|  آخر تحديث يناير 22, 2023 , 18:17 م

امزج عادتك بنيتك


امزج عادتك بنيتك



 

 

أتعجب منها وأتعجب من موقف البشر منها، إنها حالة إعجازية تتبلور وفق الظروف المحيطة لتتكون وتتجسد بكامل أسلحتها لأنها تتغذى وتعيش وفق المعطيات؛ إنها العادة ؛هذه المكون الجميل في بعض الأحيان والقبيح في أحيان أخرى والغير موصوف لابهذه ولا بتلك في كثير من الاحيان .ففي بعض الحالات تكون العادة بلا طعم و لا يستطيع الإنسان أن يميزها إلا اذا افتقدها فجأة فإنه إما أن يشعر بارتياح بتوقفها و إما أن يشعر بحنين لعودتها . إنها مكون عجيب يجعل البشر يقفون أمامه بأمنيات مختلفة فهناك من يتمنى أن يتخلص ممااعتاد عليه يوميا ومن سنين لأنه يعتقد أن هذه العاده سيطرت على شخصيته وتفكيره بل وعقله الباطن فتجده يتحرك لممارسة ما اعتاده بانقياد مبرمج ولا إرادي وهناك من يتمنى أن تستمر عادته وبلا انقطاع لأنه أحبها وأحب طريقها و تشبعت نفسه و روحه بها وعشق سيطرتها عليه ؛إلا أن لكل عادة معطيات تستمد ديمومتها منها فاذا توقف تدفق المعطيات بكل تأكيد ستتوقف العادة وينتهي الروتين الذي يصفه البعض بالممل ولكن عند فقد هذا الملل المستمد من تلك الحالة الاعتيادية فإن البشر سيعلمون وقتها أنهم فقدوا الإطمئنان والذي يعد من أهم مخرجات العادة والروتين ؛نفقد الإطمئنان لأننا لانفقد مااعتدنا عليه إلا إذا فقدنا روافد النعم اليومية المكونة للإعتياد . فمثلا إذا اعتاد شخص ما زيارة والديه يوميا والتعاطي مع أجمل وأعز مخلوقين على وجه البسيطة من وجهة نظره ،ومن وجهة نظر كل سوي بطبيعة الحال، وفجأه الحق ببعثة دراسية او ترقية ونقل لمدينة أخرى فإنه عند هذا الظرف رغم جماله سيفتقد عادته بالمثول بين يدي الوالدين وسيتذكر تلك الأيام التي اعتاد فيها التردد على منزلهما فقد افتقدت عادته معطياتها التي تغذي وجودها بانقطاع تواجده في نفس المدينة . وذلك الموظف الذي اعتاد أن يصحو مبكرا لصلاة الفجر ثم التهيؤ للذهاب لمقر عمله لمدة ثلاثون عام من حياته وفجأة يصدر قرار تقاعده من العمل لينقطع الرافد المغذي لتلك العادة بتحوله من موظف نشط معطاء لمتقاعد مما يترتب عليه انتهاء مااعتاد عليه ليبدأ في حالة اعتيادية جديدة تنظم حياته القادمة،فلا حياة دون عادة حتى لو تغيرت الظروف ، إلا حالتنا مع شعائر ديننا فإنها لو أصبحت عادة لفقدت رونقها ومتعتها بل ومضمونها لأن من مارس شعائر الدين باعتياد فقد حاد عن جادة الطريق أما من مارسها بنية العبادة فإنه كسب مكسبا كاملا ومن هذا المنطلق فإننا إذا استحضرنا النية قبل ممارسة اي عادة فإننا نخرجها من كونها عادة إلى شكلها الأجمل ألا وهو العبادة فما دمت سأقوم باي فعل وعلى أي حال فإنه من الحنكة والذكاء ان استحضر نية هذا الفعل على وجهه الديني بجعله خالصا لوجه الله ” قل ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين “صدق الله العظيم .

وهنا أود أن أورد فكرة ومعلومة جميلة سمعتها من الدكتور خالد الجبير عندما سأل احد طلابه: بكم تتصدق من مرتبك شهريا؟ فقال: بقدر معين ،فقال له الدكتور خالد :فأما أنا فأتصدق بكامل مرتبي ؛ولاعجب في الإجابة فشرحها جميل جدا ،فعندما تشتري مواد غذائية لأسرتك وكذلك كسوة أبنائك وزوجتك وغيرها من المصروفات المعتمدة على المرتب فاستحضر النية بأنها صدقة لوجه الله وعندها ستتحول عادتك بعد مخالطتها بالنية الحسنة الى عبادة يكافؤك الله عليها . هناك من سيرد بأن مصارف الزكاة ثمانية ومحددة ولكن عليه أن يعي الفرق بين الصدقة والزكاة،فالصدقة أعم من الزكاة .

أعزائي القراء امزجوا عاداتكم الحياتية بنية العبادة لتتحول لشيئ اجمل لايحتمل الملل فاذا تركنا العادة بدون نيه اصبحت روتين متكرر بلا معنى ولا لون ولا طعم وهذا خسران مبين لاننا سنقوم بالفعل والجهد ولكن بدون فائدة مرجوة وسنكرره ونتعب من التكرار . لذلك استوجب علينا أن نجعل سعينا موجه نحو الهدف الأسمى سعادة الدارين .

 

 

بقلم : عماد عمر طيب

 


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Facebook Auto Publish Powered By : XYZScripts.com