كلما احتشدت الخطوب، وتزايدت التحديات، لا نجد للمهام العظيمة إلا الرجال العظماء، أصحاب الرؤية الثاقبة والبوصلة الصائبة، الذين يستطيعون بفكرهم السباق وجهودهم المثابرة، توجيه دفة السفينة نحو بر الأمان، وما نراه اليوم من تغيرات وتقلبات إقليمية وعالمية متسارعة تتطلب التعامل معها بكفاءة عالية لتجنب تأثيراتها السلبية، واقتناص فرصها الإيجابية، يؤكد أن الجهود الاستثنائية التي يقوم بها محمد بن زايد لترسيخ مبدأ العمل المشترك في مواجهة التحديات الراهنة، تجسد مساعي جليلة لتعزيز حصانة المنطقة وقدرتها على حماية استقرارها وأمنها ومواصلة خططها التنموية.
هذه الجهود، التي جاء آخرها اللقاء الثلاثي الذي جمع محمد بن زايد والرئيس المصري وملك الأردن، في القاهرة، أول من أمس، ليست وليدة اليوم، فهي تستند إلى إيمان دائم بأن الأمن العربي القومي كل واحد لا يتجزأ، وأن توحيد الصف والكلمة والموقف هو السد المنيع في وجه أي أزمات أو مخاطر، وهو الكفيل بتحصين المنطقة واستقرار شعوبها وتحقيق تنميتهم وازدهارهم وطموحاتهم.
ما يقوم به محمد بن زايد من جهود مستمرة لا تتوقف في هذا الشأن، هي جهود ملحوظة وقيمة، لها تأثيرها الكبير على تقوية الصف وتوحيده، خصوصاً وسط الظروف الدولية الحالية، مع إدراك الإمارات وقيادتها لطبيعة هذه الظروف وما قد تتركه على العالم من نتائج على كل المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وما يتطلبه ذلك من المسارعة إلى تهيئة الإمكانيات لصد أي تهديدات وتأثيرات على المنطقة، وتعظيم الوسائل والأدوات لمواصلة مشاريع التنمية الطموحة، وهو ما لا يمكن أن يأتي بأفضل نتائجه بعيداً عن التعاون المشترك عربياً في جميع المجالات.
تؤمن الإمارات كذلك بأن الاقتصاد هو العامل الأهم والأكثر تأثيراً على جميع الجوانب، وأن النهوض باقتصاد مستدام للمنطقة يحتاج، كأولوية قصوى، إلى ترسيخ السلام والاستقرار لتفعيل مسارات التنمية عبر تعاون جامع يعلي من المصالح المشتركة للدول والشعوب، ولذلك كله فإن هذه المشاورات بين الدول الثلاث، الإمارات ومصر والأردن، من شأنها أن تعطي زخماً لبناء موقف وتعاون عربي صلب في ظل هذه الظروف الدولية الحساسة، نظراً لما تمتلكه هذه الدول من ثقل وتأثير وازن إقليمياً ودولياً.
الجهود الاستثنائية التي يواصل من خلالها محمد بن زايد، تعزيز هذا المطلب العربي الضروري لتمكين العرب وقضاياهم من التعامل بقدرة وكفاءة مع أي تغيرات وظروف، هي مهمة عظيمة ونبيلة يبادر إليها سموه على الدوام بهمة عالية ومخلصة لترسيخ أعمدة وأركان قوية وفاعلة لخدمة العرب وقضاياهم ومستقبل أجيالهم.
بقلم: منى بوسمرة