لقد عاشت دولة الإمارات العربية المتحدة حالة تحولات حقيقية منذ السبعينيات وحتى اليوم، على مستوى التعليم والبعثات والتخصصات وتوجهات العمل والدراسة وتفضيلات الوظائف، وأدوار الشباب في التنمية، وصولاً لتمكينهم والاعتماد عليهم في إدارة مفاصل السياسة والاقتصاد والتنمية والمال وغير ذلك، فالإمارات استثمرت في الشباب، وأنفقت المليارات على ذلك، فكيف ستكون المحصلة النهائية، شباباً غير منتج أو غير راغب في العمل؟
هناك ( عصابات ) حقيقية وليست وهمية في سوق العمل وفي المؤسسات، تنشر هذه الثقافة السلبية عن الإماراتيين، للاستحواذ على أكبر نسبة من كيكة الوظائف الخاصة والعامة، إضافة لوجود التكتلات داخل المؤسسات لإبعاد الشباب الإماراتي عن دوائر المنافسة، تحت ذريعة أنهم لا يعرفون وغير جادين، وللأسف هناك بعض المسؤولين المواطنين يصدقون لأنهم مستلبون إزاء هذه المافيات!
شبابنا لا ينقصهم التعليم الراقي، ولا الانضباط والجدية والقيم الأخلاقية للعمل، لكنهم يحتاجون إلى موجهين ومرشدين في بيئات العمل، وإلى فرص تدريب وبيئة عمل جادة ومسؤولين يثقون بهم، ويمنحونهم فرص إثبات وجودهم بعيداً عن ثقافة التطفيش السامة!
ما أكثر الأقاويل فيما يخص دولة الإمارات، فما تكاد تتبوأ صدارة عالمية جديدة بنجاح جديد، إلا وقد استل الخفافيش أسنتهم البائسة في محاولات خاسرة للنيل منها، هكذا خبط لزق، لعل وعسى، ولكن في كل مره تُكسَر الجرة. لنعد للوراء قليلاً منذ سقوط الدولة العثمانية وزوال حكم المسلمين في الأندلس، لم تقم للعرب والمسلمين قائمة، توالت عليهم الاحتكارات الغربية الواحدة تلو الأخرى، وخضعت البلدان العربية لأبشع أنواع الاحتلال والاستغلال.
زمن الفتوحات المقرون بالمجد والعز والعلوم والصيت، ومُلك بقاع الأرض، انتهى ولم يتبق إلا البكاء على الآثار والذكرى.
حياة العرب دارت رحاها بين سلاح وأمل، وحين كُسرت القيود واستعادت الشعوب العربية حريتها بدماء أبنائها، ظل قيد واحد لم ينكسر، مخلفاً غيمة سوداء قابعة على القلوب 66 عاماً، تتوارثها الأجيال،وتتناقلها جثامين الشهداء، فكم جيل ولد وعاش واستشهد هناك.
للاسف رَوّجت آلة الإعلام الغربي للعرب والمسلمين صورة سلبية متطرفة، ملخصها: عمليات انتحارية تطورت لمسمى إرهابية، خطف طائرات، احتجاز وقتل رهائن، صحراء وخيم وجِمال، ونقاب امرأة مسلوبة الحقوق مثقلة الواجبات، جهل وتخلف، حروب ودمار لا ينتهي، آبار نفط، وثراء فاحش لعقول خاوية. باختصار العرب بالمفهوم الغربي ليسوا أكثر من قطاع طرق، وقطيع لا يستحق الثروة التي ينام عليها. سطعت شمس الإمارات، بإرادة حلم تحقق على مساحة 83600 كم2 فقط، هي إجمالي مساحة دولة الإمارات العربية المتحدة، من إجمالي مساحة تبلغ 9694000 كم/2 تقريباً، هي مساحة دول الشرق الأوسط مجتمعة، وأكثر مناطق العالم توتراً وحروباً على مر التاريخ. دولة شابة تشع كمصباح علاء الدين، بالحياة، والأحلام والسعادة، والثقافة والتسامح الديني، حكام عادلون محبون لأبنائهم وشعب وفيّ لقيادته، استمات الكثيرون لإيقاع الفتنة بينهم، وفي كل مرة كان كيدهم يُرَد إلى نحرهم فينقلبوا خاسرين.
مما يؤسف له فعلاً أن يوجد – حتى يومنا هذا – عدد من الإخوة العرب المتعلمين والمثقفين للأسف، حين يناقشك في قضايا العمل والتوطين يردد عبارات مثل: شبابكم مرفه، متقاعس، لا يحب العمل، غير جاد، اتكالي، يعيش على تجارة التأشيرات والكفالات وبلا خبرة، وغير ذلك من الفرضيات الخاطئة المبنية على ثقافة شفاهية ربما أو قراءات مغلوطة، والتي لو تجاهلتها لظلمت شباب بلدك، لذا لا بد من مناقشتها لوضع النقاط على الحروف لا أكثر!
بعض هؤلاء من الإخوة العرب، وهذا لا يعني أن الأجانب لا يرددون ذلك، لكننا نعتب على العرب لأنهم يعيشون بيننا، ويعرفون طبيعة التحولات التي حدثت على مستوى الذهنية والشخصية الشبابية في الإمارات، ثم إن ظاهرة الشباب الاتكالي والكسول والسلبي موجودة في كل العالم، وليس في الإمارات فقط!
إن محاولة إلصاق هذه السمات السلبية بشكل مطلق بشباب الإمارات تنشأ بجهل أولاً، وبسوء نية ثانياً، وبإصرار على نشر ثقافة عمل سلبية عنهم، وصولاً لأهداف مبيتة عند من ينشر هذه الثقافة وليس الجميع، فنحن هنا لا نعمم، ولكننا نناقش قضية لا يجوز السكوت عنها!
نتساءل: أين موقع العرب والمسلمين من خارطة العالم الحديث قبل بزوغ فجر وتنافس ونجاح دبي وهدف الرقم 1.
الإمارات بقيادتها وجهد أبنائها فقط، بعملهم ومثابرتهم، أعادت تنظيف وتلميع صورة جميع العرب وتصديرها للخارج. فكان الأولى بمن يزرع الشرور والفتنة، ممن لا يرون في الإمارات إلا عدوهم اللدود، أن يخجلوا من عقولهم المنحرفة، لأن الإمارات بنجاحها وصعودها قد جَمّلت صورهم القبيحة في الحياة الدنيا.
في دول أخرى يتحدثون عن «إجمالي الدخل الوطني» كمؤشر للتنمية أما في إمارات العز فيحدثنا «شيخ السعادة» صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، عن «إجمالي السعادة الوطنية» وهذا لعمري يتجاوز الدخل المادي بأشواط بعيدة!
هذا هو السر في «سعادة الإمارات» وهذا هو ما أنجزه لنا بفضل الله «شيخ السعادة» رعاه الله وفريق عمله، أما الحاسدون والباحثون عن أسباب وهمية، مثل الكائدين لدولة الإمارات الحبيبة من الجماعات الإرهابية والمتطرفة، فلا نملك لهم إلا مقولة المعتصم: «قاتل الله الحسد ما أعدله؛ بدأ بصاحبه فقتله».
و«دامت السعادة في دولة إمارات السعادة» بإذن الله وحفظه.