|  آخر تحديث أغسطس 11, 2017 , 23:32 م

زايد الإنسان.. رحلة روتها أفلاج العين وواحاتها


زايد الإنسان.. رحلة روتها أفلاج العين وواحاتها



من خلف جدران قصر الحصن، يوم السادس من أغسطس من العام 1918، جاءت صرخة ميلاد فجر جديد، مئة عام، قرن من الزمن، مئة عام من التحولات على هذه الأرض المباركة، مئة عام مرت منذ أن قيّض الله لهذه الأرض الطيبة من أبنائها الغر الميامين، رجلاً ذا بصيرة، جعل من كثبان الرمال واحات تفيض خيراً وحباً وبركة وسلاماً ووئاماً، مئة عام شهدت أحداثا تاريخية، جعلت من هذه الأرض منبع إشعاع حضاري وفكري، مئة عام من مسيرة العطاء والبناء على يدي رجل حباه الله بسمات جعلت منه رجل عصره وزمانه. رجل كتب سفرا من التاريخ، وحكايات تروى وتتناقلها الأجيال، فكتبت تحت كل حبة رمل حرفا من حروف المجد، وسطرت كل نخلة في الواحات سطرا في تاريخ مشرق مضيء، تكتب في كل يوم قصة رحلة زايد الخير، زايد العطاء والبناء، زايد الإنسان.

 

 

فجر جديد

في 6 أغسطس، بزغ فجر جديد، بتولي المغفور له، بإذن الله، الشيخ زايد مقاليد الحكم في إمارة أبوظبي، ومعه بدأت المسيرة المباركة تجاه الوحدة والتنمية وبناء الإنسان، ومن مدينة العين التي أحبها ومن بين واحاتها التي زرعها، وأفلاجها التي حفرها، استلهم رؤية المستقبل الذي يطمح إليه، ومن قلعة الجاهلي ووسط أهله ورجاله، كانت ترتسم الخطوات وتتخذ القرارات، فبادلته مدينة العين الحب والوفاء والولاء.

لا شك في أن اختيار عام 2018 ليكون «عام زايد» يجسِّد المكانة الاستثنائية والفريدة التي يمثلها المغفور له، بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان لدى أبناء الإمارات، فهو القائد المؤسِّس، رجل التحولات التاريخية، واضع أسس النهضة العصرية التي تشهدها الإمارات على المستويات كافَّة، وهو رمز الحكمة والخير والعطاء.

 

 

ميراث عميق

لقد بات السادس من أغسطس مناسبة وطنية عظيمة نستحضر خلالها بكل فخر واعتزاز وعرفان سيرةَ مؤسسِ الدولة، وما تركه من ميراث عميق من القيم والمبادئ والتقاليد الراسخة، التي ميزت الشخصية الإماراتية، وجسَّدت قوتها الناعمة في المنطقة والعالم، وخاصة أن دولة الاتحاد التي أسسها مع إخوانه حكام الإمارات، قامت على التكاتف والتضامن، وعملت من أجل بناء تجربة تنموية حقيقية ينعم الجميع بثمارها، يعيشون في ظلالها في أمن واستقرار، وترسخت أركان هذه التجربة الوحدوية الفريدة، وباتت نموذجاً ملهماً للكثير من دول المنطقة والعالم.

وتمثل مدرسة زايد، الفريدة في القيادة والحكم الرشيد، مصدر الإلهام في كل خطوة وهي الأساس الصلب لترسيخ البنيان الاتحادي لدولتنا الفتية، ونقطة الانطلاق نحو المستقبل نعزِّز من مكانة إماراتنا ونواصل مسيرة التمكين في مختلف مجريات الحياة الاجتماعية والسياسية والإنتاجية والمعرفية، لأنها الثروة الحقيقية، لقد كان رحمه الله، يؤكد «ليست الثروة في الإمكانيات المادية؛ وإنما الرجال الذين يصنعون مستقبل أمتهم»، فكان، رحمه الله، مواظباً على حضور مجلس والده الذي كان يستقبل المواطنين، ويستمع إلى همومهم، ويشاركهم معاناتهم في زمن كانت فيه تجارة اللؤلؤ ورحلات الصيد المصدر الوحيد للدخل، فحكم الشيخ زايد مدينة العين وأعطاها جل اهتماه وتفكيره، حيث اكتسب في ربوعها وبين واحات نخيلها المعارف والخبرات والمهارات، التي جعلت منه قائداً ملهماً، ينتظره مستقبل واعد، سيدخل التاريخ من اوسع ابوابة، قائد صانع للتاريخ، فكل شجرة نخيل، وكل واحات وفلج، مر زايد عليها تستذكره بكل خير ووفاء.

لقد تولى زايد، رحمه الله، حكم مدينة العين في العام 1946، ولم تكن ندرة المياه وقلة الموارد والإمكانات، تقف حجر عثرة أمام طموحاته، فبنى أول مدرسة أطلق عليها المدرسة النهيانية في العام 1959، وإلى جانبه كان مشفى الواحة، أول مشفى شهد ولادة أعداد كبيرة من شيوخ آل نهيان وأبناء مدينة العين ورجالاتها، وتم إنشاء أول سوق تجاري، ما زال قائماً يتحدث عن ذاك الزمان، وأقام شبكة طرق، وباتت أفلاج المياه التي ساهم، رحمه الله، بحفرها تروي سكان المدينة وواحاتها ومزارعها، حيث كانت الزراعة، حبه وشغفه رغم تحديات العوامل الطبيعية ونصيحة الخبراء، بأن الأرض غير قابلة للاستصلاح والزراعة.

 

 

مهارات قيادية

لقد جعل من مدينة العين وقلعة الجاهلي مرتكزا لانطلاقته وتعزيز خبراته القيادية وتوجه في مايو من العام 1962 إلى أبوظبي، ليساهم من هناك في إدارة شؤون إدارتها جنباً إلى جنب مع الشيخ شخبوط، رحمه الله، وسعى الشيخ زايد خلال الفترة من 1962 – 1966، لتحسين الأوضاع واستقرارها والمضي قدماً في تنفيذ برنامج طموحاته في تطوير القطاعات التنموية.

 

 

نماء وبناء

وبدأت مسيرة البناء والنماء، التي تكللت في الأول من ديسمبر بالإعلان عن قيام دولة الاتحاد، التي كانت حلما وباتت واقعا، وتجربة وحدوية رائدة، أسس لها مع المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، رحمه الله، وإخوانه أعضاء المجلس الأعلى، لتبدأ رحلة جديدة من صناعة تاريخ مجيد، وبناء دولة حضارية فيها كل المقومات العصرية، تسابق الزمن وتنافس الأمم، شعارها التقدم والتطور والازدهار والأمن والأمان.

 

 

أيادٍ بيضاء

ستظل سيرة المغفور له – بإذن الله – الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، حية في وجدان أبناء دولة الإمارات والشعوب العربية والإسلامية، والعالم أجمع، لأن أياديه البيضاء امتدت لتغيث الملهوفين، وإعانة الضعفاء، وإسعاف المحتاجين، وتضمِّد جراح المنكوبين في مشارق الأرض ومغاربها من دون تمييز، لقد كرس، رحمه الله، حياته خدمة لوطنه ورفعته وتقدمه، ولم تنل التحديات والصعوبات من عزيمته وإرادته الحية، بل كانت المحرك الأساس له للمضي قدماً مدفوعاً بإرادة صلبة وثوابت راسخة، ليشق بها طريقاً واضح المعالم، مهد من خلاله إرساء أطر ودعائم التقدم عبر مواصلة حصد المكتسبات والمنجزات الفكرية والحضارية والاقتصادية والثقافية مع الالتزام بنهج أصيل لعاداتنا وتقاليدنا وموروثاتنا الإماراتية الراسخة.


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Facebook Auto Publish Powered By : XYZScripts.com