تنطلق دولة الإمارات في رحلتها للعبور إلى المستقبل من بوابة الابتكار واعتماداً على مرتكزات رئيسية هي «الخبرات والإرادة والتصميم والموارد والأهم من ذلك الرؤية والقيادة الحكيمة»، ويعتبر تصدر دولة الإمارات الدول العربية في مؤشر الابتكار العالمي للعام 2016 وتقدمها للمرتبة الـ41 عالمياً شهادة عالمية جديدة على صحة هذه المرتكزات ورسوخها.
ويأتي هذا الإنجاز في أعقاب خطوات حثيثة ومتسارعة للإمارات وقيادتها الرشيدة لرسم خريطة للمستقبل والعبور نحوه برؤى واضحة متكئة على عقول أبنائها.
وخلال شهر أكتوبر عام 2014.. أطلقت حكومة الإمارات استراتيجية وطنية متكاملة للابتكار مدتها سبع سنوات تضم في مرحلتها الأولى 30 مبادرة وطنية للوصول بالدولة للمراكز الأولى عالمياً في مجال الابتكار.
وقال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله،: “نحن اليوم بحاجة أكبر من أي وقت مضى لتحفيز روح الابتكار في شبابنا وصناعة بيئات محفزة له في مجتمعنا وتشجيع جامعاتنا ومدارسنا لترسيخ منهجيات البحث والتحري والاستكشاف لدى الأجيال الجديدة والدفع بقطاعاتنا الحكومية والخاصة لاستكشاف مساحات جديدة من أجل تطوير اقتصادنا”.
ولم تقف الإمارات عند هذا الحد ليأتي إعلان العام 2015 عاماً للابتكار حيث أكد صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، أن هذا الإعلان «يأتي دعماً لجهود الحكومة الاتحادية وجمعاً للطاقات الوطنية المخلصة وتكثيفاً للجهود البحثية المتميزة وتعزيزاً للجهود المبذولة لصناعة كوادر وطنية تقود مستقبلنا في هذا القطاع نحو مزيد من التقدم والازدهار والابتكار».
وفي فندق ومنتجع باب الشمس في دبي كانت «خلوة الإمارات ما بعد النفط» لتشكيل رؤية الحكومة للتأسيس لهذه المرحلة.. التي ترتكز على الاستثمار في العقول باعتبارها أساس التنمية والمدخل لتطور عجلة الاقتصاد وتنويعه.
وكان صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة شارك في «الخلوة».. وقال «إننا نسعى إلى أن تكون الإمارات نموذجاً لدولة نجحت بتحويل اقتصادها من الاعتماد على الموارد الطبيعية إلى الاعتماد على مهارات وعقول أبنائها وهم رهاننا لمستقبل زاهر».
300 مليار درهم حجم الاستثمار الوطني في العلوم والابتكار
يبلغ حجم الاستثمار الوطني المرصود في القطاعات المرتبطة بالسياسة العليا للعلوم والابتكار 300 مليار درهم موزعة على الاستثمارات في مشاريع وطنية في الطاقة النظيفة والمتجددة والتصنيع في مجال الطيران وقطاع الفضاء والدراسات والأبحاث والتطوير في مجموعة قطاعات حيوية ذات أولوية وطنية وحاضنات الابتكار ومراكز الأبحاث المرتبطة بالقطاعات التعليمية العامة والعالية.
وتضم السياسة العليا للعلوم والتكنولوجيا والابتكار مجموعة من المبادرات التعليمية والعلمية الهادفة لإعداد كوادر بشرية قادرة على مواكبة التغيرات التنموية التي ستشهدها الدولة .
حيث نصت على مضاعفة التركيز على مواد العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات في المراحل التعليمية كافة في الدولة وإنشاء مراكز أبحاث في جامعات الدولة ووضع الابتكار كمعيار أساسي في تقييم المدارس والجامعات الحكومية والخاصة وإنشاء مكاتب نقل التكنولوجيا في جميع جامعات الدولة لتسهيل نقل المعرفة المتقدمة والعمل على إنشاء برامج للدراسات العليا والأبحاث الأساسية والتطبيقية وتحفيز التعاون بين الجامعات والقطاع الخاص في مجال العلوم والتكنولوجيا والابتكار.
كما تشمل المبادرات الوطنية المنبثقة عن السياسة العليا للعلوم والتكنولوجيا والابتكار توفير الدعم الاستراتيجي الوطني لعدة صناعات متقدمة مثل أبحاث الفضاء وصناعات الطيران المتخصصة وتوفير مجموعة حوافز استثمارية وتشريعية لاستقطاب الصناعات الدوائية العالمية.
ويرى متابعون أن دولة الإمارات تمكنت من خلال الجهد الدؤوب لقيادتها الرشيدة من تقليل الاعتماد على النفط حيث إن 70 في المئة من اقتصادها الوطني اليوم غير معتمد على النفط.
ويصف هؤلاء التوجه لتعزيز التخلي التام عن النفط عبر إضافة قطاعات اقتصادية جديدة بالقرار الاستراتيجي الذي يحمي مكتسبات الدولة التنموية ويغير معادلات الاقتصاد الوطني ودفعه بعيداً عن الاعتماد على الموارد النفطية المحدودة زمنياً وتقنياً.
وتضم السياسة العليا للعلوم والتكنولوجيا والابتكار أكثر من 100 مبادرة إلى جانب سياسات فرعية في المجالات التشريعية والاستثمارية والتكنولوجية والتعليمية والمالية.
ومن ذلك العمل على إنشاء صناديق تمويل للعلوم والأبحاث والابتكار في الدولة وإعادة النظر في التشريعات الاستثمارية.