|  آخر تحديث فبراير 6, 2017 , 14:59 م

فاكِهَةٌ مُحَرَّمَةٌ


بقلم: الكاتبة والأدبية هيفاء هاشم الامين

فاكِهَةٌ مُحَرَّمَةٌ



• شاقني الحبُّ في ليلةٍ فحلمْتُ أني أحبُّ ورأيتُ فيما يرى النائمُ أني كنتُ في بستانٍ تطيرُ فيه الأطيارُ وتتدلَّى منْ شجرهِ الأثمارُ وتكثرُ فيه الناسُ الأخيارُ ، فأحببتُ أن أكونَ أحدَهُم فشكرتُ ربي على أنْ أودَعَني هذا البستانَ ومددتُ يدي لكي أقطفَ ثمرَةً غيرها فما استطعتُ فكنتُ في غايةِ العجبِ ، وأردتُ أن أعرفَ السببَ فسألتُ الناسَ فقالوا لي: إنك اقترفتَ ذنباً كبيراً وحملتَ إثماً عظيماً بأن أحببتَ ، فلا ثمارٌ لمن أحبَّ فإن أحبَّ إنسانٌ يطرَدُ من الجنةِ ولا يدخلُها إلا الذين لم يحبوا، فالحبُّ إثمٌ والعشقُ ذنبٌ كبيرٌ فلا تقلْ.

 

• إنكَ أحببتَ فتكونَ منَ المغضوبِ عليهم ، ولا تقلْ إنكَ عشقتَ فتكونَ من الضالينَ ولا تدَّعِ الحبَّ فكلماتُكَ تُحْسَبُ عليكَ وتحاسَبُ بها ، فإن كنتَ في بحرٍ وذكرتَ الحبَّ فسترى الموجَ كالجبالِ وتشعرُ بالخوفِ والرهبةِ فالبحرُ يخافُ أن يحبَّ ويموتُ فيهِ كلُّ حيٍّ ، فالحبُّ يقتلُ والموجُ إن أحبَّ يعلو ويهبطُ ويملأ الكونَ بالحنينِ لمن أحَبَّ فإن سكنَ فهو بلا حبٍّ وتكادُ ترى قاعَ البحرِ وحشائشهِ لسكونه ووداعَتِهِ ، وإن أردتَ أن ترى الحبَّ في صحراءَ قاحلةٍ فسترى حباتِ الرملِ وهي تقلدُ صوتَ الريحِ ، فترددُ لحناً لا يكادُ يسمعُ ولا يحسُّ.

 

• الاستماعُ إليهِ غيرُ الذي أحبَّ فمن أحبَّ يستمعُ إلى دندنَةٍ ترسلُهَا حبةُ رملٍ كرسالَةٍ إلى حصاةٍ ملقاةٍ في ذلك البرَّ العظيمِ ، فقد كانتْ تحبُّ وكانتْ تعترفُ بالحبِّ فكسرها الحبُّ وفتتها فتاهتْ في ذلكَ الفضاءِ الرهيبِ ولم تجدْ ملاذاً تحتمي بهِ غيرَ صحراءَ قاحلَةٍ لا يحدُّها شيءٌ من الحبِّ ، فهي الريحُ والحجارَةُ وكمْ أحبَّ شاعرٌ أن يسألَها عن أطلالها فتجيبُ بحسرةٍ وتئنُّ بشوقٍ وتكادُ تبكي لحبٍّ لم ترَهُ ، فالحبُّ ثمرةٌ حُرِّمَتْ عليها فهلْ سمعتُمْ بثمرٍ في الصحراءِ وهلْ رأيتُم حباً في الصحراءِ ، فإن أحبَّ أحدُهُم فيها فإنها أحب.

 

• رقةٍ وكلماتٍ تكادُ تذوبُ رقةً فترددُ الصحراءُ كلماتِهِ وصوتَهُ وحلمَهُ فقد أحبَّ منَ الصحراءِ أحدهُم فأحبتْ معه الصحراءُ ، فمَنِ ادَّعَى حباً بعدَهُ فهو مِنَ الحالمينَ فالصحراءُ لا تحِبُّ ولا تكْذِبُ .

 

من كتاب يوميات هيفاء ٢


3 التعليقات

    1. 1
      انور محمود الخطيب

      كتابه رائعة معانيها كبيرة وعميقة في بعض زواياها تلامس خيال الواقع وفي بعضها الآخر تلامس الوجدانيات الروحيه. كل الشكر للكاتبة على إثراء مكتبتنا العربيه في زمن الأدب يصبح كالغريب. أكرر مباركتي ودعواتي لكم بالتوفيق والنجاح المستمر.

      (0) (0) الرد
    2. 2
      ابوغزل

      اتمنى لك التوفيق والنجاح الدائم

      (0) (0) الرد
    3. 3
      انور محمود الخطيب

      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ما كتبته يقارب الحقيقه من حيث الوجدانيات كما يلامس حقاءقنا في الحياه.كتابه رائعة تغوص في بعضها إلى ما أكثرها فيه. نتمنى لكم النجاح المستمر. وكل التوفيق.

      (0) (0) الرد

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Facebook Auto Publish Powered By : XYZScripts.com