في وقت أصبحت فيه الكتابة ترفاً والقلم نزوةً يمارس من خلاله البعض استعراض عضلاتهم اللغوية ونفث جهالاتهم المعرفية ، وتصنف ابداعاً من قبل أشباههم في المؤسسات الاعلامية في عملية تلميع متبادل كضرورة علاقات عامة ، من غير ان تكون لإبداعاتهم المزعومة هدف محدد او رؤية واضحة ومصلحة راجحة تفيد البلاد والعباد ، كشاهد حي لما آل اليه حال الثقافة في عالمنا العربي ..

في ظل هذا المشهد المضطرب بخلخلة نظم واختلاط مفاهيم كثيرة في فهم الواقع وتوخي الحقيقة .. يطل علينا بكل وقار ورصانة كتاب السراب لسعادة الدكتور جمال سند السويدي المدير العام لمركز الامارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية والذي فاز بجائزة الشيخ للكتاب في الدورة العاشرة 2016 ، ليقدم بحثاً جامعا ماتعاً ، ويكشف متوالية اوهام فكرية في الوعي السياسي والاجتماعي والديني العربي والاسلامي ، استرهبت العقول والقلوب بدعاوى مضللة واجندات خفية ضد مصالح الوطن وامن المواطن .
لا شك ان تناول الدكتور جمال للموضوع وهو الباحث المتمكن من ادواته ، والاديب الاريب برؤية ناقدة نافذة تستلهم عبر الماضي وتتابع بحصافة وروية تقلبات الحاضر وتستشرف مآلات المستقبل ، كشف حقيقة هذه الافكار وما يتبعها من برامج وخطط تستهدف الدول والمجتمعات ، وقدمها للرأي العام كما هي دون تزييف او تزيين او تجميل .. كتابٌ اصبح في فترة وجيزة مرجعاً أصيلاً وسفراً رائداً ، وتميز باسلوبه كتابةً وتعبيراً ، أساسه حيادية الطرح وواقعية التحليل ، بحثاً في الاصول ودراسةً للمنطلقات واستقصاءً للاشكالات ونقاشاً للاحصاءات وتفنيداً للحوارات وقراءةً لما بين السطور .
يقول مارك توين ( يستطيع الكذب أن يدور حول الارض في انتظار أن تلبس الحقيقة حذاءها ) .. وهذا عين مافعله كتاب السراب الذي بدّد ظلاماً دامساً نشرته حسابات الاوهام الكاذبة والسنين الخدّاعة .. ( والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماءً ).

سعيد العقيلي
المدير التنفيذي – خيمة التواصل العالمية ( أبوظبي )