|  آخر تحديث يونيو 28, 2022 , 0:09 ص

اليسارية السياسية


اليسارية السياسية



بعد حصوله على 50,47% من الأصوات في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية وفقاً لنتائج رسمية تشمل 99% من الأصوات أصبح المرشح اليساري( غوستافو بيترو ) أول رئيس يساري في تاريخ كولومبيا، بعد أن فاز في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية وبفارق 700 ألف صوت عن منافسه رجل الأعمال ( رودولفو هيرنانديز ) ، وتصدّر بيترو البالغ من العمر 62 عاماً بإستمرار استطلاعات الرأي العام نتيجة تعهده بأمور عدة منها إعادة توزيع رواتب التقاعد وإلغاء رسوم الجامعات ومكافحة التفاوت الطبقي العميق ، كما تعهّد بيترو بالالتزام بإتفاق السلام المبرم عام 2016 مع متمردي جماعات القوات المسلحة الثورية اليسارية( فارك ) إضافة إلى السعي لإجراء محادثات سلام مع متمردي جيش التحرير الوطني وكذلك وقف جميع عمليات تطوير النفط والغاز الجديدة.
وتعهّد بيترو بأن كولومبيا: ” ستقود مكافحة تغير المناخ في العالم ” من الآن فصاعداً وتنقذ غابات الأمازون الى جانب البلدان الأخرى في القارة .
ولكن … ما المقصود باليسارية؟ من أين جاءت التسمية؟
قبل اندلاع الثورة الفرنسية كانت فرنسا تحكمها سلالة ملكية تحمل اسم ” لويس ” ، وقد امتدت سلطة هذه السلالة لقرون من الزمن، وكانت الثورة الفرنسية قد تفجرت في عهد الملك ” لويس السادس عشر ” ، كان نوع الحكم من الناحية السياسية في فرنسا ذا طبيعة استبدادية ومركزية شديدة، حيث كانت جميع مقاليد الأمور بيد شخص الملك ، إلى الحد الذي قال معه المؤرخ الفرنسي الكبير ( آلبر ماليه ) في كتابه ( تاريخ القرن الثامن عشر والثورة الفرنسية الكبرى وامبراطورية نابليون ) ، نقلا عن ( دون فورجان ) سنة 1783 للميلاد : ” لم تكن فرنسا طبقة رجال دين ولا طبقة نبلاء، ولا طبقة ثالثة، كان هناك سلطان يأمر ورعية تطيع فحسب ” .
وإن النظرية السياسية التي كانت قائمة منذ القرون الوسطى على أساس ” الحق الإلهي ” ، تمنح هذا الحق الى الملك في فرنسا وتطلق له العنان ليفعل ما يشاء ، كانت المفردة السياسية الأهم لذلك العصر هي ” الملك ” ، وكانت السلطة الفرنسية وعلى رأسها لويس السادس عشر ، ترى أصالة وجود سلسلة المراتب في إدارة الدولة وكان يذهب بأن الله قد منح البشر قدرات غير متكافئة، وعليه فمن الطبيعي أن يتم تقسيم المناصب والمواهب الاجتماعية والمادية بشكل غير متساوي، وإن العمل على خلاف هذه القاعدة ، يمثل خروجاً على الارادة الإلهية.
في 21 يناير 1793 في ساحة الثورة ، تمّ إعدام الملك لويس السادس عشر ، حيث يعتبر إعدام لويس من الأحداث الرئيسية للثورة الفرنسية، بعد أحداث أغسطس 1792التي شهدت على سقوط الحكم الملكي بعد هجوم الثوار على توليري، تم اعتقال لويس السادس عشر أثناء محاولته الهرب من فرنسا وأوضع في السجن بصحبة عائلته، وأُدين بتهمة الخيانة العظمى وحُكم عليه بالإعدام وبنفس العام أُعدمت زوجته( ماري انطوانيت ) بالمقصلة . ومنها أُعلن عن قيام الجمهورية الفرنسية الأولى في 21 سبتمبر عام 1792 ، حيث جلب موته نهاية نحو ألف سنة من الحكم الملكي المستمر لفرنسا.
من أين جاءت تسمية ( اليمين واليسار ) ؟
في عام 1789 اجتمع أعضاء المجلس الوطني الفرنسي لمناقشة مستقبل البلاد أثناء الثورة الفرنسية، ومع مرور الوقت جلس مؤيدي بقاء الملك بكامل سُلطاته( المحافظين ) على يمين رئيس المجلس، بينما جلس مؤيدي تقليص سُلطات الملك على يساره( التقدميين ) .
ومن هنا بدأت فكرة أن كل من يريد المحافظة على تقاليد المجتمع المعروفة هو محافظ /يميني، وكل من يريد أن يُعطي قدراً أكبر من الحرية للمجتمع من الناحية الاجتماعية والسياسية هو يساري /تقدمي .
اليسارية السياسية:
الإتجاهات اليسارية تقوم في مجملها على أساس افتراض أن الملكية الخاصة شر اجتماعي، وأن تراكم الثروات الشخصية خطر أخلاقي ، يتعين التقليل منه إلى أدنى حد ، لذلك يصوغ الحياة الاقتصادية في إطار البعد الاجتماعي المتناسب معها، وذلك عن طريق التخطيط العقلاني الذي تنهض به الدولة ذاتها مما ينظم في النهاية المدخلات والمخرجات الاقتصادية ويحقق فرضية العمالة الكاملة .
جناح اليسار يشير إلى جماعة أو حزب ينادي بالتغييرات الجذرية والراديكالية في المجتمع.

 

 

 

أيديولوجية الحزب اليساري :
تتبع اليسارية بشكل عام المنهج العلماني، وهو المنهج الذي يقوم على الفصل بين الدين والدولة ، حيث يرى بعض اليساريين أن مهام الدين يجب أن تكون محدودة ومحصورة بشكل كبير في جميع نواحي الحياة .
في الستينيات ظهر تيار يساري جديد تم اعتباره بأقصى اليسار أو ( اليسارية الراديكالية ) أو ( اليسار الجديد ) والتي اختلفت عن اليسارية التقليدية بتوجيه اهتماماتها نحو قضايا اجتماعية تعدت حدود كونها قضية دفاع معينة وبدأ العديد من اليساريين الجدد نشاطاً ملحوظاً في مجال ” حقوق الإنسان وحقوق الحيوان وحماية البيئة وحرية الرأي والتعبير وحقوق المثليين والتوجه الجنسي ومعارضة رهاب المثلية وغيرها من القضايا التي اتخذت أبعاد أكثر شمولية من اليسارية التقليدية.

 

 

بقلم: فاتن الحوسني


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Facebook Auto Publish Powered By : XYZScripts.com