كانت المدارس ولا تزال هي منبع أهم الثروات الوطنية، منها تتخرج أجيال تحمل الرايات في المستقبل، ومنها يكتسب الأبناء المعرفة، وفيها تصقل المواهب، وفي كل المجالات الإنسانية، من تاريخ إلى جغرافيا إلى تربية دينية إلى لغة أم يتعلمون قواعدها ونحوها وكتابة حروفها، وتتشكل بها هويتهم ليكونوا امتداداً لمن سبقوهم، وجعلت العلوم شيئاً محبباً.
المدرسة كانت وستبقى هي التي تقدم لنا الطبيب والمهندس والمدرس والرسام والكاتب والإعلامي والشاعر والرياضي والمخترع، فيها تنمو المواهب، ويتعرف الطالب على ميوله، ويخط بدايات طريقه، هناك حيث يخطو بثقة نحو الجامعة والعمل وإثبات الذات، وها هي الأسماء تتردد على مسامعكم، عن الأجيال الأولى السابقة، أسماء انطلقت وتميزت وحققت أحلاماً لأصحابها ولأهلهم وأوطانهم، كانت أكبر من الظروف المحيطة بها، ومن عاش زمن البدايات يعرف ذلك جيداً، أجيال امتازت بالصلابة والإرادة، أرادت أن تحدث فارقاً بينها وبين الذين يدفعونها إلى العالم، آباء وأمهات كان غالبيتهم أميين، لم يدركوا المدارس، فكانوا سنداً، وكانوا دافعاً، هم الحافز الأول من بعد أولي الأمر الذين بنوا المدارس وفتحوا الأبواب أمام العلم.
كان الكل يشجع الطلاب في زماننا، علمونا الكتابة في «مجلات الحائط»، والخطابة في الإذاعة المدرسية الصباحية ووقت «الفسحة» والتمارين في الطابور، وعرفونا على الألعاب الرياضية، من كرة القدم إلى السلة إلى الطائرة، ومن تنس الطاولة إلى الجري وإلى القفز، ودربوا الجميع على الأناشيد مع تشكيل فرق موسيقية، وفتحوا باب التنافس في المدرسة، ومع المدارس الأخرى، كانت الأنشطة التي نقضي فيها أوقاتنا لا تقل أهمية عن الدروس والمناهج المقررة، لأن المدرسة كانت تبني شخصية الطالب، وتعلمه مقدمات كل العلوم.
وكان المعلم الواقف أمامنا قدوة يقتدى بها، وكان للقلم والدفتر والأدوات الأخرى قيمة كبيرة، وكانت «السبورة» سيدة المشهد الجميل في الفصل الدراسي.
وقد يكون للحديث بقية.
بقلم: محمد يوسف