حظي المجلس الوطني الاتحادي أحد السلطات الدستورية الخمس منذ عقد أولى جلساته – بعد فترة وجيزة من انطلاق دولة الاتحاد – بتاريخ 12 فبراير 1972 باهتمام ودعم لا محدودين من قبل المغفور له القائد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وذلك تجسيداً لنهج الشورى وبلورة لقناعته بأهمية مشاركة المواطنين في قيادة العمل الوطني وتحمل مسؤولياتهم، وكان يعتبر المجلس أحد المؤسسات الدستورية التي من خلالها تترسخ وتتجسد الممارسة السياسية والمشاركة في عملية البناء والتنمية.
ويواصل صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، هذا النهج منذ تسلمه سلطاته الدستورية الاتحادية رئيساً للدولة خلفاً لوالده المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه.. وشهد المجلس الوطني الاتحادي في عهد سموه نقلة نوعية تفعيلاً لدوره لتمكينه من ممارسة اختصاصاته التشريعية والرقابية والسياسية.
ومنذ اللحظات الأولى التي تسلم فيها المغفور له الشيخ زايد مقاليد الحكم أدرك قيمة المشورة وتبادل الرأي فيما يخص قضايا الوطن والمواطنين، فالشورى من أهم ما ترسخ في عقله وقلبه، وهو نهج ارتضاه في الحكم وأسلوب طبقه في إدارة البلاد، ووضع نصب عينيه قضية تلمس احتياجات المواطنين وكانت إحدى أهم الركائز الأساسية التي اهتم بها، وكان يتابع باهتمام أعمال المجلس الوطني الاتحادي والذي كان يرى فيه وجه الأمة ويسمع من خلاله نبضها ويتعرف على فكر ورأي أبناء وطنه ويقف على وجهات نظرهم والآراء التي تدور في فكرهم وعلى لسانهم.
ويستذكر المجلس الوطني الاتحادي في الذكرى الثانية عشرة لرحيل المغفور له الشيخ زايد التي تصادف في التاسع عشر من شهر رمضان المبارك دعمه، رحمه الله، وتوجيهاته وحرصه على افتتاح أدوار الانعقاد العادية للمجلس والالتقاء بأعضاء المجلس مستمعاً وموجهاً ومن خلال مشاركته في بعض جلسات المجلس وفي النقاش والتحاور مع الأعضاء علاوة على استقباله لجان المجلس والوفود البرلمانية الزائرة.
وحقق المجلس العديد من الإنجازات على الصعيدين الداخلي والخارجي من خلال ممارسة اختصاصاته الدستورية الرامية إلى تحديث وتطوير البيئة التشريعية ومناقشة القضايا التي لها علاقة مباشرة بشؤون الوطن والمواطنين والتكامل مع سياسة الدولة وتوجهاتها والقضايا التي تتبناها.
مجسداً بذلك الدور المنوط به كمنبر للشورى في إطار النهضة الشاملة التي تشهدها الدولة في جميع القطاعات والتي أسهمت في ترسيخ مكانتها كنموذج للاتزان والاعتدال والحكمة وعنصراً أساسياً في معادلة تحقيق الاستقرار والسلام والأمن على المستويين الإقليمي والعالمي.
وواكب المجلس الوطني الاتحادي مسيرة البناء والتقدم والتطور في دولة الإمارات منذ تأسيسه في 12 فبراير 1972م مع انطلاق دولة الاتحاد وساهم بتوجيه من المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وإخوانه حكام الإمارات المؤسسين، رحمهم الله، في تأسيس علاقة متميزة بين السلطات الاتحادية والمحلية استهدفت إطلاق طاقات الشباب وتحقيق التنمية الشاملة لجميع فئات المجتمع عبر سن تشريعات وقوانين عززت فاعلية عمل مختلف الأجهزة التنفيذية وشجعت الاستثمار في مجالات التنمية البشرية وتطوير آليات المشاركة السياسية والعمل التطوعي مما مكن المجلس من أن يكون إحدى الدعائم الأساسية للتجربة الاتحادية الإماراتية في المشاركة والتنمية.
وحرص المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، على أن تأخذ الدولة مكانتها المرموقة بين الأمم من خلال بناء جميع مؤسساتها تعزيزاً لمسيرة الاتحاد وترسيخاً لشعور الوحدة والانتماء لوطن واحد معطاء يتفانى أبناؤه في خدمته لتبقى مكانته الراسخة بين الشعوب وتحقيقاً لهذا الحلم آمن المغفور له الشيخ زايد أن بناء الدولة لا يتحقق إلا بمشاركة المواطنين في صنع القرار.
فتم إعلان الدستور المؤقت للدولة الذي نص في مادته «45» على أن المجلس الوطني الاتحادي هو السلطة الاتحادية الرابعة من حيث الترتيب في سلم السلطات الاتحادية الخمس المنصوص عليها في الدستور وهي: «المجلس الأعلى للاتحاد ورئيس الاتحاد ونائبه ومجلس وزراء الاتحاد والمجلس الوطني الاتحادي والقضاء الاتحادي».
وكان للدعم اللامحدود الذي أولاه المغفور له الشيخ زايد وإخوانه حكام الإمارات السابقين، رحمهم الله، لأعمال المجلس وحرصهم على عقد أولى جلساته بعد فترة وجيزة من إعلان قيام دولة الإمارات الأثر الكبير في أن يكون المجلس أحد الدعائم الأساسية للتجربة الاتحادية الإماراتية في المشاركة والتنمية فضلاً عن حرصهم على حضور افتتاح الفصول التشريعية المتعاقبة للمجلس.
وحدد المغفور له الشيخ زايد، طيب الله ثراه، في الجلسة الافتتاحية لدور الانعقاد العادي الأول من الفصل التشريعي الأول للمجلس الوطني الاتحادي مهام المجلس ودوره بقوله «في هذه اللحظات التاريخية الحاسمة التي يجتمع فيها مجلسكم الموقر فإن جماهير الشعب على هذه الأرض الطيبة المؤمنة بربها ووطنها وترابها تتطلع إليكم واثقة من أنكم بعون الله ستشاركون في تحقيق آمالها في العزة والمنعة والتقدم والرفاهية».
وشكل هذا الخطاب في يوم مشهود من تاريخ الإمارات محطة بارزة في مسيرة عمل المجلس وفي طبيعة الدور والمهام والنشاط الذي سيقوم به لتحقيق المشاركة الأساسية في عملية البناء وفي بناء مستقبل مشرق وزاهر من خلال تحقيق آمال شعب الإمارات نحو بناء مجتمع الكرامة والرفاهية.
وكانت للمغفور له رؤية عميقة لدور المجلس في تحديد معالم التطور والمشاركة في صياغة مفرداتها جنباً إلى جنب مع السلطة التنفيذية لأن بناء الوطن، كما كان يؤكد، مسؤولية الجميع أفراداً وجماعات، ولابد من أن تتكاتف الجهود لتحقيق رفعته وازدهاره ليقطف الجميع ثمار هذا التطور والرخاء.
ويواصل صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، هذا النهج منذ تسلمه سلطاته الدستورية الاتحادية رئيساً للدولة في الثالث من نوفمبر 2004م خلفاً لوالده المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان.
وشهد المجلس الوطني الاتحادي في عهد سموه نقلة نوعية تفعيلاً لدوره لتمكينه من ممارسة اختصاصاته التشريعية والرقابية والسياسية، وليكون أكبر قدرة وفاعلية والتصاقاً بقضايا الوطن وهموم المواطنين، تترسخ من خلاله قيم المشاركة الحقة ونهج الشورى والديمقراطية ترجمة للبرنامج السياسي الذي أطلقه سموه عام 2005م.