعائمه المغفور له بإذن الله، الشيخ زايد، طيّب الله ثراه، وسارت عليه القيادة الرشيدة، ديدنها الذي لا حياد عنه، إطفاء بؤر التوتّر، وتعبيد الطريق نحو السلام والاستقرار العالمييْن، بما يقود إلى التنمية والاستقرار.
لقد مثّلت زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلّحة إلى إثيوبيا، ركيزة أساسية في مسيرة المصالحة، إذ سرّعت من وتيرتها، وجعلت ما كان إلى المستحيل أقرب، واقعاً يمشي بين الناس، يتحدثون به في انبهار وإعجاب.
وأكّد خبراء سعوديون، أنّ دولة الإمارات لعبت دوراً فاعلاً ومؤثراً في ترسيخ الأمن والاستقرار في منطقة القرن الأفريقي، من خلال إعادة العلاقات الدبلوماسية بين إثيوبيا وإرتيريا، بعد قطيعة تاريخية، فشلت معها كل محاولات تطبيع العلاقات.
وأكّد أستاذ العلوم السياسية في جامعة الملك عبد العزيز، د. يوسف الثبيتي، أنّ الدبلوماسية الإماراتية استطاعت إخماد حريق دام 20 عاماً، وفشلت أمامه كل مساعي التسوية، مضيفاً: «إلّا أنّ حمامة السلام الإماراتية، حققت المطلوب لأمن واستقرار منطقة القرن الأفريقي، من خلال لعب دور الوسيط». وأضاف الثبيتي أنّ مكانة دولة الإمارات، ستتعزّز أكثر في منطقة القرن الأفريقي بعد هذا الإنجاز الدبلوماسي الكبير.
بدوره، قال الخبير والمحلل السياسي، د. فالح بن عبد الرحمن الخالدي، إنّ الدور دولة الإمارات المحوري في السلام الإثيوبي الإريتري، أكسبها مكانة متقدّمة ومرموقة في منطقة القرن الأفريقي الاستراتيجية، لافتاً إلى أنّ البلدين هما الرابح الأكبر، فيما ربحت كل منطقة القرن الأفريقي الأمن والاستقرار.
إلى ذلك، امتدح مراقبون سودانيون، الدور الذي لعبته دولة الإمارات في اختراق جدر القطيعة بين إثيوبيا وإريتريا، بما يمهّد الطريق أمام استقرار الإقليم بكامله. وتوقّع وزير الدولة بالخارجية السوداني السابق كمال إسماعيل، أن ينعكس التقارب الإثيوبي الإريتري إيجاباً على علاقات البلدين والإقليم بكامله، وأنّ الاتفاقات الموقّعة، من شأنها إزالة آثار حقبة التوتر والنزاع، فضلاً عن تمهيد الطريق أمام التعاون والتنسيق بعيداً عن الصراع.
ورأى البرلماني السوداني المهتم بقضايا القرن الأفريقي، فيصل ياسين، أنّ التقارب الإثيوبي الإريتري، سينعكس إيجاباً على منطقة القرن الأفريقي والمنطقة بكاملها، فضلاً عن تأثيرات التقارب اقتصادياً وأمنياً. وأضاف ياسين: «البلدان سيستفيدان لكن قطعاً، إرتيريا هي المستفيد الأكبر، باعتبار أن إثيوبيا دولة كبيرة ومؤثرة في المنطقة، ولديها خبرات ستفيد أي تنمية في إرتيريا».
من جهتهم، شدّد محللون استراتيجيون بحرينيون، على أنّ الدبلوماسية الإماراتية، سرّعت من وتيرة المصالحة التاريخية، مشيرين إلى أنّ دولة الإمارات كانت حاضرة على الدوام في حل الأزمات والصراعات والحروب في كل مناطق العالم.
وأوضح المحلل الاستراتيجي العسكري، أحمد مسعود، أنّ اتفاق السلام الكبير بين إثيوبيا وإريتريا، سيفرز مزيداً من الأمن والاستقرار، ليس في القرن الأفريقي فقط، بل منطقة الشرق الأوسط، مضيفاً: «هذه المصالحة لم تكن لتتم، إلا بالمعاضدة الإماراتية المميزة، والتي كانت حاضرة، وتبحث دوماً عن كل الحلول السياسية والاقتصادية الناجعة، لحلحلة الأزمات في مناطق الصراعات المختلفة بأفريقيا، وبقية مناطق العالم».
في السياق، لفت المحلل السياسي، أحمد جمعة، إلى أنّ شعوب المنطقة تثمن عالياً، الجهود المباركة للدبلوماسية الإماراتية، والتي تمخّض عنها طي صفحة صراع طويل، مشيراً إلى أنّ منافع المصالحة، ستنعكس بشكل مباشر وسريع على الشعبين الإثيوبي والإريتري، وملفات عالقة أخرى.
على الصعيد، قال المحلل والباحث الأمني بدر الحمادي، إنّ بصمات دولة الإمارات في تعمير الأوطان واضحة، مضيفاً: «رأينا ذلك في تذويب الخلاف الأثيوبي والإريتري، تابع العالم باهتمام بالغ، زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، جلسة المحادثات الرسمية التي عقدها مع رئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد في أديس أبابا منتصف يونيو الماضي، والتي كانت أحد محرّكات السلام والأمان في القرن الأفريقي، والمنطقة، ومحفزاً رئيساً لتسريع وتيرة المصالحة التاريخية».
كما ثمّن رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأردني، رائد الخزاعلة، الجهود الإماراتية من أجل إنجاح المصالحة، مشيراً إلى أنّها جهود عظيمة، ستؤدي لإحلال السلام بين إثيوبيا وإريتريا، بما يجنّب المنطقة العربية المزيد من الأزمات والحروب. وأشار إلى أنّ الأردن ينظر إلى المصالحة، كونها نقطة البداية لإنهاء أزمة عميقة شهدها القرن الأفريقي.
وأوضح الخزاعلة، أنّ الجهد الذي بذله صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلّحة، سينعكس إيجاباً على الدولتين الجارين، وكل المنطقة، لافتاً إلى أنّ طي الخلافات بين الدول، سيفتح صفحات جديدة على مستوى الدولتين والشعبين. وشدّد على أهمية أن يكون نهج المصالحة بين الدول، نهجاً دولياً لإعادة بث السلام بين الدول المتصارعة.