أكد مختصون اقتصاديون أن انخفاض معدل البطالة للربع الثاني لهذا العام مقارنة مع الربع الأول ليسجل معدل 22.6 في المئة هو خطوة أولى في الدفع نحو عملية التعافي الاقتصادي، معتبرين هذا التراجع يعد أمراً مبشراً بالرغم من أنه طفيف، ولكن المأمول استمراره على ذات المنوال وصولاً للمعدلات المأمولة، فجائحة كورونا أثرت بشكل كبير على معدلات البطالة ورفعتها لتقارب 25 في المئة، وبحسب الإحصاءات فإن هذا الانخفاض قدره (2.2 في المئة) مقارنة مع الربع الثاني من العام الماضي، وبانخفاض قدره 2 نقطة مئوية مقارنة مع الربع الأول من العام الجاري.
وبحسب التقارير الرسمية لهذا العام فإن معدل البطالة كان مرتفعاً بين حملة الشهادات الجامعية، حيث بلغت نسبة المتعطلين الذكور من حملة البكالوريوس فأعلى 25.5 في المئة مقابل 78.9 في المئة للإناث، كما بلغت نسبة المشتغلين 26 في المئة من مجموع القوى العاملة (15 عاماً فأكثر)، منهم 58.8 في المئة من الذكور، و60.4 في المئة من الإناث للفئة العمرية من 20-39 عاماً.
وتخرج الجامعات الأردنية نحو 68 ألفاً، فيما يذهب للعمل للأسواق الخارجية نحو 8 آلاف خريج، بينما يوفر السوق المحلي والقطاع العام نحو 30 ألف فرصة عمل، ويبقى نحو 30 ألف خريج وخريجة بدون عمل.
وقال رئيس مركز الدستور للدراسات الاقتصادية، عوني الداوود: «بدأنا ندخل مرحلة التعافي، وهذا التراجع مبشر، ويشكل دفعة أمل لتحقيق رؤية التحديث الاقتصادي، التي من أهم أهدافها رفع معدلات النمو وجذب الاستثمارات وخلق 100 ألف وظيفة في كل عام، وبالتالي فهذه البداية جيدة يمكن البناء عليها، بالتعاون مع القطاع الخاص، الذي يعول عليه بشكل أساسي».
وأوضح الداوود أن الأردن لديه رؤية للتحديث الاقتصادي وخريطة لتطوير القطاعات ومشروع جديد لتنظيم البيئة الاستثمارية، وهذه بمجملها تشكل بنية تحتية، يراهن عليها في مسار الاقتصاد للأمام، علاوة على مجموعة من الإجراءات التي ستحفز بشكل مباشر فتح أبواب فرص العمل، فأصبح هنالك مخصصات لدعم القطاعات المنتجة.
من جهته، أشار أستاذ الاقتصاد في جامعة اليرموك، د. قاسم الحموري إلى أن هذا الانخفاض يأتي نتيجة انتعاش القطاعات الاقتصادية وتعافيها بعد تعرضها إلى انتكاسة نتيجة الإغلاقات الجزئية والكلية، التي حلت عليها بسبب جائحة كورونا، وعادت القطاعات إلى عملها، وفتحت العديد من المؤسسات أبوابها من أجل التوظيف لاستكمال العمليات الاقتصادية، فضلاً عن أن القطاع السياحي وهو من أهم القطاعات يعيش حالياً الذروة في نشاطه، إضافة إلى أهمية برامج التشغيل، التي أسهمت في تراجع هذه المعدلات من خلال دعم القطاع الخاص في حال توظيفه عدد من الشباب العاطلين عن العمل، ولكن يبين الحموري في أن تراجع المعدل أمر جيد، «ومع ذلك تبقى معدلات البطالة مرتفعة ومقلقة، هذا الانخفاض يتم قراءته بشكل إيجابي لا سيما أننا في مرحلة إيقاف النزيف وأي تراجع يعتبر خطوة إلى الأمام، ولاستمرار الانخفاض بهذا المنوال يجب تتبع الحكومة خطوات لتحقيق الإصلاح الاقتصادي أبرز عناوينها عدم التعيين، وفقاً لمبدأ المحاصصة وغيرها، بل تكون الكفاءة هي الفاصل والمقياس، أيضاً يجب أن يتم تقليل عدد الوزارات ودمج الهيئات المستقلة، التي تكلف خزينة الدولة مبالغ طائلة». ويجد الحموري في أن هذه الخطوات يجب أن تتزامن مع الاهتمام بالاستثمار وخلق بيئة استثمارية جاذبة من خلال إيجاد منظومة من التشريعات المحفزة للمستثمر الأردني والأجنبي، إضافة إلى تأهيل الخريجين في الجامعات بالمهارات، فسوق العمل يحتاج إلى المهارات.
ومن جهته، يبين مدير مرصد العمال الأردني أحمد عوض في أن الانخفاض في معدلات البطالة مقارنة مع الربع الأول من العام يعد انخفاضاً طفيفاً، في حين أن هذا الانخفاض لو تمت مقارنة مع العام الماضي فيعد معقولاً، وهو كمحصلة لانفتاح القطاعات الاقتصادية، بحيث عادت ماكينة الاقتصاد إلى العمل، ومع ذلك فإننا نحتاج إلى جهد كبير من أجل توليد المزيد من فرص العمل.
وأوضح عوض «إن الأردن يحتاج إلى مراجعات في السياسات الاقتصادية وسياسات العمل، إلى غاية الآن لم نصل إلى معدلات البطالة ما قبل الجائحة، والتي بلغت 19.15 في المئة، وفي الحقيقة لدينا مشكلة تكمن في عدم تلبية الشهادات التعليمية في الأردن لمتطلبات سوق العمل».